إبحث عن موضوع

قصة رعب

بَشتَغل دكتور نَفسي بقالي كذا سنة، وقدرت في فَترة قُريبة أعمل اسم كبير لنفسي، ومن خلال ده بقى بيجيلي ممثلين ومطربين ولاعيبة كورة، من كام يوم جالي مُمَثل شَهير جداً قَدم عَمَل مِن سنتين تَقريبًا وحَقق إيرادات عالية جداً، وعلشان مصداقية شُغلي مِش هَقدر أقول غير حرف من اسمه وهو الـ(م).

شَكله لما دخَل عَليا كان غَريب غير اللي متعود أشوفه في أفلامه، كان مبَرق ودقنه طويلة وجسمهُ رفيع، قَعد قُدامي على الكُرسي رحبت بيه، وحاولت أخفف عنه شوية فهديت إضاءة المكان،
وسألته:
-العمل الجاي إيه ؟، مستنيه على نار خاصة بعد أخر فيلم اللي كسر الدنيا.
رد عليا بخوف وقالي:
-مافيش أعمال خالص، طول ما هو بيجيلي بليل ويقلق منامي
-هو مين ؟

-مش قادر أحدد طبيعته، شيطان ؟، جِن ؟، روح مُعذبة ؟ مش عارف
نظرات عينه وطريقة كلامه بتقول إنه بيتكلم جَد مش بيكدب ولا شاكك في رؤيته دي إنها غير حقيقية، كان واثق في كُل كِلمة بيقولها، فقولتله
-مش يمكن بتتخَيل ؟
قالي:
-لا مُستَحيل لأني أختي شافته وهو واقف ورا ظهري في الأوضة بتاعتي.
سألته:
-شَكله عامل إزاي ؟
رد وهو مَرعوب
-مالهوش عين، وجسمه رُمادي، بس أكتر حاجة بتميزه
قَرب مني وكمل بصوت هادئ
-صوته، صوته أكتر حاجة مخوفاني مِنه، لما بيظهرلي بيتكلم معايا بهدوء، ولما بسأله أو بحاول أهرب بلاقيه اتعصب بشدة، وصوته بيكون غَليظ ومُخيف، مبقدرش استحمله.

لمَحت عَند عُقب الباب من تَحت خيال رجلين بتتحَرك وبتقف قُدام الباب، الحَقيقة لأول مَرة خوفت بجد، حاولت أهزر وأهدي من حِدة الموقف فقولت للمُمَثل الشَهير
-إيه رأيك نحول القصة دي فيلم وأنا اللي هَكتِب ال...
مَلحقتش أكمل كلامي، لاقيته بيتلفت حواليه وخايف جداً وبيقولي:
-هو هِنا دلوقتي معانا، مش عايزني أحكي لحَد ولا أفَضفَض، أنا خايف ومش قادر اتصرف، مَردتش أروح لمُعالج روحاني أو غيره، حَبيت ألجأ للطب يمكن بكون بتخَيل، بس إزاي بتخَيل ومراتي شافته، أنا تعبان، تعبان أوي يا دكتور أرجوك، أرجوك تنقذني مِنه.

قولتله:
-خليك هادي، مافيش حَد معانا هِنا غيري أنا وأنت
-إزاي بس هو قاعد وراك دلوقتي
جسمي زي ما يكون لزق في الكُرسي، حَسيت ببَرد شديد بيتسلل لإطرافي، بَصيت عند الباب مَلقتش الخيال اللي كان مَوجود، محَبتش أبص ورايا علشان أدي (م) ثقة إنه بيتخَيل، فقولتله:

-عايزك تكوني هادي، قولي بتشوف الكيان أو الشَخص ده من أمتى؟
-من فَترة طويلة، المَوضوع بدأ لما كُنت بدفن أختي الله يرحمها في المقابر، والناس كُلها مشيت، وفضِلت أنا واقف قُدام قَبرها بعَيط وحزين جداً، كُنت بَحبها أوي، عَدا الوقت عَليا والليل جيه، فكان لازم أمشي، خَرجت من الطَريق اللي جيت مِنه، لاقيت في أخره حيطة مش عارف الحَقيقة ظَهرت منين ؟،
روحت مشيت مِن طَريق تاني فلاقيت نَفس الحيطة، فضِلت على الحال ده كتير، لحد ما فقدت أعصابي وفضلت أزعق، وفي اللحظة دي جسمي اتهز جامد ووقعت على الأرض، وعيني كان فيها سواد مَكُنتش شايف حاجة،
وتاني يوم الصُبح لاقيت التُربي بيصحيني وبيشلني لحد ما وصلني لبره، حكيتله اللي حَصَل، فبصلي وقالي: متاخدش في بالك دي مُجَرد أوهام من الخوف. روحت يومها البيت وساعتها بدأت كُل المشاكل.
قولتله:

-في حاجة غَلط في كلامك، أنت قولت إن أختك شافته مع إن ده متعارض مع وقت ظهور الكائن ده، إزاي شافته وهو ظَهر بَعد وفاتها ؟
حَرك إيده ناحية ورا ظَهري وقال بعيون ثابتة
-أنا مَقولتش كده، أختي ماتت قَبل ما يظهَر، اللي وراك هو اللي قال، بيحاول يشتتك ويغلطني علشان منوصلش لحَل.
اتعصبت فقولتله: مافيش حَد معانا، أنا وأنت مافيش تالت، وعلشان أثبتلك هبُص ومش هلاقي حاجة.

لفيت راسي بعصبية وفعلاً مَلقتش حاجة، بس سمعت صوت حاجة بتُقع، اتلفت بسُرعة لاقيت (م) واقع على الأرض، جريت عَليه وسندته بس سمعت صوت خَبط على باب البلكونة بتاعت الغُرفة، كان خَبط شديد وبَعدها سكت، الإضاءة البسيطة بدأت تتهَز، كُنت ثابت في مكاني لا عارف أقومه ولا أشغل بقيت النور، ولا أجري من خوفي، لكني أقنعت نَفسي إن اللي بيحصل ده منافي لطبيعة عقلي العلمية، فقومت (م) وقعَدته على الكُرسي، في اللحظة دي النور قَطَع، الخَبط بتاع البلكونة رجع تاني، بس أشد من الأول، وسمعت خطوات بتمشي ورايا مكنتش قادر أشوف كويس ولا الموبايل معايا أنور بيه، الخطوات كملت لحَد ما وقفت قُدامي، عَقلي كان رفض يستوعب اللي بيشوفه، لحد ما الإضاءة رجعت تاني، فروحت لـ(م) وفوقته صرخ وقالي:

-مش قولتلك مش هيسبني في حالي، مش هيسبني
-أنا هحللك كُل حاجة بس أرجوك خَليك هادي
مَعرفش كُنت جايب الثبات ده منين، بس في الواقع كُنت مَرعوب جداً، (م) قالي وهو بيترعش
-أنا هموت النهاردة، هو قالي كده
قولتله:
-فهمني أكتر
-امبارح كُنت نايم بَليل، جيه صحاني وزقني جامد وقالي بكره أخر أيامك، بس أنا الغلطان واستاهل كُل اللي بيجرالي، بس برضة مهما كان اللي عملته ميستحقش كُل ده.
(م) عيط جامد، وانهار بشدة، وفضل يصرخ، قُمت قعدت جنبه وهديته، وسألته
-أنت عَمَلت إيه ؟

عينه كانت بتتحَرك في كُل مكان ورد بصوت واطي:
-أختي ماتت بسَبَبي، أهملتها، كُنت راجع مِن سَهرة قَذرة مع صحابي، وكُنت دايخ مِن كُتر الشُرب، وهي كانت عيانة ومش قادرة تقوم مِن السرير، طَلبت مني أجبلها جُرعة الدواء في كوباية مايه، روحت وأنا بتهز ومش فايق، وحطيتلها جُرعة مُضاعفة من الدواء، شكَرتني ودعيلتي كتير، تاني يوم جيت أصحيها مردتش عَليا، مكَنش ينفع أتحبس يوم واحد، كُنت ماضي عقود بملايين معَ مُنتجين، وبمبلغ مُحترم تَقرير الطَبيب الشرعي أتكتب إن الوفاة بسَبب دواء خاطئ كتبه الدكتور المُعالج لأختي، الدكتور أتحَبَس وكان لسه متجوز جديد، ومراته أطلقت مِنه، مستحملش وكان بيصرُخ في المحاكمات اللي كُنت بحضرها،
الدكتور المُتَهَم مَسَتَحملش اللي بيحصله وشَنق نَفسه في زنزانة الحَبس الانفرادي اللي كان فيها. مَقدرتش اشتغل ولغيت كُل العقود اللي مضيتها، ورجعت 90% مِن ثَروتي للمنتجين.

وهو بيتكلم الإضاءة بتاعت المكان قَلت تاني وظَهَر خَبط شديد على باب الغُرفة المَرة دي، لاقيت (م) بيصرُخ وبيقولي: هيعذبني الكيان ده هيعذبني وهيقتلني مش هيسبني.
قُمت مِن مكاني وحاولت أهديه ونخرُج بَره، لاقيت زقني ووقعت في الأرض وقالي:
-مش هستنا لحد ما يقتلني هو, أنا هتصَرف.
طلع مُسَدس كان في جيبه وحَطه عَند راسه، قُمت بسُرعة علشان أنقذه وأحاول أقنعه ميعملش كده، بس ضغَط على الزناد ومات, ومعَ موته صوت الخَبط اللي على الباب سِكت.

مافيش داعي لذِكر التفاصيل اللي بَعد كده واللي كان أهمها سلسلة مِن التَحقيقات المتواصلة لحد ما الموضوع أتضح إني مليش يَد فيه، والعيادة بتاعتي اللي اتقفلت، لكني اكتشفت حاجة مُهمة في موضوع (م) وهو إن الدكتور اللي شَنَق نَفسهُ ادفن في المقابر اللي ادفنت فيها أخت (م).
بقلمي: سامي ميشيل

ليست هناك تعليقات