إبحث عن موضوع

قصة ساعي البريد 📬الجزء الثالث

ساعي_البريد
الجزء الثالث
فكرت أن أبلغ الشرطة و لكن لم أجد شيئا حقيقيا يربطه بها ؟ هم يبحثون عن الأدلة لا عن عن الظنون . و لكني حتما سأجد واحدا ، حدسي يخبرني بذلك .

ذلك الشعور المبهم الذي يخبرك بأنك علي حق ، ليس إثباتا منك لخطأ الأخرين و لكن ثمة شخص بداخلك يخبرك بأنك تري الحقيقة . و هذا الشعور نصفني أغلب الأوقات .
أخذت أتابع عملي بصورة طبيعية في النهار و لكن في الليل أذهب الي عملي الأخر و هو مراقبة ( أيمن ) .
غيرت قصة شعري ، و أرتديت نظارة طبية قديمة كنت أرتديها قبل خضوعي لعملية الليزك ، و أرتديت طاقية ( كاب ) و وقفت أمام المرآة انظر لنفسي في فخر .

لقد نفعتني الأن كل الأفلام الأجنبية التي شاهدتها من قبل ، من سيراني لن يعرفني الأن .
فلترقدوا في سلام أيها الجواسيس .

خرجت من البيت متحمسا و لما أقتربت من القهوة ، التي تقع علي أول شارع أيمن و التي كنت أنتوي أتخاذها مكانا للمراقبة ، تركتني شجاعتي و ولت هاربة و بدأت بالإرتعاد .

بدأت أفكر أنه لو رآني أحدهم الأن هكذا لن يثبت الجريمة علي فقط و لكنهم سيتهمونني
( بهيئتي هذه ) بالتدبير لجريمة جديدة .
بعد تردد كثير جلست علي القهوة و أنا أحاول أن أبدو هادئا ، لو كنت  أعملت عقلي قليلا لما أقدمت علي تلك الخطوة الغبية .

بدأت أنظر حولي ، لا أحد ينظر إلي و بالأحري أعتقد أنهم لا يرونني أصلا فأعينهم متوجهة صوب التلفاز يشاهدون إحدي المباريات

هذا شئٌ جيد ، حتما شئ جيد .

بدأت ارفع عيني تجاه شرفة أيمن و نظرت بعدها ناحية شرفة رانيا و تذكرتها ، ياله من حقير .
أشعلت سيجارة وطلبت كوبا من الشاي و أنا انظر بين الحين و الأخر الي مدخل العمارة ثم انظر الي الشرفة . إذا كان سيخرج فسوف يعبر من أمامي فالنهاية الأخري للشارع مسدودة .

أنا لا أعلم حقا ماذا سأجد من مراقبته ؟ . كنت أفكر في تتبعه عندما يخرج من البيت لعلي أصل إلي شئ . و لكن حقا إلي أي شئ سأصل ؟ هل سيذهب إلي مكان بعيد فيه الجوابات التي كان يرسلها ؟ و سأخطفها أنا من يديه و أذهب بها إلي الشرطة . أم سيذهب إلي قبرها و يعترف بكل شئ أمام بابها و أسجل هذا الكلام لأدينه به ؟
يا لي من مغفل كبير ، لقد أفسدت الأفلام ما تبقي في عقلي سليما . لقد كان السجن عدلا في حقي ، ليس لارتكابي جريمة و لكن لهذا الغباء الصافي .
هممت بالقيام و العودة الي البيت و ما إن قمت من مكاني و جدت أيمن قد غادر باب عمارته ، وقفت قليلا في مكاني مفكرا ، ثم مشيت ورائه .
اعتقد بعد تلك الخطوة الأكثر غباءا من سابقتها أنني أدركت ما الذي دفعني للخروج من المنزل في الأساس ، ليس بحثا عن قاتل رانيا بالطبع هو سبب ، و لكن السبب الرئيسي هو الفضول .
أعتقد أنني مللت من قراءة الجوابات ، أردت شيئا أكثر من ذلك ، معلومات أكثر ، تفاصيل أكثر ، إثارة أكثر و إرضاءا أكثر لفضولي .

هل تعرف ما الأمتع من قراءة رسائل الأخرين الخاصة و استراق النظرات علي بيوتهم لما يغيبوا عنك و لو لحظة واحدة ؟

الأمتع هو أن تري عن قرب ، فهناك الكثير من المتعة في الكثير من التفاصيل .

لطالما سألت نفسي من أول يوم عن طبيعة عمل أيمن هذا . ما هذا العمل الذي يدر له هذا الكم الطائل من الأموال ؟ و الأغرب كيف لا يمتع نفسه بها ؟ فالرجل حين تراه تجده عاديا في كل شئ ، في ملابسه ، في بيته . ما النفع العائد عليه من اكتناز هذه الأموال اذا ؟
توقفت فجأة في مكاني و قد تذكرت شيئا . لن أجني شيئا من السير وراؤه ، و لكني حتما سأجد شيئا في بيته .
الشقة فارغة و لا يوجد بها أحد ، سأدخلها و حتما سأجد هناك شيئا ما .
فكل إنسان مهما بلغ ذكائه حتما يخطئ ولا توجد جريمة كاملة .

عادت الأفلام تعبث بعقلي مرة أخري ...

تتبع ......

ليست هناك تعليقات