إبحث عن موضوع

من قصص القران 💜

من قصص الأنبياء.. المائده

أمر سيدنا عيسى الحواريين وهم خيرة من آمنوا به بصيام ثلاثين يومًا، فلمّا أتَمّوها كانوا معه في صحراء، وكان عليه السلام إذا خرج تبعه ألوف النّاس بعضهم كانوا أصحابه، وبعضهم كانوا يطلبون منه أن يدعو لهم لمرضٍ بهم أو علّة إذ كانوا أصحاب عاهات. والبعض الآخر كانوا يتبعونه للاستهزاء والتشويش، ولكن ما من نبيٍّ يتخلى عن الدعوة إلى الله لشدّة أو لتشويش أو لكثرة إيذاء فالأنبياء كلّ الأنبياء صبروا لنشر هذا الدين العظيم دين الإسلام الذي رضيه الله تعالى لعباده.

سأل الحواريّون سيّدنا عيسى عليه السلام إنزال مائدة من السماء عليهم ليأكلوا منها وتطمئنّ قلوبهم بأنّ الله تعالى قد تقبّل صيامهم ، وتكون لهم عيدًا يفطرون عليها يوم فطرهم وتكون كافية لأولهم وآخرهم ولغنيّهم وفقيرهم .

ولكنّ سيّدنا عيسى وعظهم في ذلك وخاف عليهم ألاّ يقوموا بشكرها.

سيِّدنا عيسى خاف على من كان معه الذين طلبوا المائدة أن لا يقوموا بشكرها إذ رأوا الكثير من المعجزات فلماذا يطلبون المزيد ؟ فأخبروه أنّهم يريدون الأكل منها للتبرّك ، ولَمّا ألَحّوا عليه في ذلك قام عليه السلام إلى حيث كان يصلي ولبس ثيابًا من شَعَر وأطرق رأسه وبكى خوفًا من الله تعالى ، بكى خوفًا من الله وأخذ يتضرّع ويدعو بأن يجابوا إلى ما طلبوا ، فاستجاب الله عزّ وجلّ دعاءه .

ونزلت المائدة بين غمامتين ، غمامة فوقها وأخرى تحتها ، تحفّها الملائكة، وصارت تدنو شيئًا فشيئًا، وكلّما اقتربت منهم يسأل عيسى المسيح ربّه تعالى أن يجعلها رحمة لا نِقمة وأن يجعلها سلامًا وبركة، فلم تزل تدنو حتى استقرت بين يدي عيسى عليه السلام وهي مغطاة بمنديل ، فقام يكشف عنها وهو يقول: “بسم الله خير الرازقين “.

وهنا اسمعوا جيّدًا ماذا على هذه المائدة من الطعام، عليها سبع أسماك كبيرة وسبعة أرغفة وخلّ وملح ورمّان وعسل وثمار وهم يجدون لها رائحة طيّبة جدّا لم يكونوا يجدون مثلها قبل ذلك فبلغ ذلك اليهود فجاءوا غمًّا وكمدًا ينظرون إليه فرأوا عَجَبًا ثمّ أمر سيّدنا عيسى الحواريّين بالأكل منها .

فقالوا له: لا نأكل حتى تأكل ، فقال عيسى : إنّما يأكل منها من طلبها وسألها، فلمّا أبَوا أن يبدأوا بالأكل منها أمر الفقراء والمساكين والمرضى وأصحاب العاهات المقعدين والعميان وكانوا قريبًا من الألف وثلاثمائة أن يأكلوا من هذه المائدة فأكلوا منها وحصلت بركات هذه المعجزة العظيمة إذ شفي كل من به عاهة أو آفة أو مرض مزمن وصار الفقراء أغنياء .

فندم النّاس الذين لم يأكلوا منها لِما رأوا من إصلاح حال أولئك الذين أكلوا .

ولَمّا تزاحم النّاس على المائدة جعل سيّدنا عيسى دورًا لكل منهم ، وكان يأكل آخرهم كما يأكل أوّلهم ، حتى قيل إنّه كان يأكل منها كلّ يوم سبعة آلاف شخص . فلَمّا تمّ أربعون يومًا أوحى الله تعالى إلى عيسى عليه السلام: “يا عيسى اجعل مائدتي هذه للفقراء دون الأغنياء” ثم أمرهم بأن لا يخونوا ولا يدّخروا ولا يرفعوا لغد . فخان من خان وادّخر من ادّخر، فرفعت المائدة .

فشقّ ذلك على كثير من النّاس وتكلّم منافقوهم في ذلك وشكّكوا النّاس بعيسى عليه السلام . فقال الله: “يا عيسى إنّي آخذ بشرطي” أي سأعذّب من كفر .

فلَمّا قام الذين كفروا من نومهم في اليوم التالي وكانوا ثلاثة وثلاثين شخصًا، تحوّلوا إلى خنازير بشعة يأكلون الأوساخ من حفر الأقذار، إنّ ربّك عزيز ذو انتقام. صاروا يأكلون الأوساخ بعدما كانوا يأكلون الطعام الطيّب. فلمّا رأى النّاس ذلك اجتمعوا إلى عيسى يبكون .

وجاء هؤلاء الخنازير فطأطأوا رؤوسهم وصاروا يبكون وتجري دموعهم. فعرفهم سيدنا عيسى فصار يقول: ألستَ فلانًا ؟ فيومىء برأسه ولا يستطيع الكلام . فلبثوا كذلك عدّة أيّام ، ثمّ دعا سيّدنا عيسى ربّه عزّ وجلّ أن يقبض أرواحهم ، فأصبحوا لا يُدرى أين ذهبوا هل الأرض ابتلعتهم أم غير ذلك .

وبعد هذه المعجزة العظيمة تحدّث النّاس بشأنها فآمن خلق كثير ، أي آمنوا بعيسى وما جاء به من الحقّ من دين الإسلام العظيم وأنّه نبيّ ورسول ، وازداد المؤمنون يقينًا وثباتًا في إيمانهم.

ليست هناك تعليقات