إبحث عن موضوع

رواية عتاب الحلقه ١٧

الفصل السابع عشر

أتسعت عينان (أدهم) من الصدمة ثم أبتلع ريقه وسئلها بإهتمام
-طب هى عاملة ايه ؟! الحادثة كانت ازاى ؟!
-مامتها اللى كلمتنى بتقول رجلها اتكسرت واتجبست ده كان امبارح وهى مروحة ماكنة خبطتها و (جميلة) نايمة دلوقتى عشان معرفتش تنام طول الليل
شعر (أدهم) بالحزن من أجلها ثم قال
-ط٠٠ طيب أنا فى مكتبى
دلف داخل مكتبه وجلس على مقعده الخاص وشعر بتوتر كبير ولا يعلم مصدره فقد كان يهز قدمه بإستمرار وهو جالس وظل يفكر اعليه أن يزورها أم سيكون متطفلا ولكنه يعلم (جميلة) منذ سنوات ولا يصح أبداً عدم زيارتها قام بالأتصال بموظف لديه بالشركة وطلب منه البيانات الخاصة ب (جميلة) وقرر زيارتها بعد العمل فهو يعلم أنها نائمة الآن فلا يريد إزعاجها وبالفعل بدء فى أن يعمل ولكن فكره أصبح مشغول بكيف حالها وهل حقاً قدمها فقط من تأذت أم تآذى شئ آخر ظل على ذلك الحال حتى الساعة الثالثة ونصف ثم ترك مكتبه وذهب لكى يطمئن عليها بحث عن منزلها وفى خلال ساعة ونصف كان قد وصل فقد كان يبدو المنزل متواضع الحال ولكنه يعلم أن (جميلة) فقيرة لذا فقد كان ذلك شئ متوقعاً صعد الدرج ولم يكن يعلم أين تسكن هى سوى أنها فى الطابق الثانى ولكن يوجد شقتان بالطابق حك مؤخرة رأسه بكف يده فى حيرة حتى وجد فتاة صغيرة تهبط الدرج وهى تقفز فقال
-لو سمحت
نظرت له الفتاة الصغيرة وإلى هيئته فيبدو وسيماً للغاية لذا ابتسمت له وقالت
-نعم
-هو الشقة بتاعت (جميلة) أنى واحدة ؟
آشارت الصغيرة نحو الجهة اليمنى وقالت
-دى شقة أبلة (جميلة) ٠٠ بس هو أنت مين ؟!
أرتبك (أدهم) قليلاً ثم أبتلع ريقه وقال
-أنا مديرها
تحدثت الفتاة وهى تزم شفتاها بضيق وقالت
-هو أنت !!
تحدث (أدهم) بعدم فهم
-افندم
تحدثت الصغيرة بغيظ شديد
-مفيش مفيش ٠٠ أنت جيلها عشان الحادثة تزورها
-اه
-طب خبط واتلحلح كده
فتح (أدهم) ثغره بدهشة كبيرة ثم قال
-أنتى عندك كم سنة يا قردة
-14 ٠٠ أنا همشى بقى عشان ماما طالبة منى حاجات هنزل اجيبها بدل ما تضربنى ٠٠ باااى
قالتها ثم ركضت لتهبط مجدداً فهز رأسه بآسى ثم توجه نحو باب شقة (جميلة) وقرع باب المنزل وفى خلال ثوان كانت والداتها قد فتحت له الباب فعقدت حاجبيها لأنها لم تراه يوماّ فتحدث (أدهم) بلباقة
-مش ده منزل الآنسة (جميلة) ؟!
-أيوة يا بنى ٠٠ أنت مين ؟
-أنا (أدهم الشناوى) المدير بتاعها
نظرت له والداتها نظرة متفحصة ثم قالت بنبرة خافتة يشوبها بعض الأستهزاء ولكنها وصلت إلى مسامعه
-هو أنت ؟!
أبتلع (أدهم) ريقه وحدث نفسه قائلاً
-هو فى ايه ؟!
فتنحت والداتها جانبا وقالت
-اتفضل
دلف (أدهم) إلى الداخل وجلس على أقرب مقعد فدلفت والدة (جميلة) لغرفتها كى تخبرها بأن تضع غطاء رأسها فمديرها بالخارج تفاجئت (جميلة) بحضوره وشعرت بتزايد فى عدد دقات قلبها وبعد ذلك ذهبت والداتها حيث (أدهم) وأرشدته لغرفتها وجعلته يجلس ثم قالت
-عن أذنك هروح اعملك حاجة تشربها
تحدث (أدهم) بهدوء
 -ملوش لزوم يا طنط 
ولكنها لم تستمع له وذهبت نحو المطبخ فشعر (أدهم) أن تلك السيدة تكره وجوده ولكنه نظر إلى (جميلة) الذى رآها تنظر له ببلاهة ثم قال
-ألف سلامة عليكى يا (جميلة) ؟! ده حصل ازاى 
افاقت (جميلة) من شرودها به ثم قالت
-د٠٠ دى مجرد حادثة كنت راجعة البيت وده حصل ٠٠ ح٠٠ حضرتك تعبت نفسك ليه؟
-مفيش تعب ولا حاجة حبيت اطمن عليكى بنفسى وأن الموضوع مش كبير
-أنا بخير يافندم
ابتسم لها فتابعت  هى
-بس الدكتور قالى هفضل فى الجبس لمدة شهر ٠٠ فحرام الشغل يتعطل ده كله أنا مستقيلة
-ايه الكلام الفارغ ده يا (جميلة) ٠٠ مكانك عمر ما حد تانى ياخده
ورغم أنه يقصد مكانها فى العمل إلا أن دقات قلبها قد تزايدت وابتسمت ببلاهة ونظرت لأسفل بخجل وبعدها ائنبت نفسها على تلك البلاهة التى تصدر منها لذا سئلته كى تستفيق من أوهامها تلك
-وخطيبتك يا فندم اخبارها ايه ؟!
-(روفيدا) !! ٠٠ أنا فسخت الخطوبة من فترة كده
رمشت (جميلة) بعينيها عدة مرات فبالفعل كانت تراه لا يرتدى خاتم الخطبة مؤخراً ولكنها ظنت أنه نسيه أو لا يرتاح وبأصبعه خاتم فى تلك الاثناء قد عادت والداتها حاملة كوب من العصير ووضعته أمامه وهى تقول
-اتفضل
شعر (أدهم) بتوجس وقال
-ش٠٠ شكراً
ثم استمعوا إلى صوت أحدهم يطرق باب الشقة فذهبت والداتها وبعد ثوان عادت وخلفها أحدهم حامل باقة من الورود ولم يكن سوى (جمال) الذى قال
-ألف سلامة عليكى يا ست البنات ٠٠ معرفتش انام طول الليل ياريت كنت أنا
فتحدثت والداتها مسرعة
-الف بعد الشر عليك يا بنى
بينما ابتسمت (جميلة) فى وجه (جمال) لأول مرة بحياتها مما جعل قلبه ينبض بقوة وهى تقول
-بعد الشر عليك ٠٠ أنا بجد مش عارفة لولا اللى أنت عملته كان جرالى ايه
تبادل (أدهم) النظر بينهم بغيظ شديد بينما اجاب (جمال)
-أنا معملتش غير اللى المفروض يتعمل
فتحدثت والدة (جميلة) قائلة بإمتنان
-ازاى بس يا بنى مانت اللى شلتها وجريت بيها ع المستشفى
أتسعت عينان (أدهم) بذهول وردد بصوت خافت
-شالها !!
بينما أجاب (جمال)
-وأنا كنت اقدر اشوفها واقعة ع الارض ومش قادرة تقوم واسيبها ٠٠ ولمعلومك يا خالتى أنا هزقت وضربت الواد صاحب الماكنة عشان يفتح بعد كده وهو راكبها
فأجابت (جميلة) بعتاب
-ليه كده بس يا (جمال) الغلطة كانت غلطتى أنا ٠٠ أنا اللى كنت سرحانة
-لو إنتى سرحانة هو يفتح
زم (أدهم) شفتاه بعدم رضا ثم نظر لباقة الورود التى وضعها (جمال) بجوار (جميلة) وشعر بالخجل من نفسه فهو لم يأتى لها بشئ لمح (جمال) (أدهم) الجالس على الأريكة وشعر بغضب من وجوده الذى كان يطالعه بدوره بغضب هو الآخر لاحظت (جميلة) التوتر بين الطرفين وقالت
-(جمال) اتغير خالص يافندم واعتذر عن اللى عمله قبل كده 
رمق (أدهم) (جميلة) بنظرة طويلة دون أن يتفوه بحرف ثم نهض عن المقعد وقال
-ألف سلامة مرة تانية عليكى يا (جميلة) ٠٠ وهبقى اطمن عليكى بإستمرار
ابتسمت (جميلة) بتلقائية وهى لا تصدق ما سمعته للتو وهم لكى يمد يده ليصافحها فقالت
-مبسلمش يافندم بالايد
فصر (أدهم) على أسنانه وقال بغيظ بداخله 
-لا يا شيخة !! وشالك عادى !!
سحب يده ثم خرج للخارج وهمت والداتها تسير خلفه كى ترشده فقال بثبات وهو على باب الغرفة
-عارف الطريق ٠٠ حضرتك خليكى معاهم مينفعش تسبيهم لوحدهم
ثم خرج هو للخارج فابتسمت والداتها بعد أن إلتف ولكنها لم تعلق على أى شئ ٠٠
*****************
فى صباح اليوم التالى ٠٠
وجد (ريان) تجمع بسيط من الطبيبات الذين يعملون معه فدقق النظر وجد (أسما) تتوسطهم وكانت هيئتها غريبة غريبة حقاً فقد كانت ترتدى فستان أحمد قصير أسفل البالطو الخاص بالأطباء  وكان عارى بعض الشئ من الأعلى وتسدل شعرها على كتفيها ولا ترتدى تلك النظارت التى تغطى عينيها وعلى الرغم من أنها كانت جميلة للغاية إلا أنه كان جمال لا يحبذه إطلاقاً جمال يشوبه بعض الجرئة وجدها تمسك علبة من الشوكولا وتوزع عليهم منها ثم تركتهم جميعاً واقتربت بهدوء من (ريان) وقالت وهى تنظر فى  عينيه
-مش تباركلى
 نظر لها بعدم فهم  فتابعت هى
-اتخطبت لرجل أعمال كبير ٠٠ (تامر الصياد) أكيد تسمع عنه
هز رأسه بالإيجاب فشعرت بالسعادة يبدو وأنها قد جعلته يغتاظ فقدمت له علبة الشوكولا لكى يأخذ واحدة فمد يده واخذ واحدة ثم ابتسم لها بهدوء وقال
-مبروك
وفتح الشوكولا وتناولها وهو يسير بمنتهى البرود فشعرت حينها (أسما) بغضب شديد وضربت قدمها فى الأرض فلم تنال ما كانت تطمع فيه ٠٠
******************
بينما كانت (عتاب) قد حدثت المديرة الخاصة بدار الأيتام عن فكرة طبيب يستمع إلى مشاكل الأطفال ويزورهم بصفة مستمرة فرحبت بالفكرة وطلبت من (رائد) الحضور كى يناقش تلك الفكرة مع (عتاب) الذى قدم على الفور دون أن يتحجج بأى أعذار دلف لمكتبه الخاص فى الدار  وطلب قدوم (عتاب) إلى مكتبه التى ظلت تهمهم طوال الطريق المؤدى لغرفة مكتبه ما الذى جعلها تقترح ذلك الأقتراح الآن عليها مقابلته ذلك ما اخبرها به عقلها ولكن كان لقلبها حديث آخر فهى بالفعل تود رؤيته فذلك القلب قد اشتاق لرؤياه ظلت تخبر نفسها أنه (فضل) ولكن قلبها ظل يخبرها أن (فضل) ماهو إلا أكذوبة بينما (رائد) هو الحقيقة وجدت نفسها تبتسم لا أرادياً وأتجهت نحو الباب وطرقته مرتين حتى استمعت إلى صوته يأذن لها بالدخول فدلفت نحو الداخل وجدته ينظر لها بلهفة فنظرت هى إلى عينيه العسلية وذقنه الخفيفة تلك التى تزيد وسامته وسامة ولون بشرته الخمرى فهو ذو جسد رياضى أنيق فى ملابسه يرتدى قميص أبيض يلمع من كثرة بياضه ويشمر ساعديه إلى مرفقه وأسفله بنطال أسود لاحظ هو نظراتها المتفحصة نحوه فأبتسم لاحظت هى بسمته تلك فشعرت بالخجل من نفسها ونظرت للأسفل وهى تقول
-مدام (حنان) قالتلى أن حضرتك عاوز تشوفنى مع أن كان ممكن ترفض أو توافق من غير ما تشوفني
ابتسم وهز رأسه بآسى ثم آشار لها بالجلوس فى المقعد المقابل للمكتب فاقتربت بهدوء ثم جلست فقال هو
-كنتى عاوزة تشوفينى مش كده ؟!
اتسعت عينان (عتاب) فظل هو على بسمته تلك فعضت شفتاها بعيظ شديد ثم قالت
-أنا غلطانة فعلاً  ٠٠ غلطانة إنى مهتمة بالدار والاطفال ومشاكلهم
-ع فكرة أنا كمان كنت عاوز اشوفك
قالها ببرود تام فصرت على أسنانها ثم نظرت له بغضب شديد وقالت
-يعنى ايه أنت كمان دى ؟! أنا مكنتش عاوزة اشوفك
-ماشى ٠٠ بس عاوز اسئلك سؤال
هزت رأسها كى يسئل فسئلها 
-إنتى لسه بتكرهى تبصى فى شكلى ؟!
نظرت له ثم أخذت نفس عميق وهزت رأسها نافية وقالت
-لا ٠٠ أنت مش هو ٠٠ أنت واحد تانى
صمت قليلاً ولكن ابتسم بعدها ابتسامة طويلة وقال
-ياريت تفهمى ده ٠٠ اقدر اعرف بتكرهيه ليه ولا بتعدى حدودى ؟!
-ممكن منكلمش فى الموضوع ده ٠٠ ممكن تخلينى انسى انك شبهه
ظهرت ابتسامة عاذبة على وجه (رائد) ثم قال
-ممكن جداً
ابتسمت له بإمتنان ثم قالت
-الدكتور عندى ٠٠ اللى هيشوف حالات الأطفال هو متطوع
هز (رائد) رأسه بالإيجاب ثم قال
-وأنا موافق ٠٠ موافق ع الفكرة 
ابتسمت (عتاب) وهمت لتقف وتغادر فأسرع نحوها ثم ووقف أمامها فجاءة فتوقفت عن السير قبل أن تصطدم به وقالت 
-خ٠٠ خير
-أنا آسف ٠٠ موضوع الفستان إنتى فهمتيه غلط خالص
نظرت فى عينيه لثوان ثم أخذت نفس عميق لتقول
-أنت عاوز منى ايه ؟!
-مكنتش حابب بس تفهمينى غلط ٠٠ حابب نبدء صفحة جديدة لأنى مفكرتش فى أهانتك نهائى
ابتسمت له بود ثم قالت
-مش زعلانة خلاص
ابتسم لها بود ثم قال
-طب ممكن رقم تليفونك عشان لو حبيت اطمن ع (حفصة)
اضيقت عيناها ثم هزت رأسها بآسى فابتلع ريقه ثم قال
-معاكى حق اتصل بالدار احسن
كتمت ابتسمتها تلك ثم قالت
-هكلم الدكتور يجى بكرة إن شاء الله
-تمام ٠٠ وأنا هاجى بكرة إن شاء الله ٠٠ عشان اشوفه واتكلم معاه
-شكراً جداً حضرتك ٠٠ مكنتش متخيلة أن حضرتك هتوافق ٠٠ هرووح اكمل شغلى
-وأنا هروح ل (حفصة) ٠٠
******************
فى تمام الساعة السادسة كانت (شجن) تقف أمام المرآة وهى ترتدى فستان أسود طويل مرسوم عليه ورود باللون الوردى تجاه الصدر ومن أسفل الفستان وزينت ذلك بحجاب لونه وردى وضعت القليل من الكحل فى عينيها فجعل عيناها العسلية تزداد جمالاً وأحمر شفاه باللون الوردى اظهر مدى بياض بشرتها نظرت لنفسها نظرة رضا فقد كانت تشعر بتوتر كبير بعد أن أخبرها (وليد) أن والداته ستعود من لندن اليوم وتريد أن تتناول طعام العشاء معها هى رأتها أيام معدودة فقط فى المرة الأولى التى تزوجت فيها ب (وليد) فوالداه مستقران فى لندن ولكن أن تتعامل معاها وتحدثها وجهاً لوجه هكذا شعر قلبها  بتوتر كبير أخذت الحذاء الوردى الخاص بها وأرتدته ثم أخذت الحقيبة السوداء وأتجهت نحو باب الشقة بعدها هبطت بالأسفل واستقلت سيارتها وفى خلال نصف ساعة كانت قد وصلت إلى منزل (وليد) قرعت جرس الباب ففتح لها (وليد) الباب وقد كان يرتدى قميص بلون البنفسج ويشمر عن ساعديه وبنطال جينز أسود اللون ظلت تتفحصه قليلاً بينما هو اطلق صافرة على جمالها ذاك هزت رأسها بآسى وهمت لتدخل داخل الشقة لكنها توقفت ووجهت له سبابتها
-ده مش مقلب من مقالبك صح ؟! ٠٠ مامتك جو مش كده ؟! ولا هتعمل زى الافلام الابيض واسود وتشربنى حاجة اصفرة
ضحك هو عليها ثم قال
-عيب عليكى ٠٠ وبعدين كلها 3 أيام ونتجوز ايه اللى هيخلينى اعمل كده ٠٠ وفوق ده كله اخوكى كان معايا فى المطار وأنا بجيب ماما
-اه صح
-ادخلى
دلفت للداخل وهى تشعر ببعض التوتر فقد كانت تلك المرة الأولى التى تدخل بها شقتها بعد أنفصالها عن (وليد) شعرت ببعض الحزن وعادت إليها الذكريات خصوصاً ذكرى ذلك اليوم الذى ضربها فيه (وليد) وطردها من المنزل تلألأت عينيها بالدموع ولكن لحسن الحظ لم يلاحظ (وليد) ذلك ارشدها حيث تجلس والداته ابتلعت ريقها وحاولت أن تتصرف بطبيعتها نظرت لوالداته وجدتها امرآة أنيقة من يراها لا يتخيل أنها فى الخمسون من عمرها وغير ذلك ف (وليد) يشبهها بصورة كبيرة  لم يحدث بينهم لقاءات عدة قبل ذلك ولكن اليوم تشعر بأنها تريد أن تعرفها أكثر وأكثر فأقتربت منها وهى تمد يدها لها ثم قالت
-حمدالله ع السلامة يا طنط
سلمت والداته عليها وابتسمت ابتسامة دبلوماسية ثم قالت
-اتفضلى اقعدى
جلست (شجن) على المقعد المقابل للأريكة التى تجلس عليها فقال (وليد)
-طب هروح أنا أحضر العشا عقبال ما تتكلموا شوية
تحدثت والداته قائلة
-هو مفيش شغالة هنا يا (وليد) ؟!
ابتلع (وليد) ريقه ثم نظر إلى (شجن) التى تغيرت ملامح وجهها قليلاً وبعدها قال
-شغالة ايه بس يا ماما ٠٠ مرات البواب بس ممكن تطلع تروق وأنا مش موجود ٠٠ 
-عموماً أنت هتتجوز قريب مش هتحتاج لشغالة
عضت (شجن) شفتاها وشعرت بأن تلك الجملة تحمل أهانة خفية لكنها ابتسمت قليلاً ببرود فقال (وليد)
-هروح احضر العشا 
ما أن تأكدت والداته من انصرفه حتى نظرت ل (شجن) وقالت
-احنا اتقابلنا كذا مرة قبل كده
-ا٠٠ ايوة
-أنا عاوزكى تعرفى حاجة بس أنا مش بكرهك ٠٠ بس برده مش بحبك
تجهم وجه (شجن) فتابعت والداته
-أنا لما شوفتك فى أول مرة ابنى كان طاير من السعادة أنك هتبقى مراته وأنا زى أي أم فرحت اووى انه اتهدى وبطل سرمحة وقلة أدب وأن فى واحدة قدرت تربيه وكنت حاسة إنى مديونة ليكى بده ومبقتش اقلق أن (وليد) عايش فى مصر لوحده لا دلوقتي عند بيته لحد بعد سنة لاقيته بيتصل وبيقول انكوا اطلقتوا نزلت مصر بسرعة عشان الاقى ابنى رجع اسوء من الاول بيشرب 4 علب سجاير فى اليوم لا بياكل ولا بيشرب ولما حاولت اسئله سبب الانفصال ايه مرضيش يقولى ٠٠ ده مش مشكلة لكن إنى اشوف ابنى بالحالة دى بسببك مكنتش قادرة اتقبل ده فضلت شهر كامل معاه بعدها اضطريت اسافر لابوه وبعد فترة قليلة الاقيه بيتصل يقولى انكوا هترجعوا لبعض!!
شعرت (شجن) وقتها بشئ ما سيجعل تلك الفرحة التى دخلت قلبها ستسرق مجدداً فتابعت والداته
-بس دى حياته وده إختياره و (وليد) ماهوش صغير عشان امنعه عن شئ خصوصاً ان (وليد) عنيد فانا سيباه براحته بس لو زعلتيه تانى هيبقى ليا تصرف تانى معاكى بجد
ابتسمت (شجن) بهدوء ثم قالت
-ده حقك يا طنط (چيهان) طبعاً ٠٠ بس أنا بحب (وليد) وعمرى ما هضايقه أبداً
نظرت لها (چيهان) بضيق ثم قالت بغيظ
-عمرك ما هتحبيه ادى
شعرت (شجن) بأنها تشعر بالغيرة على ابنها وكتمت تلك البسمة ثم قالت بهدوء
-طبعاً يا طنط
-ولما إنتى مبتحبهوش أوى كده عاوزة ترجعيله ليه عشان تنكدى عليه تانى
-حضرتك هتشوفى بعينك لو ضايقته ابقى كلمينى مش هضايق
زفرت (چيهان) بضيق شديد وفى تلك الأثناء قد آتى (وليد) وهو يقول
-العشا جاهز
فتحدثت (چيهان) بأقتضاب وهى تقول ل (شجن) 
-اتفضلى قومى ٠٠ عشان نتعشى
قالت جملتها الاخيرة منفصلة عن الأولى كأنها تريدها أن تنصرف من البيت ولكن وقفت (شجن) ببرود تام وتوجهت نحو مائدة الطعام ثم تناولوا الطعام سوياً بعدها نهضت (شجن) لتدخل الأطباق بداخل المطبخ فتبعها (وليد) كأنه يقوم بمساعدتها وقال عندما وصل
-هى ماما عاوزكى ليه ؟!
ابتسمت له وقالت
-متشغلش بالك
ابتسم هو عليها ثم تفحصها من أسفل إلى أعلى وقال
-بس ايه الحلاوة دى والشياكة دى 
ابتسمت بخجل ثم قالت
-عندك نسكافيه ؟
-عندى
-طب هعملنا
-اقعدى بارة مع ماما وأنا هعمل
-مش مشكلة
-اقعدى بس 
هزت رأسها بالإيجاب وقبل أن تخرج امسك معصم يدها وقال وهو يخرج من جيبه منديل
-صحيح ابقى امسحى الهباب ده اللى ع وشك قبل ما تنزلى
اتسعت عيناها بعدم تصديق وقالت مرددة
-هباب !!
-مادام فى الشارع يبقى هباب ٠٠ والا امسحهولك أنا
زمت شفتاها بضيق ثم أخذت منه المنديل وهى تقول
-ما هو اصل قلة الذوق دى وراثة فى العيلة عندكوا
-مش احسن من لسانكوا الى بينقط دبش
-ماهو عشان كده حبيتك
شعر بأن أذنه اطلقت صفير وقال بهيام
-ايه ؟!
-عشان بتستحمل الدبش
ثم خرجت نحو الخارج مسرعة فابتسم هو عليها وقال محدثا نفسه
-نظام الكروتة ده مينفعنيش ٠٠ كلها 3 ايام وهخليكى تكتبى ع الحيطة بحبك يا (وليد)
وبالخارج ظلوا صامتون لا يتحدثون حتى آتى (وليد) بأكواب القهوة  وتحدثوا قليلاً ثم نظرت (شجن) للساعة وقالت
-الساعة 8 يدوب الحق اروح
-طب استنى اوصلك
قالها (وليد) مسرعاً فتحدثت والداته
-تعالى يا (وليد) معايا الشقة بتاعتى عشان عاوزك فى موضوع
ابتسمت (شجن) ثم قالت
-خليك مع طنط ٠٠ العربية قدام البيت
نظر (وليد) إلى والدته بغيظ شديد ثم نظر إلى (شجن) وقال
-طمنينى أول ما تروحى
-وهى يعنى مسافرة يا بنى أنت ؟!
ابتسمت (شجن) ثم اقتربت من (چيهان) وطبعت قبلة على وجنتها اليمنى وقالت
-مع السلامة يا طنط
ونظرت ل (وليد) وقالت له بمشاكسة
-باى
-حاف كده
ابتسمت فهى كانت تقصد إغاظته فرددت وهى تجيب عليه
-حاف كده
فأمسكت (چيهان) ذراع (وليد) وقالت
-بطل قلة ادب يا ولد أنت ٠٠ يلا تعالى الشقة بتاعتنا
انصرفت (شجن) بينما توجه (وليد) ووالداته داخل الشقة المقابلة لشقته التى تخص والداه ٠٠
*******************
بينما كان (أدهم) فى غرفته متكأ على الفراش وفكر أن يتصل ب (جميلة) لكى يطمئن عليها لكنه ظل يذكر نفسه أنه عليه أن لا يتحدث عن أن (جمال) قد حملها وكيف سمحت له بذلك اغمض عينيه وحدث نفسه قائلاً
-ده شئ ميخصنيش ٠٠ أنا مليش دعوة أنا هتصل بس اطمن عليها
أمسك الهاتف الخاص به الموضوع أعلى (الكوميدين) ثم اتصل بها فأجابت بهدوء
-السلام عليكم
-وعليكم السلام ٠٠ ازيك يا (جميلة) عاملة ايه النهاردة ؟!
شعرت بسعادة كبيرة وهو يتصل لكى يطمئن عليها ثم قالت
-الحمد لله يافندم بخير
-الحمد لله 
-أنا آسفة بجد يا فندم عارفة أن الشغل متعطل بسببى بس ٠٠
قاطعها  قائلاً
-المهم صحتك
ابتسمت بسعادة فتابع هو
-ولو أن محدش بياخد باله من الشغل زيك
-ميرسى يا فندم دى شهادة كبيرة اعتز بيها
صمت قليلاً وهى أيضاً وشعرت أنه لا يوجد شئ يجب أن يقال كما أنها أطالت معه المكالمة لذا قالت
-حضرتك عاوز حاجة ؟
عض شفتاه بغيظ شديد وفجاءة قال
-ازاى تسمحيله يشيلك كده ؟!
-هو مين ؟
-(جمال) الزفت ده ٠٠ المفروض أنك محجبة ومحترمة يعنى وفوق ده كله مبتسلميش ع رجالة ٠٠ احرجتينى امبارح قدامهم وهو عادى يشيلك
شعرت (جميلة) وقتها بإهانة شديدة ثم قالت
-أنا محترمة جداً يافندم ومسمحش لحضرتك أو غيرك يقلل من احترامى ده ٠٠ ثانياً رجلى اتكسرت وحاولت امشى كمان لوحدى وقعت تانى وكل اللى (جمال)  عمله شالنى حطنى فى عربية وودانى المستشفى وهناك وصلت بكرسى لما رفضت أنه يشلينى مرة تانى مدام فيه بديل
لم تعطيه فرصة للرد اغلقت الهاتف وانهرت من البكاء فهو يشكك بأخلاقها بطريقة مهينة ليس هذا فقط بل كل ما يهمه أنها لم تسلم عليه كما جعلت (جمال) يحملها وكأنها سلعة رخيصة تنفذ أى طلب يُطلب منها بينما نظر (أدهم) للهاتف فقد اغلقت فى وجهه الهاتف زم شفتاه بغيظ شديد ولكنه سرعان ما ائنب نفسه قائلاً
-تستاهل ٠٠ مانت لسانك متبرى منك ٠٠ ولو اتصلت مش هتعبرك نام بقى يا جلنف ٠٠
*****************
فى صباح اليوم التالى ٠٠
وصل (ريان)  إلى دار الأيتام كما أتفق مع (عتاب) ليقابل صاحب الدار فوصل للمكان الذى تجلس به (عتاب) ابتسمت (عتاب) ابتسامة عذبة حين رأته فابتسم هو الآخر لها ثم قال
-صباح الخير
-صباح النور
نظر فى عينيها ثم قال
-ع احلى عيون شوفتها فى حياتى
زمت شفتاها بضيق وقالت وهى تشر له بسبابتها محذرة
-وبعدين معاك ؟!
-وبعدين معاكى إنتى ؟! ٠٠ يعنى جيبانى اشوف واحد إنتى معجبة بيه ومش بس كده لا اشتغل معاه كمان ٠٠ حرام ده ولا حلال
هزت رأسها بآسى ثم قالت
-تعالى معايا ٠٠ هو مستنينا فى المكتب ٠٠ جاه من بدرى هنا
-كويس
سار (ريان) خلف (عتاب) حتى وصلوا للمكتب الخاص ب (رائد) وطرقت (عتاب) باب المكتب فسمح لهم بالدخول ففتحت (عتاب) باب المكتب ودلفت للداخل فابتسم (رائد) حين رأها وقال
-صباح الخير
-صباح النور
وهم ليمازحها كما يفعل ولكنه صدم بذلك الشخص الذى يقف خلفها فقالت (عتاب) وهى تشر تجاه (ريان)
-دكتور (ريان) المتطوع اللى قلت لحضرتك عليه
تفحصه (رائد) فذلك هو نفس الشخص الذى كان معها عندما كان يتناول عشائه فى ذلك المطعم فابتسم من بين أسنانه بسماجة وقال
-أهلاً
رفع (ريان) أحدى حاجبيه ثم قال
-اهلاً
-آنسة (عتاب) قالتلى أنك متطوع لده ٠٠ بس لو عاوز مرتب معنديش مانع
-لا خالص ٠٠ مش عاوز مقابل
لاحظت (عتاب) أن الجو مشحون بين اثنتيهم ولا تعلم السبب فربما تعلم السبب الذى يدفع (ريان) لذلك ولكن (رائد) !! ما به ؟! لذا قالت
-هو ممكن يحدد مع حضرتك يوم يجيه فى الاسبوع
-وهو إنتى المتحدثة الرسمية بتاعته ما يسمعنى صوته المفروض أنه دكتور وبيعرف يتكلم كويس ولا ايه يا دكتور ؟!
قالها بسخرية وهو ينظر له فابتسم (ريان) ببرود
-اتعودت اسمع الأول ولما الكل يخلص كلامه اتكلم مبحبش اقاطع حد
صمت (رائد) قليلاً ثم جلس على مكتبه وقال
-اتفضل اقعد يا دكتور
جلس (ريان) فى المقعد المقابل له فقالت (عتاب)
-هروح اقولهم يعملوا حاجة تشربوها ٠٠ شاى يا (ريان) صح ؟
-أيوة يا (عتاب)
فنظرت (عتاب) إلى (رائد) وسئلته
-وحضرتك ؟
اجاب (رائد) بأقتضاب
-قهوة سادة
-تمام هقولهم وهروح اكمل شغلى تكونوا اتفقتوا ٠٠ عن اذنكوا
قالتها وخرجت خارج المكتب فنظر (رائد) إلى (ريان) ووضع يده اليمنى أسفل ذقنه وآشار له بيده الآخرى كة يتحدث 
-إن شاء الله هاجى كل يوم تلات
قالها (ريان) بثبات فأجابه (رائد) 
-تمام ٠٠ فى حاجة حابب تتكلم فيها
-لا لما اقعد مع المديرة واشوف نظام المشرفات هنا
-تمام ٠٠ هكلم المديرة حالاً تيجى توريك الأماكن
ثم نظر له بفضول شديد وتابع حديثه
-أنت تعرف (عتاب) من زمان ؟!
-لا ٠٠ بس علاقتى بيها تخلينى ابقى عارف عنها كل حاجة
عض (رائد) شفتاه بغيظ شديد ثم نهض وقال
-تعالى أوريك مكتب المديرة تتكلموا مع بعض
نهض (ريان) هو الآخر وسار خلف (ريان) بعدها توقف (رائد) وإلتف له ثم قال
-ساعة ما كنا فى المطعم هى قالت أنك دكتورها أنا فاكر ده كويس ٠٠ هى صحتها كويسة ؟!
اقترب (ريان) من أذن (رائد) وهمس ببعض الكلمات التى جعلت عينان (رائد) تتسعان بدهشة ٠٠

#عتاب

ليست هناك تعليقات