إبحث عن موضوع

ضحية مخلوف(الجزء الرابع و الاخير)

ضحية_مخلوف
الجزء الأخير
يجب أن يتذوق الألم الذي عشته..يجب أن أريه الخزي في ابنته قبل أن أقتله

صاحت بي روح عندما طرحت فكرتي عن الانتقام من المخلوفي بعيدا عن ريم

-روح..صحيح أنني لم أكن مكانك يوما لكن اعرف مقدار الالم الذي تعيشينه وإلا ما قررت مساعدتك

صمت برهة اراقب ملامحها التي لم تلن لأردف:

-الانتقام من ريم لن يشفي غليلك كما تظنين..عندما تجديها ضحية مثلك ستضعين على يدك ندمًا وتحسرًا..لقد ذقتِ هذا الالم مرة

هل انتِ مستعد لأن تتذوقيه من جديد لكن بطريق غير مباشر؟

-انت لا تفهم شيئًا..لقد عشت عشرين عامًا كشبح ابحث عن ذاك اللعين الذي اختفى ولم يترك أي أثر ورائه..كيف لي أن أترك فرصة الانتقام التي قدمت لي على طبق من ذهب..كيف انتقم منه طالما بوسعي الانتقام عن طريق ابنته فأجعله يتذوق العذاب ويتجرح المرار بؤسا!

كانت تجادل،لكن فجاة صمتت واختفت كعادتها،كأنها لم تكن.

وبعد فترة هاتفتني والدة ريم من جديد تخبرني أن ريم تم نقلها إلى المشفى،لحظتها لعنت غبائي لأنني وثقت في شبح مريض كروح تلك،واقسمت أن أتخلص منها وأعيدها إلى مكانها الصحيح

لم أكن أنوي أن أغفر لمحسن ذنبه كنت سأجعله يعترف بلسانه على جريمته الشنعاء وهذا شئ سهل،نظرا لأنه كان ثرثار يحب التحدث عن أمجاده المزعومة وعلاقاته النسائية قبل الزواج وما إلى ذلك،لم يكن ليتوانى عن ذكر سيرة روح و وقتها سأسحب منه الكلام كمن يسحب حبل المشنقة حول الاعناق.

ذهبت إلى غرفة ريم لأجد عائلتها تحيط بها بينما هي فاقدة للوعي منفصلة عن الواقع،كان أبوها يبكي

لكن هل دموعه تلك ستشفع له عند روح؟

او عندي انا؟

مرت الايام وحال ريم لم يتحسن،لم تستعد وعيها حتى.

اما روح فلقد اختفت تمامًا لم يعد لها أثر،لولا ذلك الوشم على ذراعي لظننت أنها كانت كابوسا مرعبا وقد عدت منه.

في اليوم السابع من اختفائها شعرت بأنفاسها تلفح وجهي وأنا نائم أمام غرفة ريم،لكن حينما فتحت عيناي لم اجدها

كنت لأعود لنومي لكن صرخة ريم ووالدتها ووالدها جعلتني انتفض من مكاني واهرع إلي الغرفة لأرى آخر مشهد كنت أتمنى أن أراه.

علي..انهض حبيبي ونم على الفراش

همست ريم في اذني لأستيقظ من غفوتي القصيرة على المكتب فأكتشف أنني غرقت في النوم أثناء كتابتي للقصة الجديدة.

نهضت بتكاسل من المقعد وقد طار النوم من عيني،لكنني أحتاج إلى فترة راحة قصيرة قبل أن اختم قصتي.

تقدمت خطوة من هند لأحاول حضنها فتحاول هي التحرر قائلة:

-اذهب ونم ياعلي وابتعد عني..انا لم أغفر لك

بعد تلك القصيرة تعاقبني لأني أخفيت عنها أمر روح،ولم تعرفه إلا مصادفتا عندما كنت أعمل على كتابة قصتها.

نعم فروح قصة حقيقية،حدث لي بالفعل وليست من نسج خيالي.

-روح الان سعيدة حيثما باتت..لذلك لا تشعري بالذنب تجاهها بسبب ما اقترفه والدك في حقها..لقد نال جزائه وانتهى الامر

نظرت لي ريم بعد حديثي ذاك وعيناها تتلألأ،لقد تعاطفت مع روح كثيرا،بالرغم من الأذى الذي تسببت لها به إلا أن ريم التمست لروح العذر.

اراحت رأسها على صدري قائلة بصوت باك:

-ترى هل هناك اوناس كروح؟هل هناك ذئاب بشرية تتنكر بصورة مشرفين ومؤسسين ليستغلوا سلطتهم تلك في التجبر على الفتيات المساكين!

للأسف حبيبتي نعم.

تحدث عقلي لكن لساني لم يقدر على النطق بها،ريم فتاة عاشت حياتها تنظر لوالدها نظرة فخر واعتزاز،وفجأة تحطمت تلك الصورة ليحل محلها صورة المعتدي القاتل،ففقدت الثقة بالبشر وبنفسها..وحتى بس انا.

الحقيقة صدمتها..وكسرت بداخلها الكثير

سحبتها بهدوء الى الفراش و كطفلة صغيرة كانت متشبثة بي فأنا الوحيد المتبقي لها حتى ولو لم تعد تثق بي.

ظلت متشبثة بي وانا احاول تهدئتها ببعض الكلمات الرقيقة حتى شعرت بجسدها يتثاقل وانفاسها تنتظم لأعرف أنها قد غفت،وبقبلة على جبهتها تمنيت لها نوما هانئا ثم أخذت أوراقي وخرجت من الغرفة لأكمل عملي دون أن ازعجها.

دخلت إلى الغرفة لأجد محسن ملقى على الأرض وتقريبا كان يودع الحياة،لكن ليس هذا ما كنت أتمنى ألا أراه.

بل كانت هي..روح

كانت تبكي ولا احد يسمع صوتها سواى،تشكر عدالة السماء التي تأخذ حقها من ذاك الوغد ومنظرها يدمي القلب..أتعرفون كيف هو شعور شخص عاش يتعذب ومات يتعذب بسبب حقارة أحدهم وها هو الاحدهم ذاك يلفظ آخر أنفاسه امامه..شعور بأن الحقوق تعود ولو بعد حين.

توفي محسن جراء سكتة قلبية في الحال قبل أن يصل الاطباء لم يكن لروح اي دخل بها بل هو انتقام الله من ذاك الفاسد..يمهل ولا يهمل

حالة ريم تدهورت أكثر وقتها،لكنني لم اتركها حتى صحت وصارت بخير لنتزوج بعد مرور عام من وفاة والدها.

أما روح فأختفت بعد موت محسن،اختفت بعد أن ابتسمت بوجهي وقالت

"شكرا لقدرك ياعلي"

قدري اوقعني في طريقها لأكون انا السبب في أن تشهد على انتقام السماء من من أذاها وقتلها.

وبعدها بدأ الوشم الدموي في ذراعي يختفي متزامنا مع تغير شكلها وذبولها أكثر..كما رايتها اول مرة،ومع آخر علامة الوشم تلاشى جسدها كأنه تراب حملته الرياح بعيدا

لكنني أبدا لم انسي ابتسامتها الشاحبة.

بحثت كثير عن المكان الذي دفنت فيه حتى وجدتها،ورغم فرحتي بالعثور عليه إلا أن حديث حارس القبور عنها المني.

-لقد وقعت في الخطيئة مع شخص ما وعندما غدر بها انتحرت..لقد اضاعت دنيتها واخرتها بسبب طيش المراهقة الذي عاشته

هكذا قال،ومن هنا جاءت لي فكرة كتابة قصتها،أردت أن يعرف الناس أن روح كانت ضحية فساد أسري وفساد اخلاقي لشخص مريض،استباح عرضها ودمها فقط لانها كانت وحيدة بلا ظهر او سند.

حقا اتمنى لو كنت ولدت قبل الآن وقابلت روح،ربما حينها كانت الامور لتكون على خير حال،لكن بالنهاية كلها امنيات لا مجال لتحقيقها.

اسف روح لأنني كرهتك في وقت من الأوقات،أسف لأنني لم احتويكي أكثر من ذلك،اسف لانكِ كنت ضحية مجتمع فاسد الأخلاق كمجتمع البشر هذا-إلا من رحمه ربي

رسالة لهؤلاء الذين ينجبون الأطفال ليجعلوهم يذوقوا المرار ويكرهوا الحياة:

رجائًا رجاائًا اختاروا شركاء حياتكم بطريقة صحيحة،كونوا متوافقين حتى لا تنتجوا جيل معقد نفسيا بسبب خلافاتكم المتكررة واختياراتكم الخاطئة.

اهتموا بأطفالكم،صادقوهم،فأنتم لا تعرفون ماذا يحدث لهم وهم بعيدا عن اعينكم واكنافكم.

أما الرسالة العامة فهي:

لا تحكموا على اشخاصٍ أحكام جارحة وأنتم لا تعلمون شئ عن حياتهم،فأنتم لم تروا الصورة كاملة..انتم لم تعرفوا الحقيقة.

روح كانت ضحية إهمال اسري قبل أن يكون شهوة جامحة حقيرة،روح ومثيلاتها ضحايا واهلهم الجناة.

الروح المعذبة صارت في النعيم،المخلوفي قاتل فقتل،وابنه كان بذرة فاسدة قضت علي روح بريئة..كروح.

-شكرا ياعلي

صوتها همس لي مع أخر نقطة وضعتها في الأوراق لألتفت بلهفة يمينا ويسارا لكنها لم تكن هنا.

تمنيت لو أراها لأخبرها أنني اشتقت لها،انني ولا ادري كيف تعلقت بها،لكنها لم تكن هنا،خيالي هو الذي اسمعني صوتها.

رتبت أوراقي وخلعت نظارتي الطبية ثم نهضت من الكرسي اتجه إلى المطبخ للحصول على وجبة خفيف وما إن دخلت حتى وجدت فطيرة محلاة صغيرة طازجة،ولكم كان طعمها لذيذ..طعمها كطعم...

-روح

نطقت بصدمة وانا اراها امامي بوجه باسم ممتلئ وضحكة واسعة وملابس نظيفة كأنها بشرية لا شبح،تقدمت خطوة اريد ان المسها لكنها كما ظهرت فجأة اختفت فجأة،لكنني لم انسى جملتها الاخيرة ما حييت

"المخلوفي وابنه قتلاني..لكنك من اعدت الي حياتي

اتمنى ان اراك في النعميم..وداعا ياعلي"
أتمنى إنها تكون عجبتكم
نلتقي ف قصه جديدة.
رونالدو

ليست هناك تعليقات