إبحث عن موضوع

نيل 🤔

عمرك قتلت من غير ما تعرف... ؟
أنا بقى أعرف حد عملها قبل كده و الحد ده هو...
نيل
ده أسمي
شاب زي شباب كتير عاشوا و اتربوا برة مصر لأن أهلهم كانوا بيشتغلوا في دولة أجنبية، رجعت بلدي بعد ما كبرت و المفارقة بقى أن انا مارجعتش على القاهرة ولا رجعت على المدينة...أنا رجعت على القرية اللي منها و منها كمان أهل ابويا و أمي، أمي اللي بالمناسبة توفت و اندفنت في نفس القرية، و بالمناسبة كمان..وفاة والدتي كانت هي السبب الرئيسي أن انا و ابويا استقرينا في القرية لأن والدي قرر يقضي الباقي من حياته جنب المكان اللي مدفونة فيه أمي على حسب كلامه...

مشيت حياتي في القرية ما بين اندهاش و انبهار بريف مصر اللي انا اتربيت بعيد عنه من صغري، مشيت حياتي وسط نظرات استغراب من أهل البلد بسبب مظهري و بسبب أسمي اللي هو من اختيار والدي اللي قال لي أنه سماني كده بسبب أن أول لقاء بينه و بين أمي كان عند النيل...!

المهم مشيت حياتي و عدت الأيام لحد ما قررت في يوم أن انا اروح قصاد النيل شوية و بالفعل عملت كده، خرجت من البيت حوالي الساعة ١١ بالليل و اتمشيت لحد ما عديت الأرض الزراعية و روحت قعدت قصاد ماية النيل و سرحت مع شكل النيل اللي كان لونه أسود بسبب ظلام الليل و سرحت كمان مع شكل القمر اللي كان منعكس على الماية اللي كانت هادية جدًا لحد ما فجأة لاحظت أن الماية بدأت تتحرك، وقتها وقفت و ركزت مع الماية لحد ما فجأة برضه ظهر على سطحها شيء غريب ماكنش واضح في الأول بس لما ركزت معاه اكتشفت أنه كيس كبير أو زي ما بيقولوا عليه في البلد (شوال)، الشوال ده فضل يقرب من البر لحد ما وصل تحت رجلي، و بصراحة انا مابخافش ولا بصدق في الجن و العفاريت و النداهة و الخرافات اللي أهل البلد بيحكوها ف مديت أيدي و شديت الشوال نحيتي و فتحته و كانت المصيبة لما لقيت جواه شخص شكله متبهدل، خرجته برة الشوال و بصيت على هدومه المتوسخة و على ملامحه اللي كانت متلغبطة بسبب أنه كان من الواضح أنه مضروب علقة محترمة..
قربت منه و بدأت افوقه لأني اكتشفت انه عايش و مع محاولاتي لأنعاشه فاق و قام وقف بالعافية و بالعافية برضه فتح عينيه و قال لي بصوت مبحوح...
- انت أنقذت حياتي...!
رديت عليه بسؤال بديهي...
- انت مين و أيه اللي عمل فيك كده ؟!
رد عليا و هو بيعيط...
- أنا منصور...اللي عمل فيا كده العمدة المفتري منه لله.
سكتت و انا من جوايا بقول..(و عمي العمدة يعمل فيك كده ليه ؟)
قطع سرحاني مع نفسي و سكوتي صوت الرجل اللي قال..
- و انت من عيلة مين ؟، شكلك غريب عن البلد و شكلك مش من النواحي دي !
حاولت اتدارك الموقف و لحقت نفسي لما قولتله...
- أنا من القاهرة و كنت جاي ضيف عند واحد صحبي من البلد، المهم حمد لله على سلامتك...محتاج حاجة ؟
بص لي بصة مافهمتش معناها و قال لي...
- لأ مش عايز...و حتى لو عايز ف انا هاخد اللي انا عاوزه بمعرفتي، تُشكر يا أستاذ على أنك أنقذت حياتي و يلا امشي من هنا عشان وجودك في المكان ده خطر عليك بسبب قطاعين الطرق و الحرامية اللي ممكن يطلعوا لك من أي مكان من الأراضي الزراعية اللي حواليك دي.
قال الرجل كلامه اللي خلاني قلقت و خلاني كمان مشيت على طول و روحت البيت، و البيت اللي انا ساكن فيه كان بيت العيلة أو زي ما بيقولوا في البلد (بيت العمدة) اللي فيه بيعيش العمدة و اخوه اللي هو ابويا و ابن اخوه اللي هو انا، روحت البيت و من غير أي كلام مع أي حد دخلت أوضتي نمت و أول ما غمضت عيني بدأت اشوف حلم متقطع؛ كان عبارة عن مشاهد بيني و بين عمي اللي كنت بتخانق معاه طول الحلم لحد ما صحيت على صوت الخدامة بتاعتنا و هي بتصرخ و بتقول...
- الحقونا ياهوو...العمدة مات..العمدة مات.
قومت من النوم مفزوع و انا بتلفت حواليا لكن اللي لفت نظري لما صحيت هو شكل هدومي و أيدي اللي كانوا مليانين دم انا ماعرفش جه منين ولا جه ازاي، الدم ده ماكنش له أثر قبل ما انام..!
قومت من عالسرير و دخلت على حمام أوضتي جري، خدت شاور و غسلت هدومي و خرجت لبست هدوم تانية و خرجت من أوضتي و روحت على أوضة عمي العمدة اللي لقيته فيها جثة نايمة ع السرير اللي كان مليان دم من أثر طعنات كتير من الواضح أن هي سبب موته..!

المهم ابويا كتم على خبر أن عمي اتقتل و قال لكل الناس يقولوا أنه مات موتة عادية جدًا، و بعد كده جه مغسل العيلة و غسل جثة عمي و بعد كده الخدامين نضفوا الأوضة و بعد ما خلصنا كل حاجة في البيت روحنا دفنناه في ترب العيلة و بالتباعية بقى والدي هو العمدة، مشيت الدنيا لحد ما بعد العزا قعدت انا و ابويا في البيت لوحدنا، وقتها بصيت لابويا اللي كان ساكت و مسهم من أول اليوم و قولتله...
- مالك يا حاج..انت ساكت ليه من الصبح..؟!
بص لي بصة مليانة حزن و قام من مكانه و قال لي..
- قوم نام يا نيل..قوم نام و سيبني انا كمان انام لأن النهاردة كان يوم طويل و انا تعبان و محتاج ارتاح.
قام ابويا دخل أوضته و انا كمان دخلت أوضتي و انا مش فاهم حاجة ولا عارف أيه اللي حصل في عمي ولا عارف كمان الدم اللي لقيته على هدومي ده دم عمي ولا دم مين ؟!
المهم دخلت أوضتي و لأني كنت تعبان و هلكان نمت و لما نمت حلمت بحلم متقطع و كان عبارة عن ٣ مشاهد، أول مشهد كنت انا فيه بجيب سكينة من المطبخ، و تاني مشهد كنت فيه بتخانق مع ابويا، و تالت مشهد كان عبارة عن أن انا واقف و بغسل السكينة في المطبخ و بعد كده بحطها مكانها، و زي اليوم اللي قبله بالظبط؛ صحيت على صوت صراخ نعيمة الخدامة و هي بتقول...
- الحقونا يا ناس..العمدة مات...العمدة مات.
قومت مفزوع و برضه لقيت هدومي و أيديا مليانين دم، على طول قومت برضه جري عالحمام و عملت نفس اللي عملته في اليوم اللي قبله و بعد ما غيرت هدومي جريت على أوضة ابويا اللي لقيته ميت بنفس الطريقة اللي كان ميت بيها عمي !
انا كمان كتمت على الخبر و ماقولتش لحد عشان البلد مايحصلش فيها مشاكل، أصل أهل البلد و الحكومة لو عرفوا أن العمدة اتقتل بالشكل ده أهل البلد هيقوموا زي الحريقة اللي مش هقدر اطفيها و أكيد مش هيحصل طيب.
فعلًا عملت نفس اللي عمله ابويا في عمي و غسلناه و دفنناه بعد ما قدرت عن طريق دكتور الوحدة أن انا اطلع تصريح دفن لابويا، خلصت دفنة ابويا و خلص العزا و بعد ما خلص اتجمعوا أهل البلد و استقروا على أن انا أبقى العمدة الجديد و برروا كلامهم بأن العمودية ماينفعش تخرج من بيتنا و أن البيت مابقاش فيه رجل غيري لأن عمي ماكنش عنده أولاد و ابويا ماكنش له أولاد غيري، المهم يعني بعد رغي كتير بقيت انا العمدة ماعرفش ازاي !

خلصت قعدتي مع الرجالة و نزلت بالليل اتمشى في البلد لكن أثناء ما انا ماشي لقيت اتنين شباب واقفين بيتكلموا، ماسمعتش من كلامهم مع بعض قبل ما اقرب عليهم غير كام جملة كده..
- دول بيقولوا أن العمدة مماتش عادي كده، دول بيقولوا أنه اتقتل زي ما اخوه كمان اتقتل يا واد يا زينهم.
- يلا ما هو من أعمالهم، انت مش فاكر الواد أبن عيسوي لما قتلوه و....
سكتوا أول ما قربت نحيتهم و لما حاولت اتكلم معاهم أو أسألهم عن أي حاجة مشيوا و سابوني بعد ما غيروا الموضوع اللي كانوا بيتكلموا فيه تمامًا، المهم سيبتهم و روحت قعدت في نفس المكان اللي كنت قاعد فيه من يومين، قعدت قصاد النيل و اتكلمت معاه..
(أنت عارف...أنا فعلًا حياتي بقت شبهك بالليل؛ حياة سودة و غامضة و بقيت كمان زيك نيل أسم و صفة)
و أثناء ما انا قاعد بكلم نفسي و انا حزين و سرحان في اللي حصل سمعت صوت من ورايا بيقول...
(حقي انا خدته و انت ساعدتني..من قتل يقتل ولو بعد حين)
لفيت عشان اشوف مين بيتكلم لكني مالقتش حد ف قومت من مكاني و خدت بعضي و انا مشتت و سرحان و روحت عالمقابر، وقفت قصاد قبر ابويا اللي كان جنبه قبر عمي و قولتله..
- أنت عملت أيه انت و عمي...و مين اللي قتلك..أنا ولا مين ؟!
في الوقت ده سمعت نفس الصوت اللي سمعته و انا قاعد عند النيل جاي برضه من ورايا بس المرة دي قال...
(أنا اللي قتلتهم عن طريقك...من قتل يقتل)
لفيت ورايا عشان اشوف مين بيتكلم لكني مالقتش حد، بس لفت نظري خيال اسود كان واقف قصاد شاهد قبر من القبور، اتمشيت و روحت ناحيته لكني أول ما وصلت مالقتش حد، قولت بيني و بين نفسي أن الظاهر كان بيتهيألي، لكن اتأكدت انها مش تهيؤات و اتأكدت كمان مين اللي قتل ابويا و عمي لما لقيت مكتوب على شاهد القبر أسم (المغفور له بأذن الله/ منصور العيسوي)
خدت بعضي و روحت البيت و نمت و لما نمت حلمت بنفسي و انا واقف عند النيل و شوفت قصادي الرجل اللي انا طلعته من الشوال و هو بيبصلي و بيضحك و بعد كده قرب مني و همس في ودني و قال..
(أنا لبستك و خليتك تموتهم لأنهم مايستحقوش الحياة، هم اللي قتلوني بسبب خلاف على حتة أرض و رموني في النيل بعد ما حطوا جثتي في شوال و لما الناس لقوا جثتي قالوا أن النداهة قتلتلني، من قتل يقتل يا نيل...من قتل يقتل...أعدل بين الناس)

صحيت من النوم و لما مشيت الدنيا طبيعي بعد كده عرفت أن فعلًا ابويا و عمي زمان كان في خلاف ما بينهم و ما بين شخص اسمه منصور العيسوي أهل البلد لقوه ميت و مرمي جوة شوال في النيل و قالوا أن النداهة هي اللي موتته و خطفته للنيل اللي اترمى فيه بعد مات، منصور العيسوي هو القتيل اللي كان شخص أسمه على أسم النيل اللي اترمى فيه بعد ما مات هو السبب في أنه يجيب حقه من اللي قتلوه، و الشخص ده هو أنا... العمدة نيل.
تمت

محمد_شعبان

ليست هناك تعليقات