إبحث عن موضوع

رواية طغيان قلب الحلقة الرابعه من الجزء الثاني

#طغيان_قلب 
#وبقى_العشق 
#الجزء_الثانى 
#فاطمة_محمد 
الفصل الرابع : 

هبطت الطائرة و خرجا كل من "وجد" و "وسام" من المطار 

و ما ان خرجوا حتى وجدوا من يقترب منهم و كان رجل كبير بالسن و قد تخطى عُمره الخمسين عامًا 

فابتسم لهم واقفًا امامهم قائلًا بابتسامة مزيفة لم تصل لعيناه 

-آنسة وجد انا باعتنى مجدى بيه عشان اوصلك مكان ما انتى عايزة و موصينى عليكى

تنهدت "وجد" و نظرت تجاه وسام التى رفعت حاجبيها لها بإعجاب و مطت شفتيها قائلة

-جنتل اوى مجدى بيه ده

لكزتها وجد في ذراعيها و نظرت تجاه السائق و اماءت له متحركة معه هى و "وسام" بعدما حمل حقائبهم بدلًا عنهم 

فأنحنت "وسام" قليلًا هامسة لها

-انا عايزة افهم الراجل ده عرف منين اننا راجعين و عايزة افهم ده ميتحبش ازاى يا شيخة حرام عليكى 

جزت "وجد" على اسنانها و صاحت بغيظ

-يا شيخة حرام عليكى انتِ ارحمينى يا وسام كلتى دماغى 

زمت "وسام" شفتيها بانزعاج و قالت

-اعمل ايه يعنى يا وجد ما انتى عارفة انى مبعرفش اقعد ساكته فسبينى بقى وبعدين بطلي كآبة بقى اما انك بت نكدية صحيح ، ده الرجالة معاهم حق يقولوا علينا نكدين

التفتت "وجد" إليها بحركة مفاجأة ممسكة اياها من مرفقيها قائلة من بين اسنانها

-اسكتى اسكتى والا والله لهديكى بظهر ايدي على وشك

رفعت "وسام" يديها و وضعتها على فمها بخوف مصطنع قائلة بخفوت

-آسفين يا صلاح

لاحت شبح ابتسامة بسيطة على وجه "وجد" و لكن سريعًا ما اخفتها و قالت بجدية مصطنعة وهي تتحرك أمامها

-يلا الراجل مستنى فى العربية

و اما ان تحركت حتى قالت "وسام" بطريقة مسرحية مقلدة إياها بضيق

-اسكتى اسكتى والا والله هديكى بظهر ايدي نننيي بت كئيبة اوي بجد

بالسيارة 

كانوا يجلسون بالخلف و عين كل منهم متعلقة بالطريق و بالشوارع المزدحمة فكم اشتاقوا لتلك الازدحام وذلك الجو 

اغمضت وجد عينيها وأخذت نفسًا عميقًا و رغم عنها وجدت نفسها تتذكر ذلك الموقف الذى حدث بينها و بين داغر بمنزلهم لاول مرة بمنزله و وقتها رأت سعاد ذلك التقارب و ما حدث ليعاد أمامها مرة أخرى فكم تشتاق إليه رغم ما تظهره من برود و جمود و لكنها بالنهاية عاشقة و تشتاق لمن سلب قلبها و عقلها فهو من تغلغل بداخلها رويدًا رويدًا دون ان تشعر فأصبحت تتنفسه تحتفظ بصورته بمحفظتها و كلما اشتاقت اليه تخرج تلك الصورة و تفيض عينيها بالدموع كلما تذكرت خذلانه لها و تركه لها وحيدة دون سند .....

خرجت من شرودها ذلك على صوت "وسام" التى تحركها برفق 

فنظرت اليها بعيون شاردة متسائلة دون أن تهتف بحرف واحد فقالت "وسام" وهى تشير تجاه السائق

-السواق بيقولك مجدى بيه عايز يكلمك 

أزدرقت "وجد" ريقها و تناولت ذلك الهاتف الذي كان بيد السائق موجهًا اياه باتجاهها 

فانتشلت الهاتف من يديه بهدوء و وضعت الهاتف على أذنيها ليصلها صوت مجدى الذى لا يزال حتى الآن حنونًا دافئًا 

-وجد حمدالله على السلامة

لاحت ابتسامة على شفتيها و تمتمت

-الله يسلمك يا مجدى بس ممكن اعرف عرفت منين انى نازلة مصر

-انا اعرف عنك كل حاجة يا وجد سبق و قولتهالك و هقولهالك تانى ،انا جمبك وفى ضهرك و طول ما انا فيا نفس هفضل احميكى 

سعدت كثيرًا بحديثة ذلك و بدون إرداتها اتسعت ابتسامتها تدريجيًا فانتبهت لتلك القاطنة بجوارها و التي تقترب بأذنيها من الهاتف تريد أن تستمع إلى حديثه الذي جعل صديقتها تبتسم تلك الابتسامة الواسعة

حركت "وجد" الهاتف من على أذنيها و قالت بسخرية لاذعة و نبرة خافتة هامسة

-ايه يا وسام ما تاخدى تكلميه انتى

-اووف بجد عليكى 

نظرت لها "وجد" باستنكار و وضعت الهاتف مرة أخرى على أذنيها و قالت

-انا بصراحة مش عارفة اقولك ايه بس انت عملت معايا كتير اوى انا مش عارفة اقولك ايه و اردلك اللى بتعمله معايا ده ازاى

قاطعها مجدى الذى كان مغمض عينيه يستمع لصوتها الهادئ

-متقوليش حاجة يا وجد انا بس حبيت اقولك حمدالله على السلامة و بصراحة انا حابب اشوفك قبل ما تسافرى تانى ينفع

تنهدت وجد وقالت بإيماءة

-اكيد ينفع طبعًا

_______________________________

ولج "عدى" الى غرفة مكتبه وما أن دلف و كاد ان يجلس خلف مكتبه حتى وجد والده يدلف خلفه و إمارات الغضب بادية على وجهه فقلب "عدى" عينيه بملل و قال بضيق

-بابا لو اتكلم فى موضوع انى اتاخرت فقولتلك انى غصب عنى 

اقترب "سلامة" من المكتب و وقف امامه و خبط بيديه على سطح المكتب صارخًا عليه

-اللي بتعمله اسمه استهتار يا استاذ عدى انت عارف كويس اوى اننا فى وقت حساس و عازين نكبر الشركة اكتر و اكتر و كل الناس تكلم عن عيلة الهلالى بس باللى انت بتعمله ده احن

و ما لبث يكمل حتى قاطعة "عدى" قائلًا بغضب

-انت عارف كويس انى مبلعبش و انى تعبت معاك و مع عمامى عشان نكبر شغلنا يعنى انا اكتر واحد خايف على اسم العيلة ، و افتكر كويس يا بابا انى معملتش زى داغر و رائف و حسام 

رفع "سلامة" سبابته أمام "عدى" مغمغم بنبرة تحذير

-آخر مرة يا عدى اخر مرة يبقى فى اجتماع مهم زى ده و تتأخر كده انت سامع

جز على اسنانه و تحرك من خلف مكتبه متمتم بزهق و ضيق 

-لا بقى انا مش عارف القيها منين ولا منين،ما هو مش هيبقى قرف فى البيت و فى الشغل

تحرك باتجاه الباب مغادرًا المكتب تحت نظرات "سلامة" التى تتابعة و حاول اللحاق به و هو يتمتم

-انت رايح فين يا زفت انت ،انت يا زفت

لم يجيبه "عدى" و غادر الشركة متجهًا ناحية سيارته مستقلًا اياها مغادرًا بسرعة عالية 

و بعد مرور بعض الوقت 

وصل امام احدى البنايات و ترجل من سيارته مغلقًا الباب بعنف متجهًا لداخل تلك البناية 

و ما ان رآه البواب حتى نهض من مكانه مرحبًا به فتجاهله "عدى" و صعد بالمصعد 

خرج من المصعد و تحرك باتجاه ذلك المنزل فطرق الباب و بعد لحظات فتح الباب لتظهر منه تلك الفتاة الفاتنة التى اتسعت ابتسامتها لرؤيته امامها و صاحب بسعادة و هى ترتمى داخل احضانه

-حبيبى وحشتنى 

اتسعت ابتسامته و بادلها عناقها ذلك و هو يتمتم 

-وانتى كمان 

فخرجت من احضانه وهي تجذبة من يديه لداخل المنزل فاغلق "عدى" الباب بقدمية فقالت بتساؤل

-صحيح انت مفتحتش بالمفتاح ليه

تنهد بضيق و ارتمى داخل احضانها و هو يقول بإرهاق

-انا تعبان اوى يا مى و مخنوق 

زادت من عناقها له و تمتمت بقلق 

-مالك يا عدى ايه اللى خنقك

خرج من احضانها و حاوط وجهها بين يديه و قال بعشق 

-انا خلاص مبقتش مستحمل تبقى بعيدة عن حضنى انا عايزك معايا علطول يا مى عايز الناس كلها تعرف انك مراتى عايزك تيجى تعيشى معايا فى بيت العيلة

ابتلعت تلك الغصة المريرة و قالت 

-و حورية يا عدى 

تأفف و اغمض عينيه و جذبها مرة أخرى مستنشقًا رائحة خصلاتها التي أصبح لها عاشقًا أو هكذا يظن......

-حورية ام ابنى و بس يا مى لكن انتى حبيبتى 

ثم اقترب منها يريد أن يشبع اشتياقه لها 

_____________________________

وصلت "وجد" و "وسام" ذلك البيت الذى سيقيمان فيه حتى نهاية تلك الإجازة وما ان فتحت وجد باب المنزل حتى تحركت "وسام" سريعًا داخل المنزل فحركت "وجد" راسها بيأس من تلك الحركات الطفولية التى لا تكف عنها فنظرت تجاه السائق التى وضع حقيبتهم داخل المنزل فابتسمت له و قامت بشكره فغادر سريعًا فاغلقت وجد باب المنزل فخرجت "وسام" من احدى الغرف و هى تصيح بصوت عالى 

-شوفى بقى الاوضة الحلوة دى هتبقى بتاعتى تمام 

-خدى اللى تعجبك يا وسام 

ابتسمت "وسام" و اقتربت منها و قامت بتقبيلها على وجنتيها و هتف بلهفة

-يلا بقى يا حلوة ادخلى عشان ننام ساعتين و نصحى بليل نخرج و نتفسح

أماءت لها وجد و قالت بتساؤل 

-وانتى هتنامى و لا 

قاطعتها "وسام" و قالت بمرح

-ولا طبعا انا مش بتاعة نوم يا حبيبتى انا هفضى شنطتى 

-عارفة يا وسام لو عملتى دوشة هعمل فيكى ايه

أشارت "وسام" على نفسها و قالت بذهول

-انا اعمل دوشة عيب عليكى

-انا بس بحذرك عشان مترجعيش تعيطي 

حركت "وسام " كتفيها بدلال مصطنع وقالت

-متقلقيش انا داخلة اوضتى اهو و مش هتسمعى حسى انتى بقى اتفضلى نامى عشان نعرف نخرج بليل

دلفت "وجد" الغرفة الثانية و ابدلت ثيابها بأخرى مريحة و اتجهت ناحية حقيبتها و اخرجت تلك الصورة الصغيرة التى أخذتها من منزله أثناء فترة خطوبتهم دون ان يدرى احد فاتجهت للفراش و جلست عليه و هى تطلع على صورته و عينيها تلمع ببريق من الحزن الممزوج باشتياق جارف فاغمضت عينيها و احتضنت صورته بحب و بعدما وضعتها أسفل وسادتها و سريعًا ما ذهبت بسبات عميق

أما بالجهة الآخرى

دلفت "وسام" الغرفة و افرغت حقيبتها و لم يتبقى الا تلك الصورة لتتسع ابتسامتها تتذكر كيف وقعت بعشقه و اصبحت قلبها أسيرًا له بعدما اصبحت اقرب صديقة لوجد بعدما تعرفت عليها بجامعتها و درسوا سويًا و استقرت وجد معها بنفس المنزل بعدما شعرت براحة كبيرة تجاهها تاركة المنزل الذي استأجره مجدى لها

فلاش باك......

ولجت الى المنزل بعدما عادت من جامعتها و ظلت تنادى على "وجد" و لكنها لم تجيبها فدلفت غرفتها فوجدت الاضاءة مشتعلة و صوت الماء قادم من المرحاض و ما كادت ان تخرج حتى انتبهت لذلك اللاب الخاص يوجد مفتوحًا فاقتربت من الفراش وقامت بفتحه شاعرة بفضول كبير يتآكلها و ما إن فتحتها حتى وجدت تلك الصوره التى تجمع العديد من الأشخاص فقطبت جبينها بدهشة و ظلت تتطلع بكل منهم حتى وقعت عينيها على ذلك الشاب التى شعرت بوسامته الطاغية و وقعت فى غرامة بعد رؤيتها لصورته تلك 

خرجت وجد من المرحاض فوجدتها بذلك الوضع فاقتربت منها و هى تنهرها صارخة بها بانزعاج

-ايه يا وسام ده ، هو ايه نعيش خصوصية و لا ايه

نهضت "وسام" بفزع من مكانها و هى لا تجد سببًا لصراخها ذلك 

-فى ايه ياوجد ايه اللى حصل عشان تزعقي كدة انا

أغلقت وجد اللاب و قالت بحدة

-اى حاجة تخصنى ملكيش دعوة بيها انا مبحبش الاسلوب ده و لو اتكررت تانى يا وسام انا هسيبلك البيت انتى سامعه

حزنت "وسام" كثيرًا من صراخها المبالغ به و قالت بحزن و هى تغادر الغرفة

-انا اسفة يا وجد عن اذنك

و ما ان خرجت "وسام" و هدأت "وجد" قليلًا حتى ادركت بانها لم يكن عليها معاملتها بتلك الطريقة فخرجت من الغرفة و اتجهت لغرفة "وسام" دون ان تطرق الباب

فوجدتها تبكي و ما أن رأتها حتى رفعت يديها مزيلة تلك الدموع بأكمامها مثل الأطفال قائلة بنبرة متذمرة طفولية

-انتى ايه اللى جايبك اوضتى اطلعى برة مبحبش حد يدخل اوضتى من غير ما يستأذن اتفضلى اطلعى بره

حركت وجد كتفيها وقالت برفض

-مش هطلع و بعدين انا جاية اصالحك 

نظرت لها "وسام" بعيون حمراء تلمع بالحزن

-وتصالحينى ليه انتى مغلطيش انا اللى غلطت لما افتكرتك صاحبتى و بقيتى مهمه عندى و انا بالنسبه لك ولا حاجة

اقتربت منها "وجد" و قامت باحتضانها تحت تذمر "وسام"

-خلاص بقى يا وسام ميبقاش قلبك اسود كده

ابتعدت عنها "وسام" و قالت

-ولا ابيض و لا اسود و ابعدى عنى بقى عشان انا بجد زعلانه منك

تنهدت وجد و قالت بصدق

-وانا ميهنش عليا زعلك يا وسام و بعدين سامحينى بقى ما انتى عارفة انى دبش و لسانى طويل

قالت وسام بسخرية

-ده مش طويل و بس ده عايز قصه كمان 

-ما خلاص بقى يا كلب البحر انتى وبعدين مش عايزة تعرفى مين اللى انا حاطة صورتهم دول

ابتلعت "وسام" ريقها و قالت و هى تقترب منها متذكرة ذلك الشاب الوسيم الذي جعل خفقاتها تزداد متمنية ان تراه و تقترب منه

-لا عايزة اعرف طبعا قوليلى

ابتسمت "وجد" على صديقتها و احتضنتها بسعادة و قالت 

-هجيب اللاب و هاجى عشان اوريكى واحد واحد

اماءت لها "وسام" فتحركت وجد و جلبت اللاب الخاص بها و جلست بجوارها و قامت بوضعة على قدميها ورفعت يديها تشير على كل من والداها و داغر تقص لها ما حدث معها فكانت وسام تستمع اليها بتركيز و عينيها تتسع لما حدث مع صديقتها 

فلمعت الدموع بعينيها و احتضنتها بحب قائلة

-كل ده حصل معاكى يا وجد و ميهنش عليكى تقوليلى هو انا مش صاحبتك و لا ايه دى مكنتش عشرة ٦ شهور يا شيخة

اتسعت ابتسامة "وجد" فحتى بذلك الوقت لا تستطع الكف عن المزاح فقالت

-مكنتش حبه ازعلك لانى مبحبش اصعب على حد يا وسام ، المهم خليني اكملك العيلة العزيزة انتى كده عرفتى ده محمود و اللى المفروض ابويا و عرفتك على داغر و اسلام اخويا

ابتلعت "وسام" ريقها تنتظر على احر من الجمر أن ياتى الدور على ذلك الذى سلبها تركيزها تريد ان تعرف من هذة مما حكت عنهم وجد فقاطعت وجد و قالت بلا مبالاة

-ومين ده فيهم

تنهدت وجد وقالت 

-ده يا ستى حسام اجدع واحد فى عيلة الهلالى 

شعرت بحزن شديد عندما علمت بهويته اذا فهذا من ماتت معشوقته،فقلبه ملكًا لاخرى و ليست لها مكان بحياته و ليس لديها فرصة 

قاطعتها وجد و قالت

-انا هقوم اذاكر شوية بقى متيجى تذاكرى معايا

حركت راسها بنفي وقالت بهدوء

-لا مش عايزة روحى انتى انا هنام شوية

اماءت لها "وجد" وخرجت من الغرفة وما ان خرجت حتى تناولت "وسام" هاتفها و بحثت عن اسمه جالبه له بعض الصور الخاصة بها و ظلت كل ليله تتطلع بصوره تتعلق به كل يوم أكثر من سابقه فتطور معها الأمر و طبعت له احدى الصور و أصبحت تحلم بذلك اليوم الذي تنزل به إلى القاهرة مرة أخرى تريد أن تراه تتحدث معه يقع بعشقها و يغرم بها مثلما اصبحت هى عاشقة له.......

باك.......

احتضنت الصورة و الابتسامة على وجهها رافعه يديها ممسدة على ملامحه التي أصبحت تعرفها و تصمها

_____________________________

وصل "داغر" و "رائف" أمام مرسم "حسام" والذى سيفتتح ليلة غد 

و ما ان دلفوا حتى وجدوه جالسًا أمام احد اللوحات التى يطغى عليها اللون الأبيض و الفرشاة بيديه ينهى تلك الرسمة الأخيرة واضعًا لمساته الأخيرة

اقتربوا منه بعدما رمقهم بنظرة جانبية قائلًا بحدة و هو يكمل تدقيقه بتلك اللوحة

-نعم!!!

تبادل كل من "داغر" و "عدى" النظرات السريعة فارتسمت ابتسامة على وجهه داغر و رفع يديه مربتًا على كتفيه قائلًا بابتسامة

-انا و رائف خلصنا شغل و قولنا نعدى عليك نشوفك و اهو نروح سوا ،انت لسه مخلصتش و لا ايه

ترك "حسام" الفرشاه من يده و نهض من مكانه بعدما أخذ نفسًا عميقًا 

-لا خلصت هدخل اغسل ايدى و جاى معاكم

ابتسم رائف و قال 

-طب ايه رايكم نتعشى سوا النهاردة و نكلم عدى و إسلام عشان يتعشوا معانا

و ما كاد ان يوافق "داغر" حتى هتف حسام برفض

-لا انا مليش مزاج و عايز اروح انام عشان عايز اصحى بدرى بكرة

كاد أن يعترض "رائف" فمنعه "داغر" بإشارة من عينيه قائلًا

-خلاص اللى تشوفه يلا اغسل ايدك عشان نتحرك على البيت

_________________________

و بذلك المنزل الذى نذهب إليه للمرة الأولى

نجد "فاتن" و "إسلام" الذى أصبح فى عُمر العشرون عامًا جالسان أمام التلفاز يتابعان أحد أفلام الأكشن 

وكانت "فاتن" ترمقه بضيق شديد و جزت على اسنانها و نهضت من مكانها مغلقة تلك الشاشة 

فصاح "إسلام" بانزعاج واضح 

-ليه كدة بس يا ماما 

اقتربت منه مرة آخرى و جلست بجواره قائلة بحدة

-انت لحد امتى هتفضل غبى يا إسلام انا عايزة اعرف انت بتعمل ايه هنا ،انت ليه مش عايز تسمع كلامى انا عايزة مصلحتك،كل العز و النغنغة اللى هما فيها دلوقتى بفلوس ابنى اللى قتلوة بدم بارد و فلوس اخوك يعنى كل ده المفروض يبقى ليك لوحدك ، بس حضرتك طالع غبي سيبلهم الجمل بما حمل و قاعد معايا هنا

تشنجت عضلات وجه "إسلام" قال بغضب طفيف

-اومال اعمل ايه يعنى اسيبك تقعدى لوحدك ، لو هو ده اللى انتى عايزاه فمش هيحصل يا ماما انا مش هسيبك قاعدة لوحدك انتى ملكيش غيرى و بعدين فلوس باسم اللى بتكلمى فيها فلوس من الاول و متنسيش ان اللى بتتكلمى عليهم دول عيلتى و اى اساءة فى حقهم تبقى بتسئ ليا و كفاية اوى الحالة اللى فيها آلاء بسبب اللى حصل

نهضت "فاتن" بعنف و قالت بغضب و صياح

-الحالة اللى آلاء فيها هو ده اللى إنت بتفكر فيه يا إسلام طب و بالنسبة أخوك اللى اتقتل وهو لسه فى عز شبابه ها و ابنه اللى مات قبل ما يشوف الدنيا

تأفف "إسلام" وقال بنفاذ صبر

-ماما الكلام ده خلاص مبقاش ليه فايدة الموضوع عدى عليه سنين و بعدين باسم مكنش ملاك خالص بالعكس و ياريت متفكرنيش عشان كل ما بفتكر دمى بيتحرق

صاحت بدهشة مرددة كلماته الاخيرة 

-دمك بيتحرق ،طب و انا...انا اعمل ايه ده انا نارى لحد دلوقتى مهديتش من اللى حصل 

زفر "إسلام" و نهض من مكانه و هو يقول

-ماما كفاية انا بجد زهقت خلاص انا داخل انام تصبحى على خير

______________________________

فتح "عدى" باب غرفته و دلف لداخلها فوجدها فارغة فارتسمت ابتسامة سخرية على وجهه و بداخله نيران فرفع يديه وما كاد أن يبدأ بتغيير ملابسه حتى سمع رنين هاتفه فأخرجه و سريعًا ما اتسعت ابتسامته مجيبًا إياها 

-تصدقى انك وحشتينى الشوية دول

صدحت صوت ضحكاتها الرنانة بالمنزل وقالت بحب

-وانت كمان وحشتنى جدًا طمنى روحت و لا لسه

تنهد وقال وهو يتجه ناحية الفراش ليجلس

-لسه واصل اهو و يدوبك كنت لسه هغير لقيتك بتتصلى 

-حلو اوى قوم بقى غير واتعشى حلو و اعمل حسابك المرة الجاية مش هتمشى غير لما تتعشى معايا الاول و تعرفنى قبليها انك هتأكل معايا عشان اكون مجهزة الاكل اللى بتحبه

-اتفقنا جدًا يا قلب عدى خلى بالك من نفسك و الصبح هكلمك و انا نازل و طبعا هعدى عليكى انا يومى مبقاش يعدى غير لما لازم اشوفك

اتسعت ابتسامتها و ازدادت خفقاتها و قالت بحب دفين

-و انا كمان يا عدى يومى مبيعديش غير لما بشوفك

ابتسم عدى و كاد يجيبها حتى وجد "حورية" تدلف الغرفة و عينيها معلقة عليه و لا يرمش لها جفن فقال باقتضاب و ابتسامته قد زالت تدريجيًا

-تمام انا هقفل دلوقتى سلام

تنهدت "مى" بضيق و قالت

-سلام يا عدى

اغلق "عدى" معها فرفع عينيه و رمق "حورية" الواقفة أمامه و قال و هو ينهض قاطعًا المسافة بيتهم واضعًا يديه بجيب بنطاله

-مالك بتبصيلى كده ليه

عقدت "حورية" ذراعيها أمام صدرها و قالت بهدوء بعدما تسلل الشك إلى قلبها

-كنت بتكلم مين يا عدى

رفع حاجبيه بسخرية و قال

-واووو حورية هانم مهتمة و بتسأل بكلم مين و مبكلمش مين

صرخت به حورية بأندفاع و قالت بنفاذ صبر

-متغيرش الموضوع يا عدى و قولى كنت بتكلم مين و كنت فين كل ده عمى سأل عنك اول ما جه و انا قولتله انك لسه مجتش و عرفت منه انك خرجت من بدرى و مكملتش شغلك فى البيت ،ممكن اعرف بقى كنت فين 

اقترب بوجهه منها لتفلح انفاسة بشرتها و همس امام وجهها بنبرة أثارت استفزازها و غضبها فى آن واحد

-كنت مطرح ما كنت انا حر يا هانم انا الراجل و اعمل اللى انا عايزة و إياكى يا خورية إياكى تعلى صوتك عليا بالطريقة دى تانى انا لو كنت سكت لك زمان فمش هسكت دلوقتى انتى سامعه يا حلوة

انهى كلماته و هو يرفع يديه مداعبًا خديها البارزين 

فرفعت يديها و قامت بدفعه بغضب بقبضتها الصغيرة 

غضب من فعلتها و ضغط على شفتيه بغيظ فقالت هى و بداخليها نيران تضرم بقلبها

-بتخونى يا عدى مش كدة اتكلم قول الحقيقة ، قول انى فى واحدة تانية فى حياتك ،قول انك مبقتش تحبنى قول انك كنت بتحبنى عشان شكلى ولما وزنى زاد بطلت تحبني، قول انك عمرك ما حبتنى

صرخ بها مؤيدًا كلماتها لتنزل كالصاعقة عليها 

-ايوة يا حورية كل اللى قولتيه مضبوط كله ،هتعملى ايه بقى

قال تلك الأخيرة بتحدى مكملًا حديثة غير مبالي بصدمتها

-ها ردى عليا هتعملى ايه 

لزمت الصمت تطلع عليه بصدمة لم تنتظر منه تلك الاجابة كانت تنتظر أن ينفى كل كلمة وكل حرف هتفت به ، ينفى خيانته و يؤكد لها حبه و لكنه لم يفعل ....بل اكد حديثها اكد شكوكها كانت تنتظره ان يضمها الى احضانه يطمئنها بانه جانبها و يحبها و لن يتركها و لكنه صدمها...وبشدة 

-ها يا حورية هتعملى ايه هتلمى هدومك و هتمشى امشى بس ولادى هيفضلوا هنا عايزة تمشى امشى لوحدك متفكريش تاخدى ولادى معاكى عشان هما مش هيتحركوا من بيت ابوهم ، عايزة انتى ترجعى الحارة لامك واختك ارجعى انا مش همسك فيكى 

هبطت دموعها رغمًا عنها فأزدرق "عدى" ريقه وهو يتساءل عما إذا كان قد قسى عليها ولكن عليها أن تعلم بما يحدث و ان تعلم بان قلبه لم يصبح ملكًا لها بل أصبح ملكًا لمعشوقته و زوجته الآخرى و التى لم تكن سوى "مى"

لم يتحمل دموعها التى تفيض امامه بصمت فتحرك من امامها مغادرًا الغرفة تاركًا إياها بصدمتها نادمة على حبها وقلبها لذلك الذي لا يستحق غير مدركين بان صمتها ذلك هو هدوء ما قبل العاصفة........

___ يتبع ___

#بقلمى_فاطمة_محمد

ليست هناك تعليقات