إبحث عن موضوع

قصة ساعي البريد📬 الجزء الاول

ساعي_البريد

الجزء الأول
أنا ( هاني ) ساعي البريد الجديد في المنطقة ولا أعلم إن كانوا أتوا بشخص أخر من بعدي أم لا .
اعيش في منطقة شبرا في شارع (******) لا تستعجلوا ستقرؤوا اسم الشارع في الصحف قريبا .
تسلمت العمل في أول الشهر الجاري ، بعد العديد من الوظائف التي لم أستمر بها ، و لكني أعتقدت في أول الأمر أنها ربما تكون الاخيرة : فالمرتب مناسب بالنسبة لحجم الأعمال المطلوبة و العمل بها روتيني لأقصي درجة و أنا أعشق هذا الملل ، و أيضا  توزيع البريد سيكون في المنطقة التي أعيش بها اذا سأذهب إلي البيت في وقت غير متأخر .
اعتقدتها وظيفة سهلة في البداية ، فلطالما حسدت هؤلاء السعاة ( سعيدي الحظ ) يطرقون الأبواب و يسلمون الرسائل ثم يمضون في طريقهم .
حسنا هو ذلك بالضبط بالإضافة الي بعض الأشياء الأخري و لكنني أستسغته بعد فترة ليست بطويلة .
تتاح لك تلك الفرصة إلي طرق أبواب كثيرة و رؤية أناس أكثر في أوقات مختلفة من يومهم ، فالأستاذ محمد الساكن في الدور السادس تصله رسالة أسبوعية تحديدا يوم الأربعاء من اخيه الذي يعيش في فرنسا و الاستاذ أيمن مالك العقار الذي يواجهه تصله رسائل من البنك الذي يودع فيه نقوده بصورة اسبوعية ايضا ، هذا الرجل ثري ثراءا فاحشا ، فالأصفار الموجودة في رسائله تتزايد بمعدل اكبر من معدل تكاثر الأرانب التي اعتادت أمي رحمة الله عليها أن تربيها
كيف يعيش هذا البخيل في هذا الشارع الحقير ، من إذا الذي يسكن في القصور التي نراها في التلفاز؟!
و مدام ( رانيا ) و رسائلها الأسبوعية التي تصلها من زوجها الذي يعمل في احدي دول الخليج ، لن اجد كلاما يوفي هذا الرجل حقه ، فلقد صنعني معروفا  لن يعرف مدي تاثيره علي حياتي
فلقد سمح لي برؤية قمر الليل في الصباح ، لا تستهزؤا بي فأنتم لم ترونها .
تلك العينين الواسعتين ، تلك الاصابع الطويلة التي لا تليق الا علي طبيبة ، تلك التفاصيل التي اتفحصها كلما ذهبت اليها .
لطالما ذبت عشقا في التفاصيل فهناك يكمن كل جميل .
تلك الحواف الدبقة للمظاريف ، ذلك السلم ذا الدرجة المكسورة ، السنة الذهبية التي يمتلكها ذلك العجوز ، أما ( رانيا ) فهذه المرأة عبارة عن لوحة فنية تستحق ان ترسم .
لا أعلم حقا ما السبب الذي دفعني للافتتان بها و لكني وصلت الان الي الاستنتاج انه الفضول الذي قتل القطة .
لعلكم فهمتم انني شخص فضولي و لكنني لم اكن كذلك بالسابق ، حسنا كنت فضولي بصورة أقل من ذلك و لكنني لربما طورت هذه الموهبة اثناء هذه الوظيفة .

هل حملتم رسالة مغلقة من قبل و تسائلتم عما يوجد بداخلها ؟ فكروا مليا قبل أ تردوا . هل هذه الابواب المغلقة لم تسترعي انتباهكم من قبل ؟ هل تساءلتم عما يحدث ورائها ؟
هل تساءلتم عن أسرار هؤلاء الأشخاص و كيف يعيشون حياتهم ؟

قاومت ذلك الشعور كثيرا في أول اسبوع عمل لي و لكني استسلمت في النهاية ، لم اترك شيئا مغلقا . لم اطرق بابا  و فتح لي إلا و استرقت النظر لكل ما وصل نظري اليه و كأنني احفظ الصور في عقلي و انسج الباقي في خيالي .
أن تعرف تفاصيل حياتية لأشخاص تراهم و هم لا يعلمون بذلك لأمر شديد الاثارة في نفسي .
أشعر و كأني بطل خارق اعرف كل شئ ولا يعرف غيري ذلك .

لطالما سألت نفسي كثيرا كيف بمن يتزوج بإمرأة مثل هذه أن يتركها و يسافر ؟
للحق حاولت كثيرا في التقرب منها ، و لكني لم أجد منها قبولا . انها إمرأة محترمة و ليست بخائنة .
كان كل اهتمامي منصبا عليها و لكن بعد مرور حوالي شهر بدأت أسلم اليها رسائل قادمة من شخص اخر غير زوجها ، عرفت هذا من عنوان المرسل . انه شخص يعيش في نفس المنطقة
من هذا الحقير الذي يحاول أن يسرقها مني ؟!

كانت أول رسالة مجرد رسالة تعارف من هذا الشخص بها و لكنه لم يذكر اسمه ، لعله خاف ان افتح الجواب ، لعله لا يود أن يعلن هويته ، أم أنها تعرف من هو هذا الشخص . أياكان ولكنه لا يحق له ان يكلمها انها امرأة متزوجة .
و لكن و للحق لو اني فتاة و قرأت كلام هذا الحقير لوقعت في حبه علي الفور .
حاولت الا اظهر اني عرفت شيئا و أنا اسلمها الجواب و لكني كنت أنظر لها متسائلا عن رد فعلها بعدما تقرأه . لا أريدها أن تستسلم ، حتي أنها ظلت تشد الجواب من يدي و أنا متعلق به .
اسنفقت و تركته و أعتذرت لها مغادرا .

لما نزلت إلي الشارع ظللت انظر الي الشرفات في الأعلي لعل المرسل يقف في احداها و لكن اعتقد ان سكان العمائر كلها عرفوا ببحثي و قرروا الخروج جميعا الي الشرفات .

ظللت أنتظر موعد الجواب القادم ربما لأكثر منها لو أنها رضخت . و لكن اطمأن قلبي لما قرأته و عرفت أنها لم تعيره اهتماما .

مر حوالي شهر علي هذا المنوال ( رسالتين كل اسبوع من زوجها و من العاشق السري و الاثنتين في نفس اليوم ، حتي اليوم الذي تغير فيه كل شئ  )

ذهبت للمكتب لاحضر رسائلها و لكني لم اجد الإ رسالة زوجها فقط ، اذا فقد استسلم اخيرا ، طار قلبي فرحا و ذهبت برسالة زوجها اليها .

طرقت باب الشقة فانفتح في الفور و كأنه ترك مفتوحا .

هل تركته لي مفتوحا فهي تعلم موعد قدومي ، لا ربما اصابها شئ ما و تحتاج للمساعدة في الداخل . هل أدخل  ؟ربما أتصلت بالشرطة و قالت عني لصا ، حسنا سأدخل و ليحدث ما يحدث ، بالأحري هي تنتظرني  . هكذا حدثت نفسي .

دخلت ماشيا علي اطراف اصابعي فوجدت صالة ليست بكبيرة علي كل جانب منها غرفتين ، ليست بكبيرة و لكنها جميلة وتنبعث منها رائحة الياسمين ، و لكن هناك تلك الرائحة الغريبة التي لا اعرفها بعد .
خطوت خطوتين للداخل و ارجعت الباب مكانه  و قلبي يكاد يقفز من قفصي الصدري من فرط الخوف و الحماسة معا .
الغرفتين علي يميني حمام و مطبخ و علي يساري مغلقتين . تحركت ببطئ و فتحت الاولي ، لم تكن سوي غرفة مجهزة للاطفال و الواضح انهم لم يرزقوا بهم بعد .

لم اتحرك ببطئ ، هل انا داخل لسرقة الشقة أم أنتوي بالتسبب لها بسكتة قلبية عندما تتفاجئ بي متسحبا هكذا . لا لن تتفاجئ هي تنتظرني هي تعلم موعد قدومي و تركت لي الباب مفتوحا .
رانيا ... قلتها بصوت مرتجف  و لم يأتيني رد .
أنتقلت للغرفة الأخري أفتح بابها ببطئ و جدتها نائمة علي السرير و مغطاة بشرشف أحمر غامق .
اغلقت الباب مرة اخري و هممت بالخروج و نظرت ناحية الباب فوجدت شخص ضخم الجثة ينظر لي و يبتسم و حوله مجموعة من العساكر . انها الشرطة ....

تتبع ......

ليست هناك تعليقات