إبحث عن موضوع

صرخات ليلية

الحكاية دي حكهالي صديق ليّا واحنا قاعدين مع بعض قال:
كنت شغال في الجونا.. أحلى مكان ممكن تشوفه في مصر تقريبًا.. لكن كان صاحب المطعم اللي أنا شغال فيه مقعدنا في في عمارة في الغردقة على بُعد نص ساعة من الجونا
أنا قبلت بالشغلانة دي علشان مكنش ساعتها قدامي أحسن منها وهي فرصة بصراحة.. وكان المرتب كويس.. لكن عيبها الواحد هو العمارة اللي كنا قاعدين فيها.. عمارة تخص صاحب المطعم بيقعد فيها الناس اللي شغالين معاه. عمارة كل حاجة فيها غريبة.. أغرب حاجة فيها إن نصها متشطب من بره والنص التاني متساب ع المحارة!.. تخيل منظرها مشوه إزاي وغريب إزاي.
من أول يوم جيت  وأنا مش مرتاح للمكان.. وكان باين برضو على عمال المطعم اللي ساكنين معايا إنهم مش مطمنين.. لسوء حظي مكنش ليا أصدقاء هناك وكان في اكتفاء  في كل الغرف فاتحدفت في أوضة لوحدي بعيد عن الباقية.
كنت متعود على الوحدة وااضلمة فقدرت أتأقلم بسهولة.. لكن الرعب بدأ معايا من أول يوم.
مع الصرخة اللي سمعتها!
صحيت على صرخة طويلة فضلت تقل لحد ما انتهت بهبدة على الأرض.. حاولت أستوعب مصدر الصرخة جاي منين معرفتش.. بصيت من الشباك مشفتش حاجة.. فتحت الباب وجريت أبص على السلم مش لاقي أي حاجة.. خبطت على واحد من العمال اللي ساكنين معايا ففتحليواحد بيتاوب وسألني في ايه؟
قلتله:مسمعتوش حاجة بتتهبد على الأرض؟.. أو صرخة؟
بصلي باستغرابوسمعت صوت واحد تاني بيسأل من جوه:مين يا صبري؟
فرد صبري:أبدًا ده المستجد.. بس واضح إنه لسه مش متعود ع القاعدة لوحده.. روح نام عاشان عندنا شغل الصبح؟.. قالها بسخرية وقفل الباب.
في اليوم ده منمتش كويس وتاني يوم في الشغل كان يوم متعب جدًا.. وكنت ميتني أروح علشان أنام.. لكني صحيت برضو على نفس الصرخة وبعدها الهبدة.
قمت وجريت على الشباك مشفتش حاجة برضو.. بس لمحت بواب عمارة قريبة مننا باصص ناحيتي.. وأول ما حس إني ببصله دخل جوه العمارة!.. الموضوع فعلًا كان غريب ومخيف.. حسيت إني مش هقدر أنام فدخلت الحمام أغسل وشي.. وأنا خارج من الحمام لاحظت إن لمبة الأوضة بتترعش.. لحد ما الأوضة ضلمت.. وشفت حاجة غريبة.. كان في وسط الضلمة جسم إنسان واقف قدامي.. شخص لابس هدوم تشبة شوية العفريتة لكن مفيش أي تفاصيل باينة.. استنتجت ده مش شكل الظل بس.. اتسمرت في مكاني من الرعب واستمر الوضع ده لثواني لحد ما النور رجع.
خدت نفسي ووقعت ع الأرض مش مصدق.. أكيد كان اللي شفته وهم.. ومقدرتش أنام يوميها.
وتاني يوم في الشغل حالتي كانت سيئة جدًا والمدير حذرني بإنه هطردني.
وأنا مروح واحد من اللي شغالين في المطبخ كان مروح معايا وسألني :مالك.. ايه اللي بيخليك متنمش؟
حكيت به كل اللي شفته وسمعته.. وهو سمعني بكل تركيز وبعدها قلي:
- على فكرة دي مش مشكلتك لوحدك.. أغلبنا بيشوف وبيسمع نفس الحجات دي بس مبنتكلمش.. علشان خايفين منصدقش بعض.. واتعودنا خلاص.
- طب ومعناه ايه كل ده؟
- منعرفش احنا زينا زيك.. مبنسألش كتير علشان مش من حقنا نسأل.. المهم نأكل عيش.
الليلة دي بعد ما روحنا مقدرتش أنام.. وكأني كنت منتظر حاجة تحصل.. وبالفعل سمعت صوت الصرخة والهبدة تاني.
بصيت من الشباك فلمحت بواب العمارة القريبة بيبصلي تاني.. هنا اتأكدت إن الراجل ده عارف حاجة.. خرجت أجري على السلم وكان السلم ضلمة شفت في الطرقة نفس ظل الشيء بزي العامل تاني!.. قررت أجري المرة دي ناحيته عايز أفهم ايه ده.. لكنه اختفى.. ولقيت نفسي بتكعبل من فوق السلم وبقع على دراعي.. سمعت صوت العضم بيتكسر وشفت الشيء اللي اتكعبلت فيه.. كان شيء يشبه رولة البباض اللي بيستخدمها النقاشين.
قعدت أصرخ عسى إن حد يسمعني ويساعدني وبالفعل اتفتحت البيبان وخرجوا شالوني لأقرب دكتور يجبصلي ايدي.. وخدت أجازة مرضية.. وكنت متوقعإن المدير يقرر طردي في أي لحظة..
لما الكل راحوا المطعم وبقيت لوحدي بعدها بيومين قررت إني هنزلللبواب وده أدور عليه وأعرف منه اللي يعرفه.
روحت ناحية العمارة اللي بيحرسها سلمت عليه فسلم عليّ واتعرفت عليه كان اسمه صبحي.. وكان واضح إنه ميعرفنيش.. قلتله:
-أنا محتاج أعرف منك حجات كتير.. الموضوع مهم جدًا بالنسبالي.. حياة أو موت.
رحب بيا وقالي اتفضل.. حكيتله عن نفسي وعن اللي ببحصل معايا وختمت كلامي بقول:
-أنا شفتك كذا مرة بتبص في نفس الوقت اللي كنت بسمع فيه الصرخات والهبد.. أنا متأكد إن عندك كتير تعرفهولي.
كان باين عليه التردد شوية لكنه في النهاية اتكلم. وقال:
-هحكيلك الحكاية بس متتكلمش فيها مع حد.. تسمعها وتمشي بعيد عن هنا.. البيت ده أول ما اتبنى كان في عمال كتير شغالين فيه من ضمنهم العمال اللي بيشطبوا العمارة من بره.. وكان من ضمنهم عامل اسمه بسيوني.. بسيوني كان فوق الرافعة اللي بيتحكم فيها حبل بجرار ومتور من فوق دي.. أكيد عارفها وبتشوفها.. في يوم من الأيام بعد ما خلصوا نص تشطيب العمارة اللي انت شايفه ده الحبل بتاع الرافعة فك.. وونزلت عبد في الأرض وهي فيها بسيوني اللي عضمه اتدشدت وقطع النفس.. بعد موت بسيوني الشغل في البيت وقف فترة.. ولما حاولوا يستئنفوا العمل معرفوش لأن العمال كان كتير منهم بيقول إنهم بيشوفوا أشبلح وبيسمعوا أصوات وحجات من دي.. صاحب البيت كان عنده مطعم في الجونا.. وكان بيبقى فيه عمال كتير مغتربين.. فكان بيقعدهم كلهم جوه البيت ده علشان يستغله.. وطبعا العمال الغلابة زاي حلاتكم مكنش قدامهم حل غير إنهم يتعابشوا مع الوضع وخصوصا إن اللي ساكن البيت مبيئذيش.. ومنزساعتها وكل يوم تقريبا بنسمع صوت صرخة بسيونة وهبدة الرافعة على الأرض.
سمعت الحكاية دي وأنا كل اللي حصل معايا بيتراجع جوه دماغي.. الحكاية دي فسرتليكل اللي كنت محتاج أفسره.. كل اللي محتاجة.. بس في حجات لسه محتاج أفهمها.
رجعت بعيني ناحية عم صبحي البواب ملقتهوش قاعد ولقيت مكانه راجل قروي واقف بيسألني:
-عايز حاجة ياأستاذ؟
-أنا كنت قاعد بتكلم مع عم صبحي البواب هنا.. هو راح فين؟!
سألني الرجل متعجبًا: صبحي.. صبحي مين يا أستاذ مفيش بواب غيري هنا.
-لا أنا متأكد كان في حد قاعد معايا هنا اسمه صبحي.
رد: لأ مفيش حد هنا بالأسم ده.. كان في واحد قبلي فعلا اسمه صبحي بس ده مات في حادثة من سنتين.. سقالة كبيرة من اللي بيرفعوا العمال وقعت عليه جابت أجله هو والعامل اللي عليها.. إلا بقى لو بتتكام مع عفريته.
بلمت شوية مع جملته الأخيرة.. عيني وسعت وخدت قرار.. إني هرجع القاهرة وأدور على أي شغللنة تانية بعيد عن المكان ده.

تمت

ليست هناك تعليقات