إبحث عن موضوع

رواية طغيان قلب الحلقه 18 من الجزء الثاني

#طغيان_قلب 
#وبقى_العشق 
#الجزء_الثانى 
#بقلمى_فاطمة_محمد 
الفصل الثامن عشر :
ولج مهرولًا داخل المنزل و مى خلفه تحاول اللحاق به، أقترب من داغر الذى يليح على وجهه القلق و الخوف على أبناء شقيقه، فصرخ عدى بعدما التقطت عيناه شقيقة الذى اقترب منه محاولًا أن يواسية و يهدء من روعه

فصرخ عدى مستفسرًا عما حدث و دقاته تدق بعنف غير منتبهًا لبكاء تلك الجالسة بجوار وجد تبكى بحسرة و شهقات مكتومة لا تستطع منعهم منذ ان خطت قدميها الى هنا لمقابلة سلامة و تفاجأت بأختفاء أطفالها :

-ولادى فين يا داغر، ايه اللى حصل انا عايز افهم!!!

رفع داغر يديه يربت على كتفية متحدث بنبرة اراد بها ان يطمئنه

-متقلقش يا عدى إن شاء الله هيرجعوا و بخير و خليك واثق من ده 

نهضت حورية بعنف مقتربة منه و تنفسها الهائج يعم الأرجاء، ولون وجهها أصبح باهتًا كمن يوشك على الأغماء

-ولادك!!!بقى بالذمة مش مكسوف من نفسك، انا مش طايقة أبص فى وشك، مش طايقة أشوفك قدامى، أنت السبب ولادى لو كانوا معايا مكنش حصل اللى حصل ورحمة ابويا يا عدى لو ولادى جرالهم حاجة عمرى مهسامحك، عمررررى

صرخ بها عدى بعدما احمر وجهه من شدة الانفعال و اسودت عيناه و ضم قبضته بغضب صارخًا بها على مرآى من الجميع 

-أنتى تخرسى خالص، أصلًا أنتى السبب فى كل ده لو كنتى ام عدله كنتى فضلتى جمبهم مكنتيش فضلتى نفسك بس ازاى لازم تثبتيلى أن كرامتك فوق اى شئ

وقف داغر بينهم مبعدًا عدى عنها بعض الشئ قائلًا

-عدى حورية مينفعش اللى بتعملوه ده، ده اصلا مش وقته خالص

رفعت مى يديها تربت على كتفية مؤيدة حديث داغر :

-داغر معاه حق يا عدى و بعدين انت لازم تهدأ و تهدى أعصابك شوية و أن شاء الله هيرجعوا بيتهم و لحضننا من تانى

حدقت بها حورية بعينيها الدامعة لعدة ثوانٍ و هناك شعور قوى يعتريها مخبرًا إياها بأن من امامها سببًا لما حدث فمن غيرها سيكون وراء أختفاء أولادها، فمن المؤكد بأنها تريد التخلص منهم متذكرة مؤامرتها مع أمير لتفرق بينها و بين عدى.......

أماءت برأسها عدة مرات و هى تقترب منها و بحركة مفاجئة جذبتها من خصلاتها تصب جام غضبها فيما تفعله 

-انتى اللى ورا خطفهم صح...ولادى فين انطقى

تأوهت مى بألم و رفعت يديها محاولة تخليص خصلاتها من قبضتها هاتفة 

-اه اه شعرى يا مجنونه انتى 

اقتربت كل من وجد و هدى محاولين تخلص مى من قبضة حورية اما سعاد فظلت مكانها و دموعها تنهمر خوفًا من ان يحدث مكروهًا لاحفادها فقلبها يخبرها بأن هناك كارثة سوف تحدث لهم...

زفر عدى و جذب يد حورية و قام بدفعها بقوة لتبتعد عن زوجته مزمجر فيها بشراسة قائلًا

-بس بقى انتى اظاهر عليكي اتجننتى

رمقته وجد بغضب و كذلك داغر الذى دهش من تصرف اخيه الفظ فمنذ متى و هو يتصرف بذلك الاسلوب الوحشى

أما حورية فلم تندهش كثيرًا فهى اصبحت تتوقع منه الاسوء و لكن ما زاد غضبها هى تلك الابتسامة الشامته التى ارتسمت على وجهه ياسمين فأرتسم الحنق على وجهها و صرخت بها و هى تقترب منها مرة آخرى 

-ولادى فين اتكلمى

اغمض عدى عينيه و صرخ 

-داغر خليها تمشى من هنا انا مش ناقص 

-امشى!!! انت اهبل و لا جرا فى عقلك حاجة دول ولادى فاهم يعنى ايه ولادى انا اللى شلتهم فى بطنى انا اللى كنت مستنياهم بفارغ الصبر انا اللى تعبت فى حملهم و كنت بقعد اتكلم معاهم انا اللى بفضلهم على نفسى مش العكس 

انهت كلماتها و هى تسدد له الضربات على صدره

كز على أسنانه و قبض على يديها التى تسدد له اللكمات معتصرًا إياهم بين قبضته قائلًا بين اسنانه

-كفاية كفاية بقولك

ابتسمت بوجع و أنتشلت يديها من قبضته قائلة 

-طب اسمع بقى يا استاذ عدى المفاجأة اللى عندى ليك، شايف الحلوة اللى انت اتجوزتها دى متسلطة عليك و عارف من مين من أمير فاكرة و لا مش فاكرة 

ضيق عينيه متذكرًا ذاك الأمير الذى لطالما كان غريمًا له محاولًا الحصول على حورية

فأسترسلت أكمال حديثها مغمغمة

-سلطها عليك عشان يكرهنى فيك و بصراحة احسن حاجة عاملها عشان اعرفك على حقيقتك، رغم كل اللى عملته معايا و معاملتك اللى زى الزفت بس مكنتش عارفة اكرهك بس بعد ما عرفت حقيقتك و عرفت قد ايه عينك زايغة و معندكش لا عزيز و لا غالى كرهتك يا عدى، كرهتك من كل قلبى و ولادى لما يرجعوا ان شاء الله انا مش هسيبهم تانى ولادى مش هيفارقوا حضنى و انت شوف بقى هتعمل ايه مع الهانم دى هتكمل معاها و لا هتشوف واحدة غيرها احلى و اغنى و تعرف تظهر بيها قدام الناس...

اتسعت عين مى و سيطر الزعر عليها و قالت بنبرة منفعلة

-أنتى بتقولى ايه انتى و امير مين ده انا معرفش واحد اسمه امير

ألتفت عدى و رمقها بنظرة بثت الرعب بداخلها فازدردت ريقها بخوف فعاد يحدق بحورية مرة آخرى و صاح و هو يخرج هاتفه متجاهلًا حديث حورية عن مى

-انا اعرف واحد هيقدر يخدمنى هكلمه و اشوف هيعمل ايه، انا ولادى للزم يباتوا فى حضنى الليلة دى

تنهدت مى براحة فحركت حورية راسها و ابتسامة سخرية ترتسم على محياها فهمست وجد 

-مفيش فايدة ديل الكلب عمره ما هيتعدل

اجرى عدى تلك المكالمة و بعدما اغلق مع صديقه نظر تجاه داغر متمتم و هو يجلس على الاريكة بأنهاك بجوار مى التر ترمق حورية المتألمة بغل ممزوج بسعادة

-انت مقولتليش ولادى اتخطفوا ازاى يا داغر

اجابة داغر على مضض

-كانوا فى الجنينه مع وجد وسابتهم بيلعبوا و دخلت تجبلهم فطار عشان تفطرهم رجعت ملقتهومش 

عض على شفتيه و رفع حاجبيه و ظهرت بسمة على جانب وجهه لاحظتها وجد فقطبيت جبينها قائلة

-انت بتضحك على ايه هو قال حاجة تضحك !!

رفع عدى عينيه ينظر لها قائلًا بتهكم و هو يشير تجاه وجد و وحورية

-لا مقالش حاجة تضحك بس عارفة يا وجد لو عرفت ان ده ملعوب منكم انتم الاتنين هعمل فيكم ايه

ضرب داغر على الطاولة بيديه بعدما نفذ صبره مما يفعله شقيقه و تهديدة الصريح تجاه زوجته و حورية

-عدى كلمة كمان و هنسى اللى انت فيه، وجد و حورية ميعملوش كدة انت فاهم

فصاحت هدى التى تربت على يد سعاد محاولة ان تواسيها بذاك الظرف الذى تتمنى ان لا توضه به 

-خلاص يا ولاد بقى مش وقته الكلام ده

                  *********

خرج من أحضان أخيه بعدما رحب به ترحيبًا حار فغمغم بأبتسامة و عيون يشوبها بعض الحزن لما سمعه من كلمات لاذعة خرجت من فوه من عشقها و ذاب بها 

-والله وليك وحشة يا إيهاب اخبارك ايه

ابتسم له إيهاب و قال بنظرات متفحصة بعدما اتجه باتجاه الأريكة و جلسا عليها حتى يتسامرون يقصون همومهم لبعضهم البعض، فلطالما أعتبره عمر والده و ليس شقيقه و ذلك لفارق السن بينهم و الذى يتخطى خمسة عشر عامًا

-مالك يا عمر ايه الحزن اللى انا شايفة ده، أحكيلى فى ايه....من أمتى و انت كدة

تنهد عمر طويلًا و ساد صمت ثقيل، ربما اطول مما ينبغى، ينظر أمامه شاردًا فى اللاشئ 

ربت إيهاب على كتفيه مشجعًا إياه على الحديث و أخراج ما بداخله من هموم تليح على وجهه 

-اتكلم يا عمر انا سامعك 

أغمض عمر عينيه بضعة ثوانٍ بعدما خارت قواه و صاح 

-اخوك طب و وقع على بوزه يا إيهاب

لاحت ابتسامة على وجهه إيهاب و قال بهدوء

-طب و انت زعلان عشان طبيت و لا فى حاجة تانيه

حدق به عمر و زفر بقوة متمتما

-عايزانى ابعد عنها يا إيهاب مش عايزة تدى علاقتنا فرصة انا بحبها و هفضل احبها انا شوفت و قابلت كتير بس عمر ما قلبى دق لواحدة فيهم، ومش بعد ما حصل و حبها و عشقها عايزه تبعد بسهولة كدة، انا مستعد اعمل اى حاجة بس هى توافق

قاطعة إيهاب بفضول

-طب اتكلمت معاها!!عرفت ايه سبب رفضها 

اماء له براسه ناظرًا أمامه بعينين خاليتين من الحياة 

-انا عارف يا إيهاب عارف من غير ما اسألها و عارف انها بتعمل كده عشان ولادها و ده اكت

قاطعة إيهاب بأشارة من يديه و غمغم بتساؤل 

-لحظة هى متجوزة!!!!!!

-لا طبعا، مطلقة يا إيهاب بس ده ميعبهاش و لا يعيب اى واحدة 

اماء له إيهاب بتفهم و قال بتأييد لحديثة

-أكيد يا عمر و مدام انت بتحبها يبقى خليك وراها و متستسلمش و حارب عشان حبك 

أطلق شهيقًا متمتم بأصرار

-هيحصل يا إيهاب هيحصل أنا بحبها و مش هستسلم و مستعد أحارب و أعافر لحد ما تبقى مراتى و حبيبتى

               **********

فتح إسلام باب المنزل فوجد آلاء أمامه و برفقتها رائف فأبتسم ببشاشة و قال

-يا هلا يا هلا آلاء و رائف الاتنين جايين يزرونى

كزت آلاء على اسنانها و دلفت المنزل جاذبة إسلام من ذراعيه مغمغمة بخفوت وصل لمسامع رائف

-خليه يمشى انا مش طايقة اشوفه وقولتله الكلام ده و برضو مصمم و لازق فيا يا إسلام

ولج رائف المنزل و اغلق الباب من خلفه و اقترب منهم منحنيًا براسه بعض الشئ يستمع لحديثهم الخافت

-انتوا بتقولوا ايه!!!

أبتسمت شفتاها دون عيناها مغمغمة 

-انت لسه هنا، ايه ناوى تبات و لا ايه مش خلاص وصلتنى اتفضل بقى طرقنا

حك انفه و تقدم داخل المنزل تحت أنظار آلاء الغاضبة المشتعلة و إسلام الذى يكتم ابتسامته على افعالهم الطفولية 

جلس على الأريكة و مط جسده و هو يحرك منكبه العريض يتثائب 

-إسلام اعملى فنجان قهوة و حياه ابوك يا شيخ و انتى يا آلاء ادخلى شوفى طنط فاتن 

اقتربت منه آلاء و ثاحت بأنزعاج

-قهوة ايه و بتاع ايه انت تقوم تمشى انا واحدة عايزة تقعد مع اخوها شوية

تنهد و قال ببرود 

-وانا واحد و عايز يقعد مع ابن عمه يعنى مش لوحدك 

زفر إسلام و قال بجدية مصطنعه

-ما خلاص بقى صلوا على النبى اومال انا هدخل اعمل قهوة و انتى خشى شوفى ماما يا آلاء انا متاكد انها هتفرح اوى لما تشوفك 

هدأت من روعها و اردفت بنبرة خرجت حادة دون إرادتها

-يا إسلام افهم انا مش طايقة اشوفه انت متعرفش عمل ايه 

قطب إسلام جبينه و قال بتساؤل و هو يرمق كلاهما بنظراته

-عمل ايه يا آلاء!!!

ابتلعت ريقها و استدارت تنظر لها بضيق فاشار لها بيديه حتى تجيب على تساؤل شقيقها

اخذت نفسًا طويلًا و زفرته على مهلٍ و اولته ظهرها قائلة بحيرة

-فى انهى اوضة يا إسلام

أشار لها إسلام تجاه أحدى الغرف فتحركت باتجاها دالفة إياها مغلقة الباب بهدوء بوجه من ظل يتابعها بنظراته و ما ان اغلقت الباب حتى انفرجت شفتاه عن ابتسامة هادئه

                **********

ظلا جالسين مكانهم ينتظرون اى خبر وتغمرهم حالة من الحزن الشديد، فما زال القلق و الخوف هما الذين يسيطرون على الاجواء المتوترة التى لا تخلو من نظرات مى المختلسة تجاه حورية التى لاتنقطع دموعها 

فكم تراها حمقاء و ساذجة لم تستطع أنقاذ زواجها، و ترى نفسها ذات ذكاء خارق فكيف اوقفته اليوم عما يريد فعله و ستجعل اطفالة يختفون عن الانظار حتى ينتهى الوقت المحدد لانزال الجنين وبعدها ستجعل هؤلاء الرجال يتركون الاطفال و بذلك ستضعه أمام الأمر الواقع.....

صدح رنين هاتف عدى فالتقطة بلهفة من على الطاولة مجيبًا عليه 

-الو

-اهلا عدى بيه 

-انت مين!؟

-محسوبك عبده و انا اللى خطفت ولادك، ولاد الحسب و النسب 

ابتلع عدى ريقه و نهض من مكانه فنهضت حورية من مكانها واقفة بجواره و دموعها الحارة تسيل كما لم تسل من قبل

-انت عارف انا ممكن اعمل فيك انا ممكن انسفك و

قاطعه عبده مزمجر فيه بخشونه

-أعصابك يا بيه و بلاش الدخلة دى انت رقبتك تحت ايدي و ولادك عندى عايزهم يبقى تدفع انا سمعت انك متريش على الآخر و بصراحة خليت بالاتفاق اللى كان بينى و بين اللى ليه مصلحة ف خطف عيالك فادفعلى أسلمهوملك

كز عدى على اسنانه و غمغم

-عايز كام !!!

اتسعت ابتسامة عبده و رفع يديه يمسح على صدره أسفل قميصه

-انا مش هبقى طماع انا عايز ٢ مليون كل محروس فيهم بمليون و مظنش انه كتير و لا ايه

-ادينى وقت لحد الصبح اكون حضرتلك الفلوس

اماء براسه مغمغم بسعادة

-وماله استنى منى تليفون الصبح اقولك فيه على المكان بس عشان تبقى عارف اى حركة غدر هتقول على ولادك يا رحمن يا رحيم 

أغلق عدى الهاتف فسريعًا ما صاحت حورية بلهفة

-قولى قالك ايه

-عايز اتنين مليون و يسبهم 

تنهدت حورية و وضعت يدها على فمها و ابتسامة بسيطة تلوح على وجهها و كذلك الجميع الذين بدأ يتغلل شعور طفيف من الراحة بداخلهم

اما مى فأرتعدت من داخلها، وكانت حالتها لا توصف جالسة بمكانها لا تصدق ما حدث و خيانته و بيعه لها بتلك الطريقة ف بفعلته تلك خرب لها مخططها فأغمضت عينيها لوهلة تلعنه و تلعن امير الذى اختفى و لا تعلم عنه شئ

فأزدردت ريقها و رفعت يديها تدلك مؤخرة عنقتها تفكر بحل ما لتلك المعضلة

                  *********

وقفت أمامه وهى تراه جالس أمام احدى لوحاته وفرشاته الملطخة بالألوان القاتمة بين أصابعه فعقدت يديها و قالت

-أنت مبتردش عليا ليه هو انا مش أتصلت عليك كتير و المفروض تفهم انى عايزاك 

تجاهلها حسام و ظل يتطلع بتلك الرسمة أمامه و لكن لم يغيب عن عينيها غضبه الجام الذى صبه بتلك اللوحة امامه

فتنهدت و تحركت بالمكان من حولها تراقب رسوماته و لفت أنتباها تلك اللوحة الموضوعة باحدى الزوايا و مغطاه بأكملها فسارت ناحيتها و مدت يديها منتشلة ذلك الغطاء من عليها فأزدادت خفقاتها عندما وجدتها لغريمتها و التى لاتزال تنافسها على قلب معشوقها 

فظلت تتأمل اللوحة فأستدارت تنظر إليه و هى تغمغم بغيرة واضخة

-انا أحلى على فكرة

رفع عينيه يتطلع لها و سريعًا ما امتعضت ملامحه و اشتعلت بنيران سوداء تبث الرعب بالقلوب

تيبست ساقاها و هى تراه يقترب منها بخفة الفهد الذى يستعد للأنقضاض على فريسته 

قبض على ذراعيها صارخًا بها و عينيه تطلق شرار

-أطلعى بررررررره، مش عايز اشوفك انتى ايه معندكيش كرامة يا بت انتى مش طايقك مش عايز اشوفك لو اخر بنى آدمة على وجهه الارض مش هحبك انتى متتحبيش مفيش واحد يحب واحظة فيها مواصفاتك القذرة دى، انتى فاكرة انك لما تبينيلى قد ايه انتى جريئة انا هنشغل بيكى و هحبك، انسى و اطلعى بقى من حياتى مش عايز اشوفك

بتلك اللحظة لم تستطع حبس دموعها و انهمرت على وجنتيها بشدة و شهقاتها تعلو رويدًا رويدًا و رفعت يديها مزيلة دموعها ناظرة بعينيه التى لاح بها التأثر بدموعها و قالت من بين شهقاتها بشفتاه مرتجفة

-بس انا عايزة اشوفك انا بحبك يا حسام، مش هقدر اعيش من غيرك انا بنام و بصحى على صورتك، لو قدرت اطلعك من حياتى مش هقدر اطلعك من قلبى

سيطر الأندهاش الممزوج بالصدمة على وجهه و سريعًا ما ألتوى فمه بابتسامة ساخرة مستنكرة افعالها قائلًا 

-مفيش فايدة فيكى برضو يا بنت الحلال افهمى انا مش هقدر ابادلك مشاعرك انتى جميلة و اى حد يتمناكى يبقى ليه تعلقى نفسك بيا

اقتربت منه و بحركة تلقائية عفوية منها مسكت يديه محاوطة اياها بتملك قائلة بحب 

-قولتلك عشان بحبك يا حسام و معنديش مانع افضل مستنياك عمرى كله، انا مش عايزاك تحبنى بنفس الدرجة لانك مش هتقدر توصل لدرجة حبى ليك بس انا عايزاك تدينى و تدى نفسك فرصة يا حسام 

زفر حسام و ابتعد بضع خطوات شاعرًا بالغضب من نفسه فكم لمس حديثها قلبه و هزت تلك االمسة من يديها كيانه فأراد الخضوع لها يريد اعطائها و اعطاء نفسه فرصة و لكن لا يزال عشقة الوهمى لإنجى يمنعه من الاعتراف لنفسه بانه ينجذب لتلك الفتاة

فنظر لها و قال بما يخالف قلبه

-انا اسف مش هقدر مش هقدر 

لم تيأس و لم تمل فماءت براسه مستعدة للمغادرة

-وانا كمان اسفة يا حسام انا مش هستسلم

                 **********

ظلت ترمقها بنظرات مدهوشة و إمارات التعب ظاهرة على وجهها شاحن اللون فابتسمت لها آلاء بابتسامة بسيطة 

-مستغربة ليه انى هنا، انتى متوقعه انى ممكن اعرف انك تعبانه و مسألش فيكى انتى منعرفيش انا بحبك ازاى ده انتى اللى مربيانى

رمشت فاتن بعينيها عدة مرات متتالية بعدما خفق قلبها بسبب حديثها فلطالما كانت تعتبرها ابنتها مثلها مثل باسم و إسلام رغم مكانه باسم بقلبها و التى تحظى بالنصيب الاكبر ولولا ما حدث ما كانت ابتعدت عنها

فغمغمت آلاء و هى ترفع يديها تتحس جبينها 

-الحمدلله حرارتك نزلت انتى حاسة نفسك احسن دلوقتى

اماءت لها فاتن و سيطر عليها شعور قوى و هو رغبتها بضمها داخل احضانها فابتلعت ريقها متذكرة تلك الأيام التى اعتنت بها اثناء مرضها فصاحت آلاء و كأنها تشعر بما يدور بخلدها

-فاكرة و انا صغيرة لما كنت بتعب كنتى بتعملى معايا ايه، كنتى بتفضلى قاعدة جمبى و مبتسبنيش، إسلام اول ما قالى انك تعبانه مقدرتش مجيش و اشوفك 

فقالت فاتن بعتاب

-لسه فاكرة تسألى عليا ده انتى معملتيهاش من اربع سنين 

-أقتربت منها داخلة بأحضانها دافنة راسها بصدرها

-كنت تعبانه و منهارة مكنتش بخرج من اوضتى بس من ساعة وجد ما رجعت و انا اتحسنت

اسودت عين فاتن و رددت اسم وجد متمتمة

-وجد!!! هى رجعت

رفعت آلاء عينيها تنظر لها و اماءت براسها قائلة بصدق

-ماما خلينا ننسى اللى فات وجد مأذتش باسم و لا انا و لا انتى محدش فينا اذاه هو اللى أذى نفسه بنفسه و هو دلوقتى ميجوزش عليه غير الرحمة

تنهدت الآخرى بوجع و لمعت الدموع بعيناها فلطالما انبها ضميرها شاعرة بأنها كانت احدى الأسباب الرئيسية لما وصل اليه باسم فلو كانت اوقفته من البداية لما حدث ما حدث 

نظرت ل آلاء التى ترمقها منتظرة اجابتها و بداخلها شعور قوى يحسها على ان تتخلى عن حقدها و كرهها لتلك العائلة فأسترسلت آلاء حديثها و قالت

-طيب تعالى نعكس الادوار و خلينا نتخيل ان اللى حصل لوجد حصلى انا وانى اتعرض للاعتداء بالوحشية دى، كان هيبقى ايه موقفك يا ماما، انا عارفة سبب كرهك لوجد عارفة انك مبتحبيهاش عشان بابا بيحب والدتها بس ده مش ذنب وجد 

أماءت لها فاتن و رفعت يديها تمسد على خصلاتها بحنان اموى فاغمضت آلاء عينيها و قبعت داخل احضانها مرة أخرى

طرق الباب وصاحبة دلوف إسلام الى الغرفة فأتسعت ابتسامته و هو يرى شقيقته بأحضان والدته فقال بمرح

-ايه جيت فى وقت غلط ولا حاجة 

أشارت له فاتن حتى يقترب منها و تاخذه باحضانها هو الآخر فأستجاب لها ابنها سريعًا سعيدًا بذاك التغير 

اطل رائف برأسه و وقف على باب الغرفة سعيدًا بما حدث و تعلقت عينيه على آلاء التى ما ان فتحت عينيها حتى امتعضت ملامحها و قالت بحنق

-انت لسه هنا!؟

ابتسم لها و اجابها على مضض 

-لا هناك 

خطى داخل الغرفة و قال 

-عاملة ايه دلوقتى يا طنط

اماءت له فاتن و قالت بهدوء

-الحمدلله 

ابتسم لها و صاح 

-طيب انا و إسلام حضرنا أكل خفيف كده هنحضر و نأكل كلنا سوا 

               ***********

بتلك الغرفة التى يعمها الظلام الحالك كان يتسطح على الارضيه الصلبة و وجهه شاحب اللون ملئ بالكدمات و يشعر بأنهاك و تعب لم يشعر به من قبل و بدأ الرؤية امامه غير واضحة و كأنه سيفقد وعيه

دلف عمر الغرفة بعدما فتح الباب و خطى بخطوات هادئة و دنى لمستواه و معالم القسوة و البرودة ترتسم على وجهه و قال 

-ها يا أمير لسه مصمم على اللى فى دماغك

ابتلع امير ريقه بصعوبة بسبب جفاف حلقة و غمغم بضعف

-لا يا عمر خلاص مش هقرب ناحيتها تانى انا اصلا معرفش حد بالاسم ده 

ابتسم عمر باعجاب و قال

-لا عجبتنى، بس يارب تفضل على كلامك ده و ميتغيرش لما اخرجك من هنا، بس نصيحة منى بلاش اللعب معايا يا أمير عشان انا ممكن اويك ورا الشمس 

حاول امير النهوض و بعد عدة محاولات نجح بذلك و قال 

-صدقنى مش هيتغير و هبعد عنها انا اصلا كنت ناوى أكسر عينها و اقضى معاها يومين و بعدين

قبض على فكة بقبضته الفولاذية و تمتم من بين اسنانه

-متكملش يا روح امك و حورية مش هى اللى تتسلى بيها و زى الشاطر كدة عايزك تسافر تبعد عن هنا خالص مش عايز المحك 

اماء له امير باستسلام و قال

-من غير ما تقول انا كنت هعمل كده هسيب البلد بحالها

ابتسم عمر بانتصار و نهض من مكانه و خرج خارج الغرفة و آمر رجاله بان يتركوه......

               **********

و فى صباح اليوم التالى

وفى أحد البنايات المهجورة كان عدى يقف بمواجهه عبده فصاح عبده بأبتسامة

-اهلا يا بيه حضرت الفلوس

اماء لها عدى و قال

-استلم ولادى الاول و بعدين تاخد فلوسك

حك عبده دقنه و تمتم 

-وماله ولا يا حمادة هاتله العيال من جوة

و سريعًا ما جلب الصبى الطفلين و اقترب بهم من معلمه 

فتنهد عدى و اقترب من سيارته و فتح الباب الخلفى و اخرج تلك الحقائب التى تحوى على الاموال المطلوبة

فاستلم عدى اطفاله الذين هللوا لرؤيته و وضعهم بالخلف و تأكد من سلامتهم  

استلم عبده الاموال و ما كاد ان يغادر حتى صاح عدى باسمه فألتفتت ينظر اليه بتساؤل فصاح عدى

-مين اللى آمرك تخطف ولادى

ابتسم عبده ابتسامة جانبية و قال بخبث

-المدام يا عدى بيه

قطب جبينه و قال بغضب و هو يضم قبضته

-حورية!!

نفى عبده برأسه و قال 

-معرفش واحدة اسمها حورية بس اعرف مى و كويس اوى ده احنا ولاد حته واحدة

                  __يتبع__

ليست هناك تعليقات