إبحث عن موضوع

الفصل الاول من "ويشاء القدر" 💜

الفصل الأول من "و يشاء القدر"..🌍💙

مع رائحة الورد المختلطة برائحة القهوة القادرة على إحياء أفراح و مآسى الحياة كان هناك صوت طفلة صغيرة فى أحد دور الأيتام القاطنة بالقاهرة تنادى بصراخ على رئيسة هذا الدار و هى تعدو و تلهث بشدة و العرق قد نبت على وجهها الصغير:يا أستاذة أسماء يا أستاااااذة أسمااااء
فقابلتها الرئيسة أسماء و هى امرأة فى نهاية العقد الثلاثين من عمرها و كانت تحمل فنجانًا من القهوة و قالت بدهشة ظاهرة على ملامح وجهها:مالك يا دينا حصل حاجة يا بنتى؟!
قالت الطفلة دينا و يكاد قلبها أن يخرج من بين ضلوعها بسبب سرعة خفقانه:فى بـ...فى برا يا أستاذة أسماء فى برا طفلين صغيرين و كمـ....
صرخت أسماء بعدما انسكب فنجان القهوة من يدها و أمسكت كتفَى الطفلة و هزتها قائلة بفزع:طب ليه مقولتيش بسرعة يا دينا لـيه؟؟
افرضى حصلهم حاجة دلوقتى يارب استر
ثم هرولت أسماء مسرعة إلى الخارج فوجدت بالفعل أن هناك طفلين صغيرين و لكن يبدو أنهما ليسا بنفس العمر و وجدت بجانبهما ظرفًا
حملت أسماء طفلًا منهما بحنان و نادت على مساعدتها رباب و طلبت منها أن تحمل الآخر ثم دخلوا جميعًا
********************
فى الداخل فتحت أسماء الظرف فوجدت ورقة فبدأت فى قراءة المكتوب الذى كان..
"دول طفلين أولاد عم ولد و بنت هو اسمه بلال و هى اسمها ندى بس سموهم بألقاب زى ما أنتوا عاوزين ما دى شغلتكم
آه و كمان هما مش من نفس المدينة اللى فيها الملجأ
هبقى أبعتلكوا فلوس كل شهر علشانهم و زيادة كمان
بس اللى أنا عاوزاه أنهم مينقصهمش حاجة
و مهما حصل متعرفوش حد فيهم أنهم قرايب علشان تصرفى ساعتها مش هيعجبكوا"
عندما انتهت أسماء من القراءة بدأت فى البكاء فقالت لها مساعدتها رباب بآسى:طب ليه بتعيطى بس؟
أسماء بصوت متقطع مشوب بالحزن الشديد:صعبانين عليا أوى يا رباب والله
و مش عارفة مين اللى يهون عليه يبعتهم الاتنين كده ملجأ
و كمان ده شكلهم أصحاب نفوذ لأن اللى كاتبة بتقول هتبعت فلوس كل شهر و بزيادة
ردت رباب بتلقائية مختلطة بعدم الاهتمام:طب ما احنا بنشوف من ده كتير يا أستاذة
و بعدين هو كل مرة كده لما طفل ييجى الميتم جديد تعيطى؟!
ما المفروض نكون اتعودنا يعنى
مسحت أسماء دموعها و قالت و هى تحاول أن تتمالك نفسها:لا بس دول شكلهم وراهم حاجة كبيرة أوى
رباب بتعجب:يعنى هنعمل ايه؟!
أسماء بعدما تنفست و اخرجت زفيرها باستسلام:هنعمل ايه يعنى هنسيبهم هنا يا رباب ما فى اليد حيلة
و اللى مكتوب ليهم هيلاقوه
*********************
على الجانب الآخر فى بيت آل حجازى يوجد هناك قلوب تحترق من العذاب و تتقطع من الحزن إلا قلب واحد يحتفل بالانتصار
آااااه يا ابنى يا حبيبى روحت فين؟؟
مين اللى عمل العملة السودة دى!
مين اللى يهون عليه يحرم أم من ضناها مييين يا ناس أنا هتهبل والله هتهبل
كانت هذه سمية والدة بلال تبكى بحرقة لفراق ولدها و كان يهوِن عليها زوجها ياسين قائلًا بحزن يحاول أن يواريه و دموع يحاول أن يكبتها:اهدى يا سمية هنلاقيهم والله خلى عندك إيمان بالله
جاء صوت آخر يقول بحزن ظاهر و بكاء ينشق لأجله الحجر:بس ليه يعملوا فينا كده؟؟
ليه لو حد عاوز يأذينا ينتقم مننا فى أولادنا؟؟
ده أنا بنتى لسه مكملتش سنة بنتى لسه مشبعتش منها
و كانت هذه ولاء والدة ندى التى حرمها القدر منها
فأمسك حسن زوجها يديها و قال و هو يبكى مثلها تمامًا و لم يستطع أن يتماسك مثل أخيه:ماتقلقيش يا حبيبتى والله بإذن الله هنلاقيهم أنا واثق فى ربنا
كانت العيون الفرِحة تنظر إليهم بشماتة و انتصار و لذة لأنها تستمتع بهذا الحزن الذى يخيم على المنزل
ثم قالت سهير بخبث متصنعة الحزن و البكاء:والله قلبى والع نار علشانكم ده بلال و ندى دول كانوا كأنهم أولادى اللى اتحرمت أنى أجيبهم
ربنا ينتقم من الظالم و المفترى اللى هان عليه يحرق قلوبنا
قطع حديثها دخول الشرطة و قال الضابط بيأس:والله يا أستاذ ياسين دورنا فى كل مكان فى المدينة هنا و محدش يعرف عنهم حاجة مش عارف ايه ده و لا ازاى حصل كده
ده كأنهم اختفوا فص ملح و داب أكيد الموضوع ده متخطط ليه من فترة لأن لو كان حصل فجأة كده كنا على الأقل لقينا دليل
لكن المجرم ده مسابش وراه دليل خالص يعنى
انفجرت سمية فى البكاء و اتبعتها ولاء أيضًا فقال ياسين بصبر:معلش ممكن تدوروا تانى أنا عندى أمل لسه و أمل كبير والله يا حضرة الظابط
الضابط بملامح حزينة على هذه العائلة الكريمة و قال بأسى:تحت أمرك يا أستاذ ياسين
كانت سهير تنظر إليهم و يكاد قلبها يطير من فرحته بعدما كان الخوف المتحكم
مضى القليل من الوقت ثم جاء أمين من الخارج و قال بحزن:دورت عليهم والله فى الأماكن اللى قدرت عليها و تقريبًا مسبتش حتة غير و دورت فيها
قال حسن بثقل لسان:لسه الظابط كان هنا و قال نفس الكلام يا أمين بس ياسين قاله يشوف تانى
قالت سمية بكل كُره و غل و الحزن قد أشعل نيرانه بين نبضات قلبها:والله يوم ما أعرف مين اللى عمل كده فى أولادنا ما هرحمه
شعرت سهير بغَصة لوهلة ثم قالت فى سرها و هى ترتجف:و أنا هخاف من ايه يعنى أنا بقالى فترة برتب للموضوع ده فأكيد يعنى مش هغلط فى تنفيذ أى حاجة
قالت ولاء بمرارة: نلاقيهم بس و أنا مش عاوزة حاجة من الدنيا غير كده
قال ياسين بصوت غارق بالأمل:بإذن الله هنلاقيهم
يااارب نلاقيهم
***********************
                "بعد مرور عشر سنوات "
مرور الوقت نعمة و نقمة على حد سواء مثلما يقول الناس
فهو نعمة لمن ينتظر شيئًا معينًا و موعدًا محددًا و يتمنى قدومه،
و لكنه نقمة لمن لا يعلم ماذا يَنتظر و ماذا يُنتظر له و لا متى سيحدث المُنتظر..
و فى كلتا الحالتين يد الله تعمل..
فى حديقة دار أيتام "الملائكة" كان هناك صوت طفولى ينادِى برِقة:يا بلااال أنت فين؟!
أنت هنا ولا مش هنا يعنى
يا بِلال أنت فين بقا أنا تعبت والله يوووه
كانت هذه ندى الطفلة الجميلة المحبوبة من قِبَل كل من يراها
كانت تنادى على صديقها الذى ضربها ضربة خفيفة على كتفها قائلًا ببراءة و غضب طفولى:هو أنا قولتلك تقولى اسمى ازاى؟!
تلبكت ندى و بحركة عفوية و طفولية ضربت رأسها بيدها الصغيرة قائلة بنبرة فيها شئ من التوتر:والله والله نسيت خالص
قال بلال بابتسامته المرتسمة على شفتيه دائمًا:طب قولى اسمى كده
قالت ندى بابتسامة:بَلال
نظر لها بلال بفرحة غامرة و صادرة من أعماق قلبه و قال: أيوة كده إنتِ عارفة كويس إنى بحبك تقولي اسمي كده لإن الأستاذة أسماء بتناديني بيه
قالت ندى بغضب و كأنها تذكرت شئ:أيوة أنت جيت توهتنى بالكلام و نسيت أهم حاجة
أنت كنت فين؟!
معقول كنت بتلعب كل ده أنا خوفت وأنا لوحدى يا بلال
ابتسم بلال و قال بلهفة:لا لا متخافيش أنا بس كنت بقطفلك الوردة دى علشان بتحبيها
قال هذا ثم أظهر يده التى كان يضعها خلف ظهره
فصرخت ندى من فرحتها و وضعت يديها على فمها قائلة:شكرًا يا بلال
أنهت كلماتها ثم سمعا صوت يقول:بلال...ندى تعالو يلا الأكل جاهز
قال بلال بتوتر:دى الأستاذة أسماء يلا نروح ناكل بقا
ندى بابتسامة صغيرة:حاضر يلا
**********************
فى بيت آل حجازى كان الأمل يُنتظر كانتظار الناس لهطول المطر؛؛فبهطوله يُعالَج جفاف الأرض كالجفاف الذى حَل على قلوبهم جميعًا
قالت سمية بعيون باكية شاردة لزوجها و هى تحتضن صورة ابنها:أنا بقيت بستنى الأمل يا ياسين خلاص الأمل ساب قلبى و كأنه حالف ما يرجع تانى
كنت بقوى بالأمل اللى فى قلبى ده لكن دلوقتى خلاص حاسة أنى مش هشوف ابنى تانى
قال ياسين بصوت من أعماق أعماقه غارق فى الحزن و البكاء:لازم يكون فى صبر فى قلوبنا يا سمية ده حتى إن الله مع الصابرين
قالت و قد استطاعت دمعة الفرار من عينها بعدما كانت مسحت دموعها:ما أنا صابرة من عشر سنين و مفيش أمل يا ياسين
ياسين:نصبر دايمًا حتى لو لآخر العمر
كانت سهير تتصنت عليهما و تستمع لنحيبهما و قلبها يتراقص من فرحته
ثم ذهبت إلى الحديقة و قالت لخادمتها بتعالِى:اعمليلى فنجان قهوة مظبوط و لو ماطلعش مظبوط هتترفدى
نظرت لها الخادمة باشمئزاز قائلة:أوامرك يا هانم
أخذت تتذكر فِعلتها و تقول بكل كُره و غل:أنا المفروض كنت أعمل كده من زمان أصلًا
الحمدلله أنى لحقت نفسى قبل فوات الآوان
سمعت صوت زوجها يقول بتساؤل:قصدك ايه بالكلام ده؟
توترت سهير ثم قالت بكل ثقة من نفسها تحاول اخفاء الملامح الحقيقية لها و أبدَت المزيفة و كأنها لم تفعل شيئًا حقًا:مش فاهم ايه يا حبيبى؟
أمين و قد قطب حاجبيه:مش فاهم قصدك ايه بأنك كنتِ المفروض تعملى كده من زمان و أنك لحقتى نفسك
قالت سهير و هى تضحك بخبث:أنا قصدى أنى كان لازم أبعد عن صحباتى من زمان لأنهم طماعين جدًا أووف
قال أمين و قد صدَّق ما قالته:ما أنا قولتلك ١٠٠ مرة ابعدى عنهم
أمسكت يده و قالت بابتسامة مزيفة:خلاص يا حبيبى سمعت كلامك أهو
فقال لها بعدما صدق كل كلامها:تمام يا سهير هروح أنا المصنع بقا أشوف لو ناقص حاجة
تركها و ذهب و عندما اختفى قالت و قد تنفست الصعداء:هو أنا ليه خوفت فى الآخر كده؟!
ما أنا كنت بتكلم بثقة..أووف يلا خير أنه ماعرفش حاجة 
سمعتها الخادمة و هى تضع القهوة على الطاولة و قالت بابتسامة مصطنعة:اتفضلى يا مدام سهير
قالت هذا و همَّت بالذهاب فأوقفتها سهير قائلة بتكبُر:استنى يا بنت لما أشوف القهوة نظامها ايه
فقالت الخادمة بتوتر لأنها ظنت أنها رأتها عندما سمعت حديثها:حاضر يا هانم
تذوقت سهير القهوة و قالت و ما زالت نبرة التكبُر هى المتحكمة:حلوة القهوة مش بطالة يلا سماح المرة دى
فقالت الخادمة بنفاذ صبر:بالهنا يا هانم
أمشى بقا و لا ايه؟
سهير و هى تحتسى القهوة:أيوة روحى شوفى شغلك
ذهبت الخادمة و هى تقول فى نفسها بعدم فهم و يكاد الشك يقتلها و الخوف:هى تقصد ايه بالكلام اللى أنا سمعته ده؟!
أنا لازم أعرف هى تقصد ايه لأنى ملاحظة أكتر من مرة تصرفات غريبة و الخوف لتكون عاوزة تأذى حد من اللى فى البيت
ربنا يستر بس هحاول أعرف الحكاية دى
لازم أعرف الموضوع

ريهام_يحيى

ليست هناك تعليقات