إبحث عن موضوع

الفصل التاسع عشر من "ويشاء القدر"💜

الفصل التاسع عشر من "و يشاء القدر"..🌍💙

ما أجمل الشعور بعودة من فقدناه لنا..!
هذه الأم التي حرمت من رضيعها من سنوات ليست بالقليلة مضت،
مرت عليها كأنها سلسلة من التعب،كل حلقة تجذب ما بعدها بوجع لا يطاق..؛
و لكنها تحملت و تحملت لأنها تعلم أن الله هو الحق..
أليس الله هو من أعاد سيدنا موسى لأحضان أمه بعدما ألقته في اليم؟!
أن يقدر على إعادة ابنها لها؟!
حاشاه
كانت دائمًا ما تردد هذه الأنشودة التي حفظتها عن ظهر قلب عندما سمعتها صدفة..
"يا من أجبت دعاء نوح فانتصر و حملته في فلكك المشحون،
يا من أحال النار حول خليله روحًا و ريحانًا بقولك كوني،
يا من أمرت الحوت يلفظ يونسًا و سترته بشچيرة اليقطين،
يا رب إنا مثله في كربة؛
فارحم عبادًا كلهم ذا النون"
و أهم ما في الدعاء اليقين..!
لا تدع ربك قولًا فقط،بل ادعوه بقلبك أولًا و كن على يقين بالإستجابة...
....
كانت سمية تحتضن بلال بقوة و كأنها تخاف أن يتركها مرة أخرى..!
ضحك بلال و قال بنبرة مازحة حتى يُبعد عنها الخوف الذي لاحظه:مش ههرب يا ماما و الله
ضربته على كتفه ضربة خفيفة و قالت و قد عقدت ما بين حاجبيها:أنا يا ولد مش مصدقة إنك قاعد قدامي أصلًا!!!!
ابتسم بألم ثم بدأ في سرد ما مر به في حياته و تركته هي يقول ما يوده:تعرفي يا ماما!!
أنا مش مصدق بردو إني جنبك هنا و معاكِ..!
أنا كنت في ملجأ كبرت و اتعلمت و كل حاجة في الملجأ ده
الحمدلله الأستاذة أسماء عمرها ما خلت حد يحتاج لحاجة سواء أكل أو شرب أو لبس أو تعليم و أي حاجة بس ماقدرتش تعوض نقص الأهل
بس أنا و ندى كنا بنعتبرها أمنا فعلًا كانت بتخاف علينا و بتخاف على مصلحتنا حتى زيادة عن الباقي و دي حاجة لاحظتها
كنا صغيرين بس يا ماما كنا شايلين هم كبير أوي و اضطرينا نتعود نعتمد على نفسنا من صغرنا
كنا فاهمين الدنيا ماشية إزاي و كنا عارفين كل حاجة
دايمًا أستاذة أسماء كانت بتحب تقعدنا أنا و هي سوا
ناكل سوا و نذاكر سوا و نلعب سوا لحد ما قالتلي السر إنها بنت عمي و كانت عاوزاني أشيلها في عينيا و ماكنتش تعرف إنها فعلًا في عينيا
كنت بحس نحيتها بشعور حلو أوي مافهمتوش غير لما كبرت،و هو إني كنت بحبها
يمكن علشان ماكبرتش غير معاها بس فعلًا ماكنتش شايف و لا عاوز غيرها يا أمي
كنت بحب دلعها و حنيتها و خوفها عليا رغم صغرنا
كنت بحب لما نغني سوا أغنيتنا اللي بنعشقها أنا و هي ربك لما يريد أحلامنا هتتحقق و كلامنا هيتصدق و الغايب هيعود،،بتمنى الغايب يعود بقا يا أمي هي وحشتني و نفسي أشوفها
يا ترى شكلها ايه؟!
يا ترى كملت تعليمها؟!
يا ترى فاكراني؟
طب يا ترى لسه عايشة أصلًا!!!!
يوم حادثة الملجأ سمعتهم بيقولوا ندى ماتت فهربت و أنا مش عارف أعمل ايه؟!
حسيت إن المكان نقصها خلاص فمش هقدر أكون فيه
أنا لحد دلوقتي مفتقدها يا أمي مفتقدها بجد
حاسس إنها عايشة
حاسس إنها عايشة لسه فيا
ندى لسه فيا
في مرة كنا في الجامعة و كان في حفلة و في بنت اسمها ندى الجوهري طلعت قالت شعر و الشعر ده مش بيروح من بالي يا ماما
حفظته من أول ما سمعته متخيلة؟!
كان بيفصل كل تفصيلة بيني و بينها
حتى...حتى قالت كان بيغنيلي ربك لما يريد
اتهبلت و اتجننت و كنت بدور عليها في الجامعة زي المجنون
يا ماما دي عملت حركة ندى لما بتتوتر و مسكت فستانها بإيدها جامد
لقيتها بس ماقدرتش أتكلم..علي صاحبي قالها كان لينا واحد صاحبنا اسمه بلال و مات و الشعر اللي قُلتيه شبه قصته مع حبيبته و كده إنتِ هي؟!
هي سكتت و صاحبتها ردت و قالت لا مش هي و سابونا
عقدت سمية ما بين حاجبيها و ضيقت عينيها و قالت بتعجب:طب ليه هي مااتكلمتش؟!
و ليه أصلًا إنت خليت صاحبك اللي يتكلم؟!!!
و ليه قال مااات؟!!!
صرخ بلال و قال بتوتر:معرفش معرفش
أنا كنت تايه .. كنت تايه أوي يا ماما
كنت مش قادر أتكلم حتى ماعاتبتش علي إنه قال إني مت
أنا شُفت ندى دي تاني في كتب كتاب علي و لما شافتني عيطت!!
أنا معرفش عيطت ليه بس يمكن عيطت علشان أنا حرجتها قبل كده في الجامعة
هزت سمية رأسها بعدم ارتياح ثم قالت بلهفة:لا لا لا لا لاء أنا لازم أقابل ندى دي يا بلال!!
نظر لها بلال متفحصًا إياها ثم قال بنبرة هادئة:ليه؟!
قالت سمية:مش عارفة بس بردو هي تصرفاتها مش طبيعية
و علي  صاحبك ده رخم كده ليه؟!!!
ليه قال مااات قطع لسانه الواد ده
قال لها بلال بنفس الهدوء الذي حل عليه فجأة:لا عادي يا ماما
و هو ماكانش عاوز يوضح حاجة فاهماني
كادت سمية أن تتحدث مرة أخرى و لكن قاطعها صوت إيمان و هي تقول بمزاح من خارج الغرفة بعدما طرقت الباب ثم فتحته:ممكن أدخل و لا خلاص راحت عليا؟!
ابتسما بلال و سمية ثم قال بلال بحب:راحت عليكِ يا غالية إزاي بس؟!
اتفضلي يا ماما
جلست إيمان بجوارهما على الفراش فأمسكت سمية بيدها ثم احتضنتها بشدة و هي تبكي و تقول بامتنان:أنا مش عارفة يا إيمان أشكرك إزاي؟!
بفضلك بعد ربنا ابننا رجعلنا و بقا في حضني من تاني و بعد سنين
أنا مش عارفة أشكرك على ايه و لا ايه!!!
تربيتك ليه ما شاء الله ربنا يبارك أجمل ما يكون
يمكن لو كان معايا ماكنتش ربيته حلو كده
إنتِ يا إيمان طيبة و قلبك أبيض و ربنا رزقك حاجات كتير أوي حلوة أنا مستغربة إنها في شخص واحد
ربنا يحميكِ و يبارك فيكِ و مايحرمناش منك يا حبيبتي
تحدثت إيمان من بين دموعها و قالت بنبرة حزينة:أنا ربنا مارزقنيش بأولاد بس رزقني ببلال و هو كان نعمة في حياتي بجد
لما كبر عودته إن حضني بقا حرام و هو يا حبيبي تفهم و ماقالش أي حاجة و كان بيروح يحضن محمد و يقوله ممكن تحضن ماما مكاني؟!!
كنت بنهار و بعيط لإني كان نفسي أحضن ابني اللي ربيته و يشاء قدر ربنا إنه يكون ابن أخويا ياسين و من حقي أحضنه ده نعمة من ربنا
اكتشفنا حقيقة ريحتنا إحنا الطرفين
بس....بس أنا زعلانة إني لما هسافر مش هشوفه تاني بجد أنا هموت فيها
سمعوا صوت يقول:و مين قال إن هتسافري يا ست إيمان؟!
نظروا لمصدر الصوت فكان ياسين الذي لمح نظرة التعجب في عيون إيمان و قال مداعبًا إياها:آه مش هتسافري
إنتوا ماقولتوش اللي حصل و لا ايه يا جماعة؟!
لم تتفوه بكلمة و لكن نظراتها لهم تحدثت فأجابها بلال بحنان:ما هو أنا مش أناني علشان أنساكِ يا أمي
أنا رُحت لبابا محمد و قُلتله لو ينفع تيجوا تعيشوا معانا هنا بس هو رفض و قال هيشتري البيت اللي جنبنا هنا ده اللي كان عاجبك و هتقعدوا هنا و بابا هيقدر ينقل شغله هنا كمان و أنا بعد ما أتخرج خلاص مش هيكون لينا حاجة في القاهرة و نكون كلنا هنا سوا
فغر فاه إيمان من هول المفاجأة..!
لم تتوقع هذا أبدًا رغم أن بالها لم يتوقف عن التفكير متسائلة عما سوف يحدث لها بعدما يتركها بلال؟!
كيف ستغمض عينيها في المنزل و هو لا ينام بالغرفة المجاورة لها؟!
كيف ستمضي الأيام بدون وجوده؟!
كانت هذه الأسئلة و أكثر تدور في بالها دائمًا و تشغل عقلها باستمرار..!
و لكنها لم ترد بأن تصبح أنانية و تفكر بنفسها فقط؛فهل يعقل أن تفكر بهذه الطريقة بعدما جعلها الله سببًا لتريح قلب هذه العائلة مما عانته..!
و قلب هذه الأم المسكينة التي حرمها القدر من طفلها..!
كانت تردد دائمًا بعد ظهور الحقيقة بأن من الممكن أن ربها لم يرزقها نعمة الإنجاب حتى تفعل أمرًا أفضل بكثير و هو تهدئة نار قلب أم..!
و كانت المفاجأة مثلما اعتادت من كرم ربها أن يرزقها الخير من حيث لا تحتسب لأنها دائمًا ما تتوكل عليه حق تُكاله..
احتضنت إيمان بلال بقوة و هي تبكي بشدة و تقول بحبها المكنون له:ربنا ما يحرمني منك يا ضنايا
ربنا يباركلي فيك يا ابني و تفضل جنبي العمر كله مونسني
كانت سهير تراقبهم عن بعد و الشرر يتطاير من أعينها و قالت و هي تحك أسنانها ببعضهما البعض:لازم أنهي المهزلة دي لااازم
************************
كان علي في الجامعة ينتظر أبرار،فلمحها قادمة من بعيد و أشار لها بيده فرأته و ذهبت إليه..
تحدثا معًا قليلًا بالسؤال عن الحال ثم قالت له أبرار بملامح حزينة:هو بلال مات إزاي؟!
و إنت عرفته إزاي؟!
رد عليها بملامح احتلتها الدهشة:بلال؟!
بلال مين اللي مات؟!
ردت عليه بعدما تنهدت بحزن:بلال اللي كان مع ندى صاحبتي في الملجأ
ظهرت ملامح الدهشة على وجه علي و قال بلهفة:ندى مين يا أبرار؟!
قالت له بعدما تعجبت من تصرفه:ندى صاحبتي
ندى الجوهري
حكت ليا عن طفولتها مع بلال و مقهورة من يوم ما قُلتلها إنه مات و إنه كان صاحبك و يومها هي تعبت جامد و لدلوقتي تعبانة بسبب الفراق ده و بالذات لما عرفت إنه مات
ضرب علي على رأسه بيده ثم صرخ و قال بلوم نفسه:يا غبييييي ياااا غبيييييي
قالت له أبرار بتعجب:مين اللي غبي؟!
صرخ و قال بحزن:أنا اللي غبي
أنا اللي كذبت عليها و قُلت إنه مات
بلال ما ماتش بلال هو هواه بلال صاحبي
أنا معرفش ليه قُلت إنه مات أصلًا
بس أنا ماكنتش عاوز وجعه يظهر للناس
أنا واحد أهبل و متخلف و أهبل و الله
نظرت له أبرار بعيون محملقة به بعدما سيطرت عليها الدهشة ثم قالت بلهفة و فرحة:يعني....يعني بلال صاحبك هو بلال اللي كان مع ندى زمان؟!
يعني بلال ده هو بلال اللي هتموت و تلاقيه بعد الفراق ده كله
هز رأسه بالإيجاب دون حديث فضربته برأسه و قالت.و هي تلومه:إنت أهبل و الله
فقال لها بعدما أغمض عينيه بحزن:حصل
انتبهت و كأنها تذكرت شيئًا نسته:لازم أكلم ندى أقولها حالًا و أفرحها
فقال لها هو أيضًا بفرحة:و أنا لازم أعرف بلال
كان عنده إحساس إنها هي دايمًا و أنا كنت بقتل الأمل اللي جواه
ضربته مرة أخرى و قالت بعدما زمت شفتيها:أنا لو مكانهم أقتلك يا علي
ضحك بشدة و قال لها بخوف مصطنع:طب و الله أنا مرعوب من رد فعل بلال
ده هيموتني يا أبرار و الله
ضحكت هي الأخرى و قالت له بمزاح:تستاهل يا أهبل

ريهام يحيى

ليست هناك تعليقات