إبحث عن موضوع

الشاهد (الثلاثية السوداء) كاملة

الجزء الاول

واحد يعني الأسف
اثنان يعني المرح
ثلاثة تعني الميلاد
أربعة تعني الزفاف
خمسة تعني الفضة
ستة تعني الذهب
سبعة تعني سرًا لا يجب إفشاؤه
ثمانية تعني الجنة
تسعة تعني النار
وعشرة هي الشيطان نفسه.
***
 يمكن اللي هحكيه مش مُرعب او مغامرة تستحق القراية ، لكنها حكاية أتعلمت منها ، لو فضلت حي أكيد مش هقع في نفس الخطيئة تاني.
نزلت من البيت وأنا بهرب من مقابلة زوجة جاري اللي تصرافتها معايا بقت غريبة وملهاش إلا تفسير واحد ، وأنا بشر وشاب عازب ونفسي ضعيفة  وكنت فكرت فعلًا إني استجيب ليها ، الحمد لله مقبلتهاش النهاردة ، مجرد ما خرجت من باب العمارة لمحت مجموعة من الغربان وسط أرض زراعية جنب البيت ، محاوطين غراب منقاره في إتجاه الارض ، إستمر المشهد كده لثواني وفجأة بدأت الغربان بنقر الغراب ده بقوة وسرعة  لحد ما جسده سكن تمامًا واتوقف عن الحركة ، حفرت الغربان حفرة ودفنت فيها جثمان الغراب المعتدى عليه ، المشهد كان مؤثر ومرعب ومفارقش خيالي لبقيت اليوم
حتى بعد ما روحت ونمت ، مفارقش أحلامي ! 
حلم مكنش مريح تمامًا ، أكيد مش هتكون مرتاح لما جسمك يقصر ويملاه ريش ، وكل محاولاتك للكلام ينتج عنها صوت مزعج ومرعب ، أستخدمت الميزة الوحيدة اللي لقيتها وهي الطيران ، وكأني بهرب ، بس بهرب من ايه ، انا مش محبوس في سحن ، انا محبوس في جسم غراب !
أنا عارف إني بحلم ، لكنه حلم غريب ، وبدأ يبقى مرعب لما لقيت سرب من الغربان بيطير ناحيتي ، الرعب ملاني بدون سبب ولكني عرفت السبب لما لقيتهم بيهجموا عليا بمناقيرهم المدببة ، هجوم شرس خلاني افقد توازي واقع على الأرض ، وقعت وشكلوا دايرة حواليا وأتكلم واحد فيهم "أنت متهك بالزنا وحانت لحظة مُحاكمتك" 
زنا ؟ 
زنا ايه وايه المحاكمة دي انا في جسم طير 
- نحن الغربان نختلف عن غيرنا من الطيور والحيوانات ، من يخطئ يعاقب ، حتى نختلف عن هؤلاء البشر فالعقاب واجب على كل من يخطئ حد سواء ، أنت ازنيت مع أنثى متزوجة لأخًا لك من جنسك ، وعقوبة هذا الفعل الشنيع هو الإعدام ، ليس لك فرصة في الحياة بيننا ، لإنعدام حجتك في هذا الخطأ ، كيف لك أن تفعل هذا الفعل الشنيع وتخون أخاك ، أليس من جنسك وتستطيع أن تشعر بناره الذي احرقتها به ، كيف لم تتخيل نفسك بمكانه للحظة ، انتهت المحاكمة وسينفذ حكم الإعدام" 
هاجمتني الغربان من كل إتجاه .
فوقت من النوم وانا حاسس بكل  ضرباتهم في جسمي 
دماغي كانت تقيلة ولسه يادوب بفوق جرس الباب رن ، قومت بصعوبة فتحت ، كانت جارتي ، مكنتش بتتكلم بتبصلي من فوق لتحت ومبتسمة ، معتقدش عندي الشجاعة الكافية احكي الباقي ، بعد كل الإشارات دي ، ضعفت ، بعد يوم والتاني حسيت إنها وحشتني ، روحت لشقيتها وخبطت ، فتحت وشدتني لجوا ،  سألتها عن جوزها ، والأجابة كانت غريبة ، قالتلي إنه طار يجيب أكل ! 
بصيت بأستغراب وسألت "طار بمعنى إنه راح وجاي بسرعة مثلًا ؟" 
أبتسمت وهزت دماغها بالإيجاب ، لكن ابتسامتها إتقلبت لنظرة رعب ، كأنها بتبص لعفريت ورايا ، لفيت علشان الاقي سرب من الغربان بيكسر ازاز الشباك وبيملى البيت ، نعيقهم دمر ودني ، وقعت على الأرض من هجماتهم ، قبل ما اغيب عن الوعي ، لقيت بشرى جسمها بتتلون بالاسود ، جسمها بيصغر وبيملاه الريش ، كلمات أسفها لواحد من الغربان  بقت بنعيق ، بصلي واحد من الغربان وحاسس في عيونه الغضب ، اتكلم وقال إنه حذرني أبعد عنها ، وإن محاكمة الغربان هتقوم عليا ، كوني من البشر مش هيمنعهم ، لأني اخطئت في حق غراب متحول !

الجزء الثاني

واحد يعني الأسف
اثنان يعني المرح
ثلاثة تعني الميلاد
أربعة تعني الزفاف
خمسة تعني الفضة
ستة تعني الذهب
سبعة تعني سرًا لا يجب إفشاؤه
ثمانية تعني الجنة
تسعة تعني النار
وعشرة هي الشيطان نفسه.
***
"ما بلاش يابني المشوار ده"
عمرو : خير يا أمي ، مش هيحصل حاجة 
خوف والدة عمرو من المشوار ده مكنش طبيعي اللي كان هيقابل تُجار كُبار يديهم شوية ورق يعدي لهم شحنة كبيرة من الخمور بجمارك أقل بكثير وليه نسبته طبعًا ، الحاجة الوحيدة اللي عكرت لعمرو مذاجه اليوم ده هي غراب أسود ضخم بالمقارنة مع أقرانه من الغرابان ، بعيدًا عن إن عمرو اتشائم بسببه لكن بدأ الغراب يهاجمه ، مش بعنف ولكن كأنه بيمنعه من المرور ، وصل عمرو المكان المتفق عليه وبمجرد ما سلمهم الورق طلع واحد من حراس التاجر سلاحه وضرب بيه عمرو!
***
صحي سعيد على صوت نقر مستمر على شباك اوضته ، كان مصدر الصوت هو ضرب اتنين من الغربان ، حاول سعيد يحرك ايده ناحيتهم من ورا الشباك يمكن يخافوا ويمشوا ، سعيد مكنش عنده الجرأة إنه يفتح الشباك لأكبر مخاوفه ، ساب الشقة خالص وقرر ينزل يقابل صحابه ، وهو ماشي حس بحاجة بتشد القميص بتاعه من ورا بيلف وشه عشان يتفاجئ بغراب ! 
جري بأقصى سرعته هروبًا من الغراب 
وصل لأصحابه وهو بينهج وحكالهم الموقف واتقابل بجمل سخيفة زي "ماتنشف كده ياض" و "الناس كلها مبتحبش الغربان بس مش كده" حاول سعيد يتناسى الموقفين وفعلًا بدأ الموضوع يروح عن باله شوية ، لكنه أفتكره مجرد ما قرب من البيت ولقى اتنين من الغربان بيحوموا حواليه ، بص سعيد لباب البيت مش عارف المسافة بقت أبعد ولا خوفه اللي صورله ده ، خد نفس عميق وجري ناحية الباب وكانت الغربان سبقته وأعترضت طريقه وكأنهم بيمنعوه من الدخول وبيسحبوه في إتجاه مُعين ، سرعات ضربات قلب سعيد الناتجة عن خوفه كانت سبب إنه يفقد الوعي
نعيق الغربان وطيرانهم فوق سعيد خلى كل الناس تفتكره مات ، الناس بعدت الغربان وقربت من سعيد علشان يكتشفوا إنه لسه حي ، فاق سعيد وحكالهم اللي حصل من أول اليوم ، سأله راجل كبير "تفتكر يابني هما نفس الغربان اللي خبطوا شباكك واللي طاردوك وانت نازل ؟"
سعيد : ممكن ، نفس الاشكال والأحجام 
العجوز : هاجمت غربان أو كسرت عش ؟ ، الغربان مبتنساش لو شخص اتعرضلها بأذى 
سعيد : لا اهاجم غربان ايه ده انا بترعب من منظرهم ، ومعتقدش إني كسرت اي عش 
العجوز : أكيد في سبب لمتابعتهم ليك ، حاول تمشي وراهم .
قام سعيد وهو بيشكر الناس وطلع البيت وحاول يتصل بعمرو صحابه اللي بقاله اكتر من أسبوع محدش يعرف عنه حاجة ولكن تليفونه مقفول برضو ، قرر ينام ويقفل اليوم ده ، ولكنه برضو اتفاجئ بنفس الغربان بتضرب الشباك بتاع بيته ، قرر يفتح الشباك واللي يحصل يحصل ، اتفاجئ سعيد إن الغربان متعرضتش ليه بأذى ، اكتفت إنه تسحبه ناحية باب الشقة ؟ 
نزل ومشي وراهم ، من شارع لشارع وكل ما يقرر يرجع يسحبوه تاني عشان يتأكد إنهم فعلًا قاصدين يسحبوه لمكان مُعين ، وصلوا بيه لمكان فاضي تمامًا ومن بعيد قدر يلمح جثة! 
قرب منها بخاف علشان يلاقيها جثة عمرو صحابه ! 
بلغ البوليس وبعد التحقيقات اتعرف القاتل وطلع تصريح الدفن ، يوم الجنازة لمح سعيد الغربان من بعيد ولكن بمجرد دخول جثة عمرو للقبر بدأ غراب منهم بالتلاشي وزي ما يكون بيتبخر في مشهد أغرب من الخيال !
روح سعيد بدون مطارده من الغربان او الغراب الفاضل ولكنه كان مستنيه زائر ، كان مستنيه عمرو! 
صالة البيت كانت زي مسرح بيتمثل عليه عرض والعرض كان ..
مجموعة من الناس بتقابل عمرو وبياخدوا منه ورق وبعد ما بياخدوه بيطلع واحد منهم سلاحه ويقتل عمرو وبعد ما بيمشوا بيظهر غراب من العدم جنب جثة عمرو ، بدأ يتحرك بغرابة و زي ما يكون مستغرب وضعية جسمه ، وبدأ يلمس جثمان عمرو بمنقاره بالراحة ، جه وراه غراب تاني من بعيد بمنتهى السرعة ومنعه من أكله وهو بيقوله "أبعد عنه ده بتاعي ، أنا مراقب الصراع ده من بدري ومستني اعد الجثث وفي الاخر يموت واحد بس وكمان عايز تشاركني فيه" 
منعه الغراب الأول من الأكل وهو بيقوله "ده انا ، انا كنت في جسم ده ، معرفش إزاي بقيت كده" 
الغراب الثاني : ااه انت منهم ، روح شوف حد يدفنك وأنا مش هاكل عشان شكلك غلبان 
الغراب الأول : استنى بس فهمني
الثاني : اتقتلت غدر ومتدفنتش فروحك اتحولت لغراب 
الأول : وكل اللي مبيتدفنوش روحهم بتتحول لغراب ؟ 
الثاني : آه ، الغراب الأصلي بيكون لونه أسود بالكامل ، اما الروح البشرية بتكون بجزء ابيض قدام 
الأول : انا أول مرة أسمع التخاريف دي 
الثاني : دي مش تخاريف ، أنت بس مكنتش غراب قبل كده 
الاول : يعني انت اللي كنت انسان قبل كده ؟
الثاني : ٱه ، كنت ، بسببها ، هي طلبت ده ، عجبتها حياتكوا وطلبت اتوسطلها عن ملك الغربان يحولنا لبشر ، حياتنا بقت لعنة ، كانت زوجة مخلصة ولما اتحولنا زيكوا بقت شبهكوا ، خاينة ، خانتني مع بشري ملعون .
الأول : انا آسف ، لو فكرتك بحاجة بس صدقني مش كلنا زي بعض 
الثاني : مش كلكوا زي بعض لكن على حد سواء في العيوب ، هو خاين وزاني وانت بتشارك في ان الألاف يشربوا الخمور مع إن دينك وصف شاربها وبايعها وحاملها بالملعون ، واديك موت ومعندكش اي فرصة ، هو خد عقابه من ملك الغربان وانت على معاد مع ملك الارض والسماء 
سكت لفترة الأول وبكى وقال : طب أرجوك ساعدني 
الثاني : الحل إنك تروح لحد بتثق فيه وترشده على مكانك وهو يدفنك ويدعيلك ، يمكن الدعوة ترحمك من العذاب يا ابن آدطيور
كنت عارف اللي هيحصل ، حاولت أمنع عمرو من إنه يروح ، لكني فشلت ، هاجمته وكنت بدفع جسمه لورا بكل قوتي لكن برضو فشلت ، وراح عمرو واتقتل ، زي ما شوفت في المُستقبل ، إحنا الغربان في بعضنا بيتولد مُتميز برؤيته للمستقبل ، ولحظي السئ كنت منهم ، بقول حظي السئ لإن جريمة قتل عمرو مش أول جريمة افشل في منعها ، الأولى مكنتش جريمة ، كانت مذبحة ، كابوس دموي 
بالإضافة لكوني بشوف المُستقبل  أنا غراب مُعمر ، عايش بقالي كتير اوي ، أكتر من قرنين . كونك غراب في البلاد العربية ده شيء صعب جدًا علشان هنا بيعتبرونا نذير شؤم ، حتى كمان بيقولوا ان لو واحد مننا وقف على بيت هيموت شخص من سكانه ، عادات كل البشر معانا غريبة زي عادة الشخص اللي تحتي ده ، بيعد سرب الغربان اللي طاير فوقه وهو فاكر إنه كده بيحمي نفسه مننا كأننا وحوش مش مجرد طيور

الجزء الثالث
واحد يعني الأسف
اثنان يعني المرح
ثلاثة تعني الميلاد
أربعة تعني الزفاف
خمسة تعني الفضة
ستة تعني الذهب
سبعة تعني سرًا لا يجب إفشاؤه
ثمانية تعني الجنة
تسعة تعني النار
وعشرة هي الشيطان نفسه.
كنت عطشان جدًا فنزلت على بيت صاحبه مؤمن إن الشرب حق لكل الطيور ، بمجرد ما نزلت على بيته خرجلي المياه ، بصيت على وشه وشوفته مذبوح ! 
عرفت ، عرفت إن موته قريب وبطريقة بشعة ميستحقهاش بشري زيه ، يمكن بشر كتير يستحقوا اكتر من كده لكن ده لا ، سمعت إنه مدعو لوليمة كبيرة في القلعة الملكية ، الاكتر رعب إني شوفت الشخص اللي بيكلمه كمان مذبوح ! 
طيرت حوالين البيت وشوفت نفس المشهد ، البيت ده والبيت اللي جنبه واللي جنبه ، اعداد مهولة ، في كارثة هتحصل ، قررت إني اطير للقلعة الملكية وهناك سمعت عن اللي هيحصل ، مذبحة كبيرة لكل أفراد العيلة دي ، طيرت تاني لبيت العيلة اللي كانوا بيستعدوا للوصول للقلعة الملكية ، حاولت أمنع ، اهاجمهم برفق وبقوة ، بدفع جسمهم لورا ، بدأو يضربوني ويقولوا إنهم مش مرتاحين للوليمة بعد ما شافوني وبعد هجومي عليهم ، أنا ؟ 
أنا السبب؟ 
جهل وغباء البشر كان وهيفضل اكبر قاتل ليهم
وقتها قولت إنهم يستحقوا وسيبتهم ، لكن جه في بالي البشري اللي كان مُختلف عنهم ، تفكيره مكنش زيهم رعايته ليا ومساعدته اللي كانت للكل من بشر أو حيوان ، طيرت ليه وحاولت بكل الطرق أمنعه ، مكنش فيه إلا حل واحد ، اتكلم ، يمكن الغربان اكتر الطيور حفظ للكلمات البشرية بس بصوتي المذعج وريشي الأسود ده مين هيهتم يسمعه ، في غيري صوته عذب وريشه ملون بس أنا عندي القدرة على ده ومش محتاج إلا كلمة واحدة ، مذبحة ، كنت حافظها ، ونطقتها
 "م ، ذ ، ب ، ح ، ة" 
ردتتها أكتر من مرة وده سببله رعب وقعه على الأرض ، شاورت بمنقاري على القلعة الملكية وأعتقد هو فهم ، حاول يجري ورا أهله يحذرهم بس واضح إننا خدنا وقت كبير في التواصل ، بيبان القلعة اتقفلت ، والوليمة بدأت ، طيرت واقتحمت القلعة بسهولة علشان أشوف اللي هيحصل ، وكان أبشع بكتير مما تصورت ، حراس الملك بيضربوا افراد العيلة بالسيوف ، رؤسهم كانت بتقع من شدة الضرب ، الأرض كانت مزحومة بالرؤس وعايمة في الدم ، لطائر من فصيلتي المفروض ده مخزون اكل لسنين ، ولكن المشهد كان مرعب اكتر من الشياطين اللي بتشارك البشر حياتهم من غير ما يشوفوهم .
سمعت صوت خبط هيستيري على بوابات القلعة ، كان البشري ، غبي ، الغباء صفة مشتركة في كل البشر ، حاولت الحقه لكن بمجرد وصولي كان اتقتل ! 
تفاصيل اليوم ده هتفضل في دماغي الصغيرة مهما طال عمري ، إسم العيلة "المماليك" وإسم السفاح "محمد علي"  ، هفضل شاهد عليهم زي ما شهدنا على جرايم كتير ليهم ، كنا الشاهد على أول جريمة ، البشر هما أشر الكائنات واكترهم كرهًا لبعض ، والغراب المكروه هو الشاهد .


ليست هناك تعليقات