إبحث عن موضوع

ما بعد الموت (كاملة)

ما بعد الموت
الجزء الأول - الإجازة.
قد يأتي شخص في حياتك ويغير لك حياتك إلى أفضل، قد تفقده بعد تعلقك وقد تكون معاناتك في فقدانه مخيفة قليلًا ولكن الزمن قادر على محو الذكريات أجملها وأكثرها المًا.
الرسالة دي جات لي زي ما بتجيلي كل يوم من صفحة إسمها أعرف حظك من بُرجك.

أنا اسمي سيف
بشتغل مع والدي في سلسلة كبيرة من معارض سيارات في الولايات المتحدة الأمريكية فبالتالي أنا من أسرة مرتاحة ماديًا.
عندي 20 سنة. عايش في نيويورك لكن أنا مولود في مصر تحديدًا من الإسكندرية.
بنزل مصر في الأجازة اللي هي شهر في السنة أنا وبابا وماما واخواتي
 أنا اكبر أخواتي عندي اخويا محمد وده أصغر مني بسنتين وأختي الصغيرة رنا وعندها 11 سنة.
لما بنزل مصر ببقى يا سلااام هى دي الحاجة الوحيدة اللي بتخليني مبسوط يمكن علشان ببعد شوية عن الشغل و بقضى وقت ممتع.
بس اللي عارفه إني بحب مصر جدًا وكنت ببقي مضايق اوي لما نسيب مصر ونرجع.
المهم جه معاد الإجازة وأنا متحمس جدًا اننا ننزل مصر. نزلنا مصر و بعد السفر رجعنا تعبانين الساعة 12 بليل قعدنا في الفيلا بتاعة بابا الفيلا.
المهم نمت وصحيت تاني يوم  وانا بفطر لقيت تليفوني بيرن ببص مين لقيته صحبي يوسف.
يوسف ده صديق حياتي  من الحاجات الحلوة اللي بتخليني انزل مصر علشانها وعلى فكرة يوسف طبيب نفسي، ممكن تقولوا بقضي الاجازة كلها معاه
- يوسف حبيبي عامل ايه؟
- لغوش لغوش كدة تنزل مصر ومتقوليش ومعرفش غير بالصدفة من أخوك .
- معلش يا چو والله انا جيت امبارح تعبان من السفر نمت على طول .
- طب مش هنتقابل ولا ايه يا جزمة !
- وأنا اقدر انزل مصر وماشوفكش!
- خلاص ساعة كدة ونتقابل إن شاء الله.
- اتفقنا.
خلصت فطار وقومت لبست وقولت هنزل اتمشي شوية عقبال ما اقابل يوسف.
وأنا بتمشى كنت سرحان على العادة وبتأمل المباني والعماير اللي حوليا ومكنتش واخد بالي خبط فيها، واحدة زي القمر.
- أنا أسف جدًا بجد مأخدتش بالي .
- لا أنا اللي أسفة معلش والله بس أنا مستعجلة جدًا.
- قولتلها ولا يهمك حصل خير.
مشيت بسرعة زي ما يكون متأخرة على حد
بعد ما مشيت لقيت باسبور وقع منها على الارض اخدته وفتحته لقيته بتاع واحد اسمه (عبد الرحمن حسن القصاري) من مواليد 1962 وكان في تذكرة سفر للسعودية.
طبعاً كانت مشيت فقررت اني هرجعهولها لما أشوفها.
قابلت يوسف اخدنا بعض بالأحضان واتغدينا وقعدنا نكلم كتيييير مع بعض واسألوا عن الأحوال في مصر و يسألني عن العيشة في أمريكا ومحدش كان عاجبه حاله هو عايز يسافر برا مصر وانا بنتظر زيارة مصر من السنة للسنة وحكتله علي اللي الخبطت فيها وعن الباسبور لحد ما الساعة بقت 9 بليل ودّعنا بعض واتفقنا أن احنا هنتقابل بكرة تاني بإذن الله.
روحت اتعشيت وقعدت أدردش مع محمد اخويا شوية وقولتله عليها محمد : والعة معاك يا عم
- ماشي يا لمض خش نام بقى.
عدا يومين و روحنا أنا و والدي و والدتي واخواتي  الساحل سبتهم وروحت اتمشي شوية ، شوفتها كانت بتتمشى ومكنش معاها حد وكانت سرحانة وبابن على وشها حزن وحسيت إنها مضايقة أدركت أن ده بسبب الباسبور روحتلها وقولتلها :
-مساء الخير .. أنا اللي انتي خبطي فيه
- اه فكراك هو انت لسا زعلان على فك..
قطعتها وقولت:
- لا والله أنا مش زعلان أنا جاي عشان الباسبور
- هو معاك!!
- ايوة وقع منك لما مشيتي.

عطتهولها وشكرتني وهي بتعيط وقالت:
- ده جميل هفضل شيلهولك العمر كله، النهاردة بليل بابا كان هيسافر ولولاك كان هيتحرم من الحاجة اللي بيتمناها من ربنا العمر كله.
- خلاص متعيطيش روحي جهزي بابا عشان يسافر ، اه صح بلاش تجري عشان الباسبور ميقعش منك تاني ولو تحبي اوصلك أنا معنديش مشكلة.
وافقت اني اوصلها..
واحنا في الطريق قالتلي:
- بابا كان قلبه حاسس، لما قولتله التذكرة والباسبور وقعوا قالي:
- هتلاقيهم و أنا هسافر.
وصلتها واتعرفت علي اهلها، كانوا ناس طيبة الصراحة وعرفت إن والدتها مُتوفية.
 استأذنت و مشيت.
 اه مشيت مشيت وانا معرفش حتي اسمها ايه ولا أحد رقم تليفونها ولا عملت اي حاجة بس عرفت بيتها فين.
عدا يومين كمان و روحتلها البيت بعد تفكير فيها طوال اليومين دول
متوتر بفكر كتير واقول لنفسي:
- طب لما اروح اقولهم ايه؟
كل ما اتقدم خطوة بتوتر اكتر وارجع تاني لحد ما معرفش جاتلي الشجاعة دي منين و روحت و خبط هي اللي فتحت.
أول ما شفتني لاقيتها اتكسفت جدًا ومقالتش ولا كلمة غير إنها قالت اتفضل
دخلت و شورتلي علي مكان اقعد فيه و سبتني ودخلت المطبخ.
منزل متواضع، شوية ولقتها دخلة عليا بفنجان قهوة وقالت:
-أنا أسفة جداً مقدمتلكش حاجة تشربها المرة اللى فاتت بس معلش والله الفرحة شغلتني عن كل حاجة.

- ولا يهمك أنا كنت جاي عشان اطمن إن كل حاجة ماشية تمام ومحصلش حاجة اثناء رحلة الوالد .
وسألتها على اسمها قالتلي إن اسميها ريهام.
روحت والصراحة كدة مش عارف ابطل تفكير فيها في كل لحظة و كل ما اعمل حاجة اتخيلها وبعد تفكير كتير  قررت اني اروح أنا ووالدي عشان اخطبها من والدها بعد ما يرجع من السفر.
ورجع والدها و رُحت عشان اخطبها واهلها رحبوا بيا و وافقوا بدون اي اعتراض.
 ومع الوقت اتعرفنا على بعض أكتر وبقينا بنتقابل ونقعد مع بعض اكتر ما بقعد مع يوسف.
وفي يوم من الأيام طلبت منها أشوفها كانت الساعة 8 بليل قالتلي ماشي عدي عليا نتقابل وتعالي خدني نخرج.
عديت عليها بالعربية اخدتها وقعدنا نفكر نروح فين انا اقترحت نروح اي كافيه ناكل ايس كريم وهي كانت عايزة نروح نتعشا برا في اي مطعم قولتلها ماشي وروحنا نتعشا.
- مبسوطة كدة.
- طول ما انا جنبك هبقى مبسوطة.
- وبعدين في الكلام الحلو ده!
وقعدنا نتكلم فترة طويلة نتكلم عن الخطوبة و اكلمها عن حياتي وصحابي وشغلي.
انتهت القاعدة بإني قولتلها:
- طبعا انتي هتيجي معايا نيويورك لما نتجوز
- لا طبعا مش هينفع أسيب بابا وأخواتي، ايه رايك انت تقعد في مصر معانا!
- صعب إني اسيب الشغل ابويا محتاجني.
معرفناش نوصل لحل قومنا عشان اوصلها البيت واروح كانت الساعة 12 بليل طول الطريق مفيش حد بيكلم التاني.
أنا بفكرة في حل للمشكلة دي وهي سرحانة تقريبا بتفكر هي كمان لحل.
كان الطريق فاضي والشارع ضلمة و كنت ماشي بالعربية بسرعة عالية عجلة العربية فرقعت والعربية اتقلبت. دماغي اتخبطت معرفش في ايه... الدنيا كانت بتلف بيا ضباب على عنيا ابص على ريهام الاقي وشها كله دم وبتقولي متسبنيش وبعدها الضباب بدأ يزيد أكتر وأكتر لحد مبقتش شايف قدامي.

صحيت لقيت نفسي في المستشفى، راسي ألم رهيبب فيها كل اللي خطر في بالي ريهام.
لحظات ولقيت الممرضة دخلة عليا سالتها
- ريهام فين؟!
- قصدك على اللي جت معاك لا دي حالتها صعبة جدا زجاج العربية دخل في درعها وفي تشوهات كتيرة في وشها ونزفت دم كتير وهي تحت الرعاية دلوقتي.
- طب أنا عايز اشوفها.
- لا مينفعش لازم ترتاح الاول أنت كمان.
لسا هرد عليها لقيت الدكتور دخل وبيقولي:
- حمد الله على السلامة.
- قولتله :فين ريهام أنا عايز اشوف ريهام.
- حاضر هخليك تشوفها بس ينفع تهدا انت بس.
بعدها دخل واحد من برا و وشوش الدكتور كلمتين في ودانه الدكتور قال :اييه وطلع يجري.
شوية وقومت عشان اشوف ريهام الممرضة الي كانت وقفة ساعدتني عشان اقوم، وطلعت برا الاوضة لقيت الدكتور طالع من اوضة في اخر الطرقة وجايلي بصلي بشفقة وحزن وقالي: البقية في حياتك..
قولتله: ايه اللي انت بتقوله ده ريهام ممتتش
جريت على الاوضة اللي طلع منها الدكتور.
لقيتها مرمية على السرير مبتنطقش مكنتش مستوعب الموقف
- ريهام قومي قومي يا حبيبتي أنا مش هسافر واسيبك لا انا رجعت في كلامي وقررت أفضل معاكي.
وقعت على الارض او مش وقعت نزلت على ركبتي من الصدمة
- أنا السبب انا السبب في موتها أنا مش هسامح نفسي ابدا.

أهل ريهام جم استلموها و اخدوا ريهام،
رُحت حضرت العزاء و نظرات الناس اللي حضروا العزاء ليا على أساس إن أنا السبب في وفاتها طب هعمل ايه عندهم حق.
:مهتمتش بحد واللي عايز يقول حاجة يقولها.
روحت البيت مُنهار
ابويا قالي
- حاول تنسي ده نصيب، خش ارتاح شوية عشان عايزك في حاجة مهمة لما ترتاح.
دخلت اوضي مكنتش قادر كنت تعبان اترميت على السرير ونمت وحلمت بالحادثة.
حلمت إن أنا سايق على الطريق بسرعة شديدة و عجلة العربية اللي قدام تحديدا على اليمين فرقعت والعربية اتقلبت وبعدين المشهد اتغير لقيت نفسي نايم على السرير في الاوضة بتاعتي وفي حد واقف قدام السرير تحديدا واحدة كانت درعها اليمين متجرح وكله دم زي ميكون في إزاز اتكسر على ايدها مكنتش.
شايف كويس لأن كانت الاوضة ضلمة بس في نور بسيط يخليني أحدد واشوف ايه اللي حولية بدأت الرؤيا تتضح شوية وشوفتها وعرفت انها ريهام وشها كله كان مليان دم زي ما شوفتها في الحادثة بالظبط.
قالتلي :
- إنت مش هتسبني صح رديت عليها وقولت : بس انتي مُتي.
صرخة رهيبة مفزعة سمعتها منها بعد ما قولت الكلمتين دول.
صحيت علي صوت والدي وهو بيقولي:
- مالك يا ابني ماسك ودانك ومنكمش في السرير كدة ليه؟؟؟
- عادي يا بابا مفيش مفيش.
- طب قوم عشان عايزك في موضوع.
- حاضر يا بابا هغسل وشي و حضرتك استناني في الصالون وانا مش هتأخر على حضرتك.
دخلت الحمام وطيت علي الحوض بغسل وشي طلعت ابص في المرايا لقيت ريهام وقفة ورايا بنفس الشكل البشع المرعب جسمي كله زي ما تقول كدة اتكهرب من الفزع.
 بصيت ورايا بسرعة ملقتش حد طلعت من الحمام بسرعة
- أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.
مشغلتش بالي بالموضوع أوى اخد الفوطة
طلعت لبابا برا في الصالون ودار مابيننا الحوار التالي.
- اؤمرني
- بص يا سيف أنا عارف انك بتستني الأجازة بطلوع الروح، بس لاسف الشديد في شوية مشاكل في الشغل ولازم نرجع الليلة في أسرع وقت لنيويورك ، متزعلش يا سيف إن شاء الله هعوضك عن الاجازة.

سافرنا أنا وبابا وسبنا ماما واخواتي وبعد ما وصلنا مُجهدين فنمت.

كنت واقف في مكان ضلمة نسبيًا و حاسس اني واقف في صحراء، تحتي رملة و بالرغم من الضلمة بس كنت شايف كان ضوء القمر مخليني اشوف، وفي وسط الصمت ده وأنا ببص حوليا يمكن الاقي حد.
بنفس الملامح المرعبة ظهرت وقالت:
- انت حر لو فكرت تنساني، بس انا مش هسيبك.

صحيت.. المشكلة اني لما صحيت ملقتش نفسي في امريكا لا، أنا لقيت نفسي في مصر.
لقيت محمد دخل عليا وقالي:
- إنت ايه اللي رجعك انت مش سافرت ولا انت مسافرتش اصلاً ولا ايه النظام؟!
- أنا مرجعتش.
- يعني ايه مرجعتش انت في اأوضتك في مصر يا ابني الساعة كام دلوقتي؟
- الساعة تسعة بليل.
- طب سبني لوحدي دلوقتي يا محمد.
- ماشي يا عم اللي أنت عايزه.
في مصر، ازاي أنا في مصر ازاي!!!
قلت لازم أقول لحد يساعدني مخطرش في بالي غير يوسف، جريت روحتله بيته
وحكتله علي كل حاجة. قالي:
- هو مبدأياً الموضوع يقلق بس بص يا سيف أنا دكتور وحكاية ان الارواح بتظه  وبتطارد دي مبتجيش معايا سكة، تعال بكرة وهرد عليك بخصوص الموضوع ده.
بعدها بيوم قال:
- افسر حالتك تفسير علمي شوية، أنا فسرت حالتك في الأول وقلت يمكن اللي بيحصلك ده من آثر الحادثة وفقدانك ل ريهام  هو اللي مقصر عليك بس كل اللي كان هيجنني انت جيت مصر ازاي.
 دعبست شوية في الموضوع ده لقيتك كنت حاجز تذكرة باسمك بتاريخ امبارح على مصر في طيارة الساعة 8 الصبح.
يعني انت جيت بمزاجك.
- ايه اللي أنت بتقوليه ده استحالة طبعًا.
- إنت عبارة عن شخصين الأولاني سيف اللي احنا عارفينه والتاني سيف اللي مش قادر يصدق بُعد حبيبته عنه.
دي عندنا بتسميها انفصام في الشخصية،بص مش عايز اقلقك بس الموضوع كله عايز راحة.
 اقتنعت بكلامه.
 - بص أنا هحجزلك مكان، عبارة عن اوضة تقعد فيها وتريح أعصابك.
 زي ما خطر في بالكم، أدركت أن يوسف بيتعامل معايا على اني مريض.
معترضش و رُحت المكان، قعد في المكان ده ٤ أيام، لوحدي مُنعزل، الأكل بيدخلي زي اكني في سجن، خلاص بقيت مجنون!!!
 برضو كنت بحلم بكواليس.
 في يوم لقيت محمد جي ومعاه رنا وقالي:
 - رنا مش مبطلة تسأل عليك كل شوية عايزة سيف.
رنا كان وشها مخطوف على غير العادة يعني رنا دايما بتضحك وتهزر.
 سألتها:
- مالك يا رنا في ايه؟
 ردت بنبرة خوف:
- عايزة احكيلك على حاجة مهمة.
- ايه هي الحاجة المهمة دي؟
 لفيتها انفجرت من العياط فقولت:
- في ايه يا رنا احكي.
- سيف الحقني يا سيف في واحدة شكلها مرعب أوي. شعرها مغطي نص وشها والنص التاني كله دم و درعها كله دم و عمالة تخوفني وتقلي اني اقلك تمشي من المكان اللي هو فيه ده احسن له وإن اللي بيعمله ده مش حل وهو كدة مأنقذش نفسه وقوليله إن هو مش مريض ولا حاجة زي ما صحبه قاله.
اخدها في حضني وقولتلها: خلاص متعيطيش كل حاجة هتبقى تمام.
قلت لمحمد يخدها يروحها البيت.

- يوسف أنا لازم أطلع من هنا.
- مينفعش.
رديت عليه وأنا بزعق:
- يعني ايه مينفعش، أنت هتسجني هنا!
- خلاص اهدا اللي إنت عايزه، بس متجيش تندم بعد كدة.

من وقت ما سيبت المكان ده وأنا كويس، مبحلمش بحاجة ولا بشوفت أي حاجة.

بعدها بفترة ربنا رزقني ببنت الحلال وكانت زوجة كويسة، بعدها بسنة خلفنا بنوتة سميتها رُقية.
مرة كنت قاعد بتفرج على التليفزيون سمعت رُقية بتكلم في الاوضة مع حد. كانت رُقية عندها حوالي 4 سنين في الوقت مكنش في حد في الاوضة دخلت عليها ملقتش حد - كنتي بتكلمي مين يا حبيبتي.
ردت بابتسامة:
- كنت بكلم ماما ريهام يا بابا..
يُتبع..
شهاب الدين أشرف
ما بعد الموت
الجزء الثاني - الاستقرار.

مرة كنت قاعد بتفرج على التليفزيون سمعت رُقية بتكلم في الاوضة مع حد. كانت رُقية عندها حوالي 4 سنين في الوقت مكنش في حد في الاوضة دخلت عليها ملقتش حد - كنتي بتكلمي مين يا حبيبتي.
ردت بابتسامة:
- كنت بكلم ماما ريهام يا بابا.
رديت باندهاش:
- هي فين ماما ي رُقية؟
- قاعدة على السرير وراك اهي ي بابا..
ببص لقيتها قاعدة فعلًا
- ايه شغل العفاريت ده ي ريهام، والله ما واخد بالي انك قاعدة خالص.
اه صحيح هو أنا نسيت أقُل لكم أن زوجتي اسمها ريهام برضو.. !
ردت وهي بتضحك:
- أنا أسفة مش هعمل كدة تاني، بس أنا كنت عايزة أكلمك في موضوع.. !
- اتفضلي.
- هو احنا هننزل مصر ونستقر فيها زي ما وعدتني امتى؟
رديت بابتسامة:
- هانت أهي، إن شاء الله أخر الأسبوع هنكون سافرنا.

في الحقيقة ريهام مراتي كانت طلبت مني نقعد ونستقر في مصر علشان تبقى جنب أهلها، خُفت أرفض بسبب اللي حصل قبل كدة، فبدأت أشتغل على ده، علمت محمد أخويا الشغل علشان يساعد بابا، وأنا ظبطت أموري علشان استقر في مصر.

عدى الأسبوع، ونزلت مصر واستلمت مفتاح الشقة اللي هنقعد، وكالعادة لما بنزل مصر لازم أقابل يوسف، المرة دي رُحت له البيت، قبل ما أدخل على العمارة اللي هو ساكن فيها لاقيت واحدة دراعها في جرح متخيط ووجهها كله جروح، ولما ركزت لاقيتها ريهام.
غمضت عيني وأنا بقول:
- لا لا أكيد تهيؤات أكيد، أنا ما صدقت الموضوع ده انتهى من زمان.
لما فتحت عيني ملقتشهاش، حمدت ربنا أنها مجرد تهيؤات، قبلت يوسف ولما عرف اني هستقر في مصر لقيته مش مشجع الفكرة معرفش ليه، مع أن ده عكس تفكيره.

كلمني عن شبح ريهام لو لسة بشوفه، قلتله اني من ساعة أخر مرة مشوفتش حاجة، ومردتش اقوله اني لسة شايفها قبل ما أجيله لاني بدأت اشك في يوسف ومبقتش بحكيله كل حاجة.
- اسمع مني ي سيف، صدقني كل اللي أنت شوفته فيما بعد موت ريهام ده من أثر الحادثة، واديك اهو بقالك أكتر من خمس سنين مشوفتش حاجة.

قعدت يطمني، ويقل لي كلام من النوع ده، صراحة أنا شايف كلامه منطقي جدًا، وأنا اصلا كنت مقتنع بيه من قبل ما اروحله.

روحت البيت لاقيت في رسالة ورقية مبعوتة لي مكتوب فيها ( أرجوك يا سيف تيجي على العنوان ده ضروري، دي مسألة حياة أو موت).
ومكتوب العنوان وتحت الورقة مكتوب التوقيع "عبد الرحمن القصاري"
- أنا عارف الراجل ده كويس، ده والد ريهام، ي تري ايه اللي يخلي والد ريهام يبعت رسالة زي دي!!!

رُحت على العنوان ده، وبدأت اخبط على الباب، بس مفيش حد بيفتح، سمعت صوت حد من جوا بيقل بصوت متقطع "إلحقتي"، كسرت الباب ودخلت، لقيت الحاج عبد الرحمن مرمي على الأرض.
- قوم معايا ي حاج.
- ممم مفيش وقت، أنا كدة كدة هموت، اسمعني ابعد عنه ابعد عن صاحبك، بب بيحبها، بب بيستغلوك، ببب بنتك..
- مين، مين دول ي حاج؟
أقدر أقلكم دلوقتي أنه قطع نفس، بس أنا عرفت هو عايز يقُل ايه لما شوفت خصلة من قميص القاتل في ايد الحاج عبد الرحمن، نفس القميص اللي كان لبسه وهو معايا.

اتصلت بيه:
- يا خاين يا جباان قتلته ليه، كل ده علشان معرفش انك كنت بتحب ريهام، ازاي تقتل حد غلبان علشان حاجة تافهة زي دي.
- مُغفل، أكيد مقتلتهوش علشان سبب زي ده، وبالنسبة لريهام فهي كمان كانت بتحبني، ودبرنا كل ده أنا وهي من البداية، أول حاجة رميتها في طريقك قبل ما تقابلني يوم ما جيت مصر علشان تحبها، علشان نستغل حبك في اننا نطلعلنا قرشين حلوين منك، والصراحة ملقتش منك أي استفادة، لا وكمان كنت عايز تاخدها أمريكا، بس أنت قتلتها وهي طريقة واحدة بس اللي هعرف انتقم بيها منك، وهو ده السر اللي قتلت الراجل بسببه.

روحت البيت وأنا مُنهار، بحاول أكذب فكرة أن الكلام اللي أنا سمعته ده يطلع صح، بس في الحقيقة أنا مش زعلان.
عادي
والله ما فارقة معايا انها طلعت مبتحبنيش، كل اللي بفكر فيه هينقم مني إزاي.

نمت من كتر التفكير، مصحتش غير تاني يوم على صوت ريهام مراتي وهي بتقول:
- اصحى ي سيف، رُقية كل ده مرجعتش من المدرسة.
- يعني ايه مرجعتش من المدرسة؟؟

جريت بسرعة و رُحت المدرسة
- يفندم بنت حضرتك مجتش المدرسة النهاردة أصلًا.
- ازاي مجتش، ده أنا هوديكم في ستين داهية.

رُحت أعمل بلاغ بفقدان البنت قالولي
" هنمشي في الإجراءات اللازمة، وهنحول مدير المدرسة للتحقيق"
ولما انفعلت وقلتلهم إن لازم تبدأوا تدوروا عليها دلوقتي، قالوا بكل برود
"منقدرش نتحرك عشوائي، خصوصًا أن معداش ٤٨ ساعة على اختفاء البنت"

في عز المُصيبة اللي أنا فيها، فجأة خطر في بالي الكلام بتاع عبد الرحمن القصاري قبل ما يموت أخر كلمة قالها.. بنتك.
أكيد يوسف الكلب هو اللي خطفها، هو ده اللي كنت عايز تخفيه عني، من جوايا برضو مش مقتنع وحاسس أن في حاجة تانية.

اتصلت بيه وقلت:
- إزاي معرفتش كمية الشر اللي جواك دي قبل كدة!، قتلت الراجل الغلبان، وعايز تكسرني بخطف بنتي، بنتي ملهاش ذنب ي متخلف أنت تعال خد بثأرك مني أنا.
- هي بنتك اتخطفت؟
- هو مش أنت اللي خاطفها!!
قال وهو عمال يضحك:
- لا ي حنين أنا اللي خطفتها، هو أنا مش قلت لك هنتقم منك، ولسة هحرق قلبك عليها لما اسمعك خبرها.

رجعت للقسم تاني وقلتلهم إن يوسف هو اللي خطف بنتي ولازم يحققوا معاه.
وبالفعل استادعوه وبدأوا يحققوا معاه وكانت أقواله
"الكلام ده افتراء ومفيش أي دليل ضدي"
تدخلت وطلبت أنهم يروحوا بيته وهيلاقوا البنت جوا بيته.
الضابط بصلي بسخرية وقال:
- هو في حد بيخطف الناس ويحطهم في بيته أنت متخلف يبني!
- اسمع كلامي بس، ولو مطلعش كلامي صح، اعمل فيا اللي يريحك إنشلا تسجني.
- هيحصل فعلًا لو ملقتهاش في البيت، ومن هنا لحد ما ارجع أنت وهو هتفضلوا هنا.
يوسف همس في ودني وقال:
- مبروك عليك السجن.

عدى نص ساعة ولقيت الضابط داخل ومعاه رُقية، وبيأمر بالقبض على يوسف لأنهم بالفعل لاقوها في شقته.
يوسف مندهش وبيقول:
- إزاي، ازاي لاقيتوها هناك، والله ما حصل، أنا ومخطفتهاش ي حضرة الضابط، اه كنت ناوي اخطفها بس مخطفتهاش والله ولا أعرف عنها حاجة، أنا لما لقيتها اتخطفت استغليت الفرصة علشان ابتذه، لكن أنا مخطفتهاش.
رد الضابط:
- تقدر تفسرلي كانت بتعمل ايه في شقتك؟
- معرفش، أنا معرفش هي وصلت هناك إزاي.
- الظاهر إن إنتَ اللي متخلف مش هو، خده ي عسكري.
قبل ما العسكري يمشي رُحت ليوسف وهمست في ودنه وقلت:
- الله يبارك فيك.

- أنا بعتذر جدًا لحضرتك ي أستاذ سيف و الحمدلله على سلامة بنتك.
- الله يسلمك، كنت عايز اقلك أن في جريمة قتل حصلت من فترة لواحد اسمه عبد الرحمن حسن القصاري، يوسف هو السبب في قتله، تقدروا تتحققوا من ده بنفسكم.

مشيت أنا ورقية، ولما روحت حكيت لريهام مراتي على اللي حصل.
اندهشت جدًا واستغربت اللي حصل وقالت:
- في حاجة غلط، أنا مصدقة إن يوسف معملش كدة.
- هو فعلًا معملش كدة.
- يعني ايه!، اومال مين اللي عمل كدة؟؟
- ريهام.
- ريهام مين!!
- ريهام اللي ماتت من ست سنين.
- واضح إن الموضوع لسة مأثر عليك لحد دلوقتي.
- أنا كويس، بس اللي انت متعرفيهوش أن ريهام لسة عايشة.
- اه وبعدين.
- بطلي هبل، قلتلك اني كويس، من ست سنين أنا كنت بتخيلها وبشوفها وهي مش موجودة أنا عارف ده ومتأكد منه، بس أكيد رنا أختي مكنتش بتتخيلها برضو.
- أنا مش فاهمة حاجة.
- ريهام راحت ل رنا من خمس سنين علشان تطلعني من المصحة، رنا مكنش بتتخيل ولا حاجة، ولما شُفتها نازلة من عند بيت يوسف في المرة دي بالذات أنا كنت متأكد إني مش بتخيل، شُفتها بنفس الوصف اللي قالت عليه رنا، ساعتها بس اتأكدت انها لسة عايشة، وهو ده كان اللي عايز يعرفعولي القصاري، وبسبب ده يوسف كان بيبتذني وبيدخلني في سكة تانية علشان معرفش إنها لسة عايشة.
- طب وهي بتساعدك ليه؟، وبعدين ليه محاولتش توصلها طالما عرفت انها عايشة.
- هي مش بتساعدني هي بتنتقم لموت أبوها مش أكتر، وأنا مش عايز أوصلها، هعمل ايه بيها، يكفي إني عارف إنها عايشة متحسرة على موت أبوها، اللي هي سبب في موته.
 "تَمَت"
 شهاب الدين أشرف

ليست هناك تعليقات