إبحث عن موضوع

خدام المحلاوي

وحدتي وعُزلتي خَلتني أدور في عالم الجن، دايمًا عَندي وسواس من شيء مَجهول أني أبحث في العالم ده، مَبدأيًا أنا عايش مع أبويا وأمي وأختي اللي عندها ٤ سنين، ماعنديش صحاب أو أصدقاء، باختصار أنا إنسان وَحيد تمامًا. 

في الفَترة الأخيرة الوسواس الغريب زاد أكتر، بقى عِبارة عن حاجة شَبه الضغط النفسي، ومع كُتر التفكير قررت أني أعمل الحاجة نفسي أنفذها من زمان، وهي أني أخوض تجربة في تَحضير الجن، بالفعل نزلت اشتريت كتاب من الكُتب اللي بتتباع على الرصيف والكتاب كان مُتخصص السحر والتحضير، بعد ما اشتريت الكتاب بدأت أقرأ فيه وأنا ماشي في الشارع، لَقيت حاجة اسمها
"عزيمة تسخير وحضور جني يخصص لخدمتك". 

شُعور بالفُضول مَمزوج بانتصار، كأني كنت بدور على حاجة وأخيرًا لَقيتها، اشتريت كام حاجة مَطلوبة لتنفيذ شروط وطقوس العَزيمة دي وبعدما خلصت رجعت البيت تاني. 

على الساعة ١٢بالليل وتحديدًا بعدما البيت كُله نام جَهزت كُل حاجة، طَفيت نور الأوضة ونورت لمبة "الأباجورة" الصغيرة وعَملت كام حاجة لا داعي لذكرها وبعدها على طول بدأت أردد الكلام المطلوب وفضلت أعيد وأزيد فيه لحد ما دَخلت في مَرحلة غير طبيعية من الإرهاق، وَصلت للمَرة الـ٢٥٠ تقريبًا، لَقيت دُخان خَفيف بيظهر تدريجيًا ومن العدم ظَهر راجل بشرته لونها أسود ولابس جَلابية بنفس لون بشرته وعلى دماغه "عمامة" حمراء. 

ابتسم ليّ بسنانه البيضاء المُرعبة وبَرق ليِّ بعينيه وقَرب مني في خطوات ثابتة، وقف مرة واحدة وقال:

-خادم المَحلاوي حَضر

ما استحملتش المَنظر وطلعت أجري وأنا بَصرخ وبنادي على أمي وأبويا، طبعًا صِحيوا من نومهُم وسألوني عن اللي حَصل، ما عرفتش أقولهم أية غير أني حلمت بكابوس مُفزع بس المُشكلة مش هنا، المُشكلة أن أبويا دَخل الأوضة بتاعتي يَتفقدها لَقاها عادية، مفيش أي أثر لأدوات التحضير اللي استخدمتها ولا حتى أثر للكتاب، ما استغربتش على قد ما ارتحت لآن ده لحسن حظي طبعًا، عدى الموقف بسلام والحمد لله ماحصلش حاجة بعدها. 

بعد يومين صحيت قبل الفجر بساعة بسبب أرق في النوم وإحساس بالخنقة، دَخلت الحمام عشان أغسل وشي، بصيت في المرايا لَقيت الراجل اللي ظهر ليِّ قبل كدا، فقدت النطق ومش قادر أجمع أو أستوعب الموقف اللي أنا فيه، في ثانية لَقيته في وشي وبيضربني بعنف شديد، حَسيت بألم عمري ماحسيت بيه قبل كدا وقعت على الأرض، سابني وخرج بسرعة من الحمام وقفل الباب بالمفتاح، معرفش أزاي المفتاح بقى برا.

ثواني بسيطة وسمعت صوت أختي بتعيط بهستريا ومَرة واحدة صوتها اتقطع، فضلت أرزع وأخبط على باب الحمام لحد ما أبويا فتح ليِّ، ما سيبتلوش فرصة يسأل في أية، جِريت على أوضة ندى أختي مالقتهاش في سريرها، بس لَقيت شباك الأوضة مفتوح.....

أيوة 
قالوا أن ندى وقعت من الشباك ومَحدش يعرف أزاي وليه، بس أنا عارف وخايف أتكلم، بعد مدة العزا ماخلصت وفي وسط حالة الكئابة والحزن اللي أحنا فيها قررت أواجه أهلي بكل اللي حصل، و فعلًا عملت كدا.

بمجرد ماخلصت كلامي أبويا فقد أعصابه وانهال عليا بالضرب لدرجة أني كنت هَموت في أيده بس مرة واحدة وقف وسكت سكوت مش مُطمئن.

قال ليِّ:
-أنت قولت المحلاوي!!!!!! 
-أه، بس والله معرفش لية كُل ده حصل
أمي بمجرد ما سمعت الاسم ده اتخضت وبصت لأبويا اللي قال لها:
-المحلاوي يا ريهام!!!، أنا ماعنديش استعداد اخسركوا 
أمي دمعت:
-كنت عارفة أن كُل ده هَيحصل، أتصرف يا محمود أحنا بنضيع من بعض

بصيت لهُم باستغراب وبصراحة حاولت أفهم الألغاز اللي بيتكلمو بيها ماعرفتش:
-ممكن حد يفهمني في أية!! 

أبويا بص ليِّ بشفقة:
-أنا ظَلمتك يا أحمد، كُل اللي بيحصل معاك ومعانا ده مترتب من زمان أوي، عيلتي وعيلة أمك كانو عايشين في الصعيد وأحنا معاهم، كبير عيلتنا كان إمام المسجد وكبير شيوخ البلد، أما كبير العيلة بتاعة أمك اسمه المحلاوي كان والعياذ بالله دجال وبيكسب من السحر ، وكُل البلد قالت أنه مخاوي وياما أذى ناس بيه، في يوم حَصل خلاف كبير أوي بين العيلتين ونتيجتها أن المَحلاوي اتقتل.

أهل البلد اتجمعوا وعملوا قَعدة صُلح بين العيلتين، ومن ضِمن الشروط اللي اتفقوا عليها في الصُلح أن أنا وأمك نتجوز عشان نضمن أن الخلافات ماترجعش تاني وأهو حصل وسيبنا البلد وجينا نعيش هنا.

بص يا ابني، اللي ظهر لك ده تقريبا الجن اللي المحلاوي الله يجحمه محضره، وهو اللي فضل يوسوس لك الفترة اللي فاتت دي كلها عشان تحضره وينتقم منا لأننا قتلنا صاحبه.

من واقع خبرتي مع جدي الكبير الله يرحمه مفيش غير طريقة واحدة نخلص بيها الموضوع ده عشان لو سكتنا هَنموت واحد ورا التاني، بص يا أحمد خد بالك من أمك أنتو مالكوش غير بعض.....

خلص كلامه وحضني وباسني، بص لأمي بحزن وسابنا ونزل بسرعة، أمي انهارت من العياط وبردو مافهمتش السبب

شمس تاني يوم ظَهرت وأبويا مارجعش، التوتر وصل لأقصى مراحله مع أمي، بسرعة خَدتني ونزلنّا المقابر، وصلنا وكلمنا التربي ودخل معانا، فضلنا ماشين لحد ما أمي وقفتنا قدام قبر بابه مفتوح.

سبقتنا بخطوتين عشان تبص جوا القبر ومرة واحدة وقعت على الأرض، جِريت أنا والتربي اللي معايا نبص في أية وكانت صدمة عمري.

أبويا ميت في التربة وجنبه كومة كبيرة من الرماد، لسة هخش ألحق أبويا التربي مسكني وقال ليِّ:

-أستنى أوعى تخش، أنا معرفش مين الراجل اللي جوا ده، بس اللي أعرفه أن الراجل ده حرق شر كبير أوي لدرجة أنه ضحى بنفسه، أدعي له بالرحمة ويلا نفوق الست والدتك أهم.

أنا وأمي دلوقتي عايشين في سلام، بس جوانا نقطة سودة كبيرة أوي عمرها ما هتتمحي من ذاكرتنا، ونصيحة أوعى تسمع لوسواس بيدفعك تدور على حاجة ماتعرفهاش....

محمد عبد القادر

ليست هناك تعليقات