إبحث عن موضوع

الفصل الثاني من "ويشاء القدر"💜

الفصل الثانى من.."و يشاء القدر"..🌍💙

بين نفحات الهواء اللطيفة و أصوات الطيور الخفيفة و الحزن الذى يزداد بدرجات ليست بطفيفة..
كانت ندى تجلس فى حديقة الملجأ وحدها شاردة و كأنه يدور فى ذهنها الكثير و الكثير،و لم يمضِ إلا القليل من الوقت حتى لحق بها بلال
فعندما أحست باقتراب أحد منها نظرت فوجدته صديقها فنظرت مرة أخرى للفراغ
سألها بلال ببراءة لأنه لم يفهم ما بها:مالك يا ندى؟!
لم تنظر إليه و قالت بحزن و عيون دامعة:هو أنا ليه مش عندى بابا و ماما زى باقى أصحابى اللى فى المدرسة؟!
قال لها بحزن أيضًا بعدما فهم ما بها:طب ما أنا كمان مش عندى بابا و ماما يا ندى
كادت أن تتحدث و لكنهما سمعا صوت يقول بحُب:بس أنا معاكم و مش هسيبكم
نظرا لمصدر الصوت فوجدا أنها أسماء و تنظر لهم بحنان ثم اقتربت منهما و جلست بينهما و قالت بمزاح:اممم ولا مش عاوزينى؟!
احتضنها الطفلان بقوة و قالا لها ببرائتهما المعتادة:لا احنا بنحبك و عاوزينك معانا على طول
ابتسمت بشدة و احتضنتهما هى الأخرى و قالت بنبرة ممتلئة بحبها المكنون لهما:و أنا مش هسيبكم أبدًا
قالت لها ندى و هى تبتسم بصفاء:طب احنا هنلاقى بابا و ماما امتى؟!
لم تعرف بما ترد على هذه الطفلة الصغيرة
أتقول لها بأن أحد يخصهما هو من تركهما أمام الملجأ؟!
أم تقول لها بأن بلال ابن عمها؟؟؟
أم تقول لها بأنها تخاف عليهما بشدة مِن مَن تآمر هذه المؤامرة الشنيعة و حرمهما من أهليهما؟؟!
تخاف بطريقة غير مفهومة حتى من قِبَل نفسها
هزتها ندى فجعلتها تفيق من هذه الأفكار التى تشك بأنها ستقتلها ذات يوم..
فقالت أسماء لهما مداعبة و هى تحاول أن تتصنع الابتسام:يعنى لو لقيتم اهاليكم هتنسونى؟!
قال بلال بسرعة و هو يحاول أن يصلح الخطأ الذى تهيأ له أنهما أحدثاه:لا لااا احنا هنفتكرك دايمًا و هنيجى نزورك و نزور أصحابنا اللى هنا كمان
هزت ندى رأسها موافقة الرأى له و قالت ببراءة و ابتسامة جميلة ارتسمت على شفتيها:أيوة هنيجى على طول
احتضنتهما أسماء مرة أخرى و حمدت ربها أنها استطاعت أن تزيل سحابة الحزن التى تأتى دائما مع ذِكر هذا الأمر و قالت فى سرها:
الحمدلله أنى بحاول أنسيكم كل مرة بس لإمتى؟!
************************
و كما نعلم أن الحياة مليئة بالاختبارات،،
و لكن مهما كانت صعبة علينا فهناك الأصعب و الأصعب على غيرنا..
عندما نرتطم بأوجاعنا نشعر بأن الحياة انتهت مع بداية هذه الأوجاع..
و لكن عليك أن تعرف أن الحياة لا ترحم إلا من استطاع العناد بوجهها،الحياة تستمر مع مَن يستطيع مقاومتها و بشدة..
فيجب أن نتحلى ببعض من روح المقاومة و الصبر لكى نتخطى كل ما تحمله الحياة من متاعب و لا نهرب منها بل نقف قبالتها بقلوب تردد "نحن أبطال" حتى نجتازها..
و على جانب آخر من جوانب الحياة كانت هذه المرأة تشكو لربها حزنها و قلة حيلتها،ظلت تناجى ربها حتى ما قبل آذان الفجر بقليل من الوقت إلى أن وصل صوت نحيبها إلى زوجها النائم الذى استيقظ على هذا الصوت..
ذهب إليها فسمعها تقول باكية:يااارب أنا نفسى فى طفل نفسى أحس بشعور الأم و أنى أكون أم
يااارب متحرمش زوجى من أنه يكون أب يااارب والله مش قادرة أتكلم و أنت عارف اللى فى قلبى
شعرت بيد تمتد إليها و تمسك يدها فعرفت أنه زوجها فـهمّت لـمسح دموعها التى سبقها إليها و مسحها برفق عن وجنتيها و قال بحُب مشوب ببعض الحزن:هتفضلى تعيطى كتير؟
من ساعة ما جينا من عند الدكتورة و أنتِ مش قادرة توقفى دموعك و مش بتاكلى و لا بتشربى
قالت بمحاولة منها أن تتماسك:عاوز ايه دلوقتى؟
أفرح إزاى يعنى يا محمد؟!
حتة عيل مش قادرة أجيبه و العيب منى أنا
مش قادرة أسامح نفسى لنفسى و لا قادرة أسامح نفسى ليك أنت لان بسببى مش قادر تكون أب و لما قولتلك اتجوز تانـ...
قطع حديثها بأنه وضع يده على ثغرها و صرخ بوجهها و قد بدأ فى البكاء المسموع و ليس جهرًا:هو أنا مش قلتلك متتكلميش فى الموضوع ده تانى يا إيمان؟!
أنتِ يعنى يهون عليكِ أكون مع واحدة تانية غيرك؟!
لو يهون عليكِ كده أنا ميهونش عليا يا إيمان
اندثرت بين أحضانه و ظلت تبكى و هو لم يمد يديه لاحتضانها إلى أن قالت و قد شعر بأن صوتها قادم من أعماق قلبها:أنا بحبك يا محمد و خايفة عليك أوى والله و نفسى أفرحك
أحاط يديه حولها و قال بكل حبه لها:و أنا بحبك يا قلب محمد و مش عاوز من الدنيا غيرك أنتِ أنا متجوزك أنتِ
قالت بيأس بعدما اعتدلت فى جلستها:يعنى خلاص يا محمد خلصت على كده؟!
الدكتورة قالت مفيش أمل خلاص بعد عشر سنين جواز أهو
قال و هو يبتسم لها بحنان: ﴿و لا تيأسوا من روح الله﴾..
ابتسمت ابتسامة صغيرة و قالت:و نعم بالله
بس يا ترى أمنيتنا دى هتتحقق؟!
ما قد انتهت من كلمتها حتى علَا صوت المؤذن لآذان الفجر قائلًا:الله أكبر
نظرت لزوجها و قالت و قد ارتسمت الابتسامة الحق على وجهها و قالت بدهشة:ممكن تكون دى إشارة من ربنا؟!
احتضنها بقوة و قال و هو يرتجف:﴿أجيب دعوة الداع إذا دعان﴾
اللهم لك الحمد يااارب أنا راضى بالإشارة دى والله
*********************
فى بيت آل حجازى الذى خيم الحزن على سقفه و أجوائه،كانت سمية تنادى على زوجها لصلاة الفجر و هى تقول بهدوء:يلا يا أبو بلال اصحى بقا علشان صلاة الجماعة فى المسجد
استيقظ ياسين و قال بصوت ناعس:أنا والله صحيت من قبلك و جهزت نفسى بس غصب عنى غفيت على الكرسى يلا خير هقوم كده يا حبيبتى علشان ألحق الصلاة
همّ بالذهاب فأوقفته قائلة بآسى:متنساش تدعى أن ربنا يقرب البعيد و يرد لينا بلال
نظر لها و قال بنصف ابتسامة:مش بنسى و لا هنسى
احتضنها ثم ذهب و ظلت هى تردد بثقة:يارب رد إلينا ضالتنا
********************
فى الصباح فى ملجأ "الملائكة"..
كانت أسماء تعد الفطور للأطفال هى و رباب فجاءت إليهما دينا و قالت بمحبة:أقدر أساعدكم فى حاجة؟!
قالت لها رباب بابتسامة:حبيبتى يا دينا منتحرمش  منك أبدًا يارب
قالت أسماء بمداعبة:أيوة بقا عندنا ٢٢ سنة مين قدنا
قالت دينا بدهشة:أنتِ فاكرة عيد ميلادى يا أستاذة أسماء؟!
ضحكت أسماء بصوت مسموع و قالت:أومال هنسى يعنى؟!
قالت هذا ثم دخل جميع الأطفال و كل من فى الملجأ و هم يرددوا معًا:
سنة حلوة يا جميل تشا تشا تشا
سنة حلوة يا جميل تشا تشا تشا
سنة حلوة سنة حلوة سنة حلوة يا جميل
اغرورقت عيون دينا بالدموع و ظلت تشكرهم جميعًا
فغمزت أسماء لأحمد و هو شاب فى نفس الملجأ أيضًا و هو فى سن ٢٥ و يحب دينا بجنون
فذهب إلى دينا بعدما أخذ الموافقة من أسماء و قال بصوت مرتفع متوتر:احمم احممم ممكن تسمعونى؟!
قالت رباب بفرحة لأنها تعرف ماذا سيقول:اهدوا يا أولاد خلونا نسمع أبيه أحمد
عمّ الهدوء فى لحظة و العيون كلها تترقب ماذا سيقول أحمد
تنحنح أحمد مرة أخرى و قال و هو يرتجف و قد احمر وجهه بشدة:دينا بصى اسمعينى
ضحكت ندى و قالت بمزاح:تبص و لا تسمع؟!
قرصها أحمد و قال بتوتر:بالله عليكى مش ناقصك أنا محروج لوحدى
كان قلب دينا يتراقص فرحًا فقد خمنت ما سيقوله لا هى متأكدة مما سيقوله
نظر لدينا مرة أخرى و قال بكل حبه:تتجوزينى يا دينا؟!
شهق الجميع و شهقت هى الأخرى و وضعت يديها على فمها لأنها لم تتوقع رد فعلها و لم تتخيل وقوع هذه الكلمة على مسامعها لم تتخيلها قَط
تابع حديثه بعيون فرّت منها الدموع:أنا بحبك يا دينا و احتفظت بكل ده لحد ما أقدر أجى أقولك تتجوزينى مع بحبك علشان كنت خايف من رد فعلك لما أكون مش جاهز و محبتش أربطك بيا و أنا مش ضامن نفسى
و كنت خايف ييجى اللى أحسن منى و ترفضيه بسببى
بس أنا اتعلمت و دخلت كلية و اشتغلت و وفرت مبلغ محترم و كمان أجرت بيت لحد ما أقدر أشترى واحد و معايا فلوس لكل ما هتحتاجيه بإذن الله و كل ده بمساعدة أستاذة أسماء و هى اللى كانت بتشحنى بالإرادة و أنى أحقق حلمى اللى هو أوصل ليكى و قدرت أتكلم و يوم ميلادك
هسألك تانى تقبلى تتجوزينى؟!
خيّم الصمت على الجميع و لم يسمعوا سوى شهقات بعضهم البعض و لكن هذه المرة شهقات بكائهم و ليست شهقات التعجب و الدهشة الأولى
نظرت له دينا بحب و هى تبكى بشدة و قد احمر وجهها جدًا:موافقة
هللوا جميعًا فرحين بما حدث للتو و لأن دينا تستحق كل هذا و أكثر لأنها تمتلك قلبًا من ذهب
ذهبت إليهما أسماء و قالت بحنان و قد ارتسمت ابتسامة جميلة على وجهها البشوش:ربنا ما يحرمكم من الفرحة يااارب و مبااارك ليكم أنتوا حلوين و تستاهلوا بعض
احتضنتها دينا بقوة و قبلت خدها و قالت:متحرمش منك أبدًا ياااارب
قال أحمد و الفرحت تغمره:يناسبك الفرح امتى؟!
سابقت أسماء بالرد و قالت بمزاح:احنا كل حاجة جاهزة و هنعمل خطوبة و كتب كتاب و فرح كله كله سوا عاوزين نخلص
ضحكوا جميعًا ثم سأل أحمد دينا:موافقة على كده؟!
ابتسمت دينا و قالت بخجل:موافقة
رد لها أحمد  الإبتسامة و قال بلهفة:خلاص يبقى خلال أسبوع بقا بإذن الله
قالت أسماء:بإذن الله
*******************
و نعود لمنزل آل حجازى مرة أخرى
فها هى من كانت الحائل و السور الذى قطع حبال اللقاء و زرع لهيب الاشتياق فى قلوب كل من فيه..
ها هى تتنعم و قد شردت الطفلين بدون أى ذنب منهما
كانت سهير تجلس فى الحديقة و تشرب قهوتها المعتادة و هى تتحدث فى الهاتف و تقول:اممم تمام هبعتلك النهاردة الفلوس علشان تبعتها الملجأ احنا اتأخرنا عليهم كده
أغلقت الهاتف عندما رأت الخادمة مقبلة عليها و قالت صارخة فى وجهها:أنتِ بتتصنتى عليا يا قليلة الأدب
ارتجفت سميرة و هى الخادمة التى استمعت لها من قبل و قالت ببكاء:لا لا أنا معملتش كده ليه بتتهمينى و لا أعرف أنك كنتِ بتتكلمى أصلًا
نظرت لها سهير و هى تتفحصها و قالت بعد أن أيقنت أنها لم تسمعها:خلاص يلا يلا من هنا
قالت سميرة و هى تمسح دموعها و قد تنفست الصعداء:حاضر يا هانم حاضر
ذهبت سميرة و هى تقول فى نفسها:لا أنا سمعتك يا هانم و سمعت كل حاجة بس للأسف مش فاهمة
بس لازم هفهم و لازم أحمى أهل البيت من شرها لازم
لأن مش اول مرة الموقف يحصل ده اتكرر أكتر من مرة و لازم أشوف حل
ياارب لطفك

ريهام_يحيى

ليست هناك تعليقات