إبحث عن موضوع

جريمة في عالم الجن

ركبت ورا (سمير) على الموتوسيكل، نطلع من منطقة للتانية ندخل في شوارع وحارات لحد ما نلاقي اللي بندور عليه، الساعة دخلت على واحدة بالليل في عز الشتاء، وبصراحة أحنا مزنوقين أوي في الشغلانة دي ولازم نخلصها النهارده، دخلنا في شارع مفيهوش حياة تقريبًا غير عواميد النور، لقيناه، طفل صغير شكله تايه وعمال بيبص حوله يمين وشمال كأنه خايف، غمزت (لسمير) ونبهته للولد، شعره جميل ولبسه نضيف وشكله مش من المنطقة دي خالص، وقفنا على جنب لحد ما تأكدنا أن المنطقة فاضية وماحدش شايفنا، أديت إشارة الحركة (لسمير)، اتحركنا مرة واحدة بسرعة عالية ناحية الطفل، كممته بالمنديل اللي في أيدي، مقاومته قلت، شيلته  وبسرعة اتحركنا، حسينا أن فيه حاجة بتزقنا لدرجة أننا كنا هنقع مرتين بس (سمير) عرف يلحق نفسه ويوزن الموتوسيكل وخرجنا من المنطقة. 

الناس اللي هتشتري منّا بلغتنا أن اليوم ده هو آخر يوم عشان نجيب الحاجة، اتصلت عليهم وقولت لهم أننا جبناها ومن عيل صغير زي ما طلبوها منّا، كملنا طريقنا ووصلنا للمكان اللي بنعمل فيه العمليات، أوضة عمليات بدائية حتى بالأدوات اللي فيها، طلعت وأنا شايل الولد المتخدر على كتفي، فتح (صالح)شريكنا الثالث الباب لنا ودخلنا، شريكنا الثالث هو المسؤول عن العمليات الجراحية واستئصال الأعضاء، حطيت الولد على السرير، فضل يسألني عن نوع المخدر اللي أنا استخدمته في المنديل وأنا ما أعرفش، فضل (صالح) متردد يستخدم مخدر تاني ولا هيحصل مضاعفات بسبب المخدر المجهول بس قرر يشتعل من غير ما يحط مخدر وقال أنه هيخلص بسرعة على قد ما يقدر ونظرًا أن المكان صغير فاضطرينا كلنا نستنى في نفس الأوضة، قلب (صالح) الولد ونيمه على بطنه، جاب قلم ومشرط بدأ يفتح.

تحت الضهر بشوية، المنظر تقيل شوية بس فضلت عنينا تروح وتيجي بس دماغنا فضلت مشغولة بالفلوس لأن الحاجة رايحة لناس كبيرة أوي وهتدفع كتير، جري (صالح) بسرعة ناحية برطمان ورجع تاني للطفل جاب كام حديدة كدا وحطهم في جسم الطفل وطلع منه الكُلية.

قبل ما يحطها في البرطمان اللي فيه مادة الحفظ الكُلية بتدأت تتحول لرماد حاجة محروقة، بسيت أنا وسمير لبعض مش فاهمين حاجة، (صالح) جاب حقنة من جنب إيده وسحب منه شوية دم من دراع الولد الصغير، بمجرد ما خلص الحقنة ولعت، الدم نفسه ولع والحقنة شبه انفجرت لدرجة أن إيد صالح أتحرقت.

صوتنا بدأ يعلى وشوية وهتقلب بخناقة بينّا، اقترحت أنا و(سمير) عليه أنه يجرب الكلية التانية وبعد كذا محاولة اقتنع، فتح مكان الكلية بالمشرط وطلعها وأول ما طلعها حصل نفس الكلام، الكُلية بقت رماد، بس المرة دي (صالح) فضل مدقق شوية في جسم الوالد بعدها بص لنا وقال:

-الواد مات.

قعدنا شوية مرتبين مش عارفين نعمل أية، اتفقنا على أن (صالح ) يقفل الطفل بسرعة وبعدها يجي معنا أنا وسمير ونرميه مكان ما آخدناه.

دخلنا الشارع والساعة حوالي ثلاثة ونصف، قدام البيت اللي آخدته من عنده بالضبط ورميت جثته، بدون مقدمات أول الشارع وآخره ظهر فيهم حواجز نار سدت علينا مخرج الشارع، اترعبنا من المنظر، من فوق المباني نزلت لنا مخلوقات كلها نفس الشكل، نصفها اللي تحت كله شعر ومن فوق شكل بني آدمين لنهم بقورن وألسنة شبه ألسنة الثعابين وأعين حمراء، حاوطونا بدائرة.

أول واحد فيهم راح لسمير، ضرب دماغ سمير بحوافره وبدأ يشق سمير بالطول، فورًا جم اثينن بسرعة على صالح وبدأو يأكلوه ويقطعوه، أنا لقيتني بقع على الأرض وفي أربعة منهم كل واحد ماسك طرف من أطرافي وبيرجوا عكس إتجاه بعضهم.
*******************

- في اليوم التالي:

بعد ما سألنا الشهود كلهم أكدوا أنهم ما سمعوش حاجة بالليل ولاحتى أثر لصوت عالي، أصحاب الثلاث جثث دول اكتشفنا أنهم بيرجعوا لثلاثة مشتبه فيهم في تجارة الأعضاء وعن طريق جثة واحد فيهم قدرنا نوصل لوكر العمليات بتاعهم، بس إزاي دول ماتوا كدا وأي طريقة وقوة تقدر في الدنيا تقدر تعمل كدا، واحد مقسوم طوليًا ومش بآلة حادة نهاية، وواحد مأكول وتقريبًا من حيوان مقترس، بس مافيش فك هيقدر يسبب الضرر ده كله، أما الثالث فأطرافه كلها مفصولة عن جسمه وشكله مافيش حد آدمي قدر يتحمل يشوفه لمدة ثواني.

معظم أقول أهل الشارع اللي عددهم قليل بتتفق على أن الشارع بتحصل فيه حاجات غريبة في أوقات مختلفة على فترات متباعدة ولكنهم اتعودوا على ده، بصيت على بتوع المعمل الجنائي لقيتهم واقفين ناحية كومة من الرماد، رحت لهم واستفسرت منهم عن سبب وقفتهم، قالوا لي أن الرماد ده مش ناتج عن حرق جماد عادي أو شيء يُستدل عليه، الرماد غريب وممكن يكون له علاقة بالجريمة، أمرت بالتحفظ عليه، بل أني احتفظت بشوية في كيس عشان أنا في دماغي هدف تاني.

روحت زيارة لصديقي المتقاعد (حلمي)، حلمي كميائي عنده شغف غير طبيعي بالماورائيات، سلمنا على بعض وبدأ نظام الضيافة الروتيني، قعدنا وبدأت أحكي له كل حاجة عن الموضوع بتاع الجث ده، طلب مني استنى مكاني عشان هياخد الرماد يعمل عليه تجارب ويقولي النتيجة.

عدى حوالي ساعة إلا ربع، لقيت (حلمي) خارج من معمله اللي في بيته وعرقان وبينهج، قعد وارتاح قال لي الآتي:

-أحب أبلغك يا صديقي أنك مجبر تصدق أهل الشارع.

سألته باستغراب:
-أزاي، مش فاهمك.

أخد نفسه ورد:
-أفهمك، في أنواع من المخلوقات بيبقى لهم وظائف محددة في الكون بتاعنا وبيعملوها من غير ما نشوفهم أو حتى نحس بهم، هم في حالهم وأحنا في حالنا، وأحنا بنسمي كله جن، الجن يا صديقي أنواع كتير جدًا وبقدرات مختلغة تمامًا والقضية مالهاش غير تفسير واحد بس.

-أية هو؟

-بعد ما عملت تحاليل على الرماد ده اكتشف أن ده ناتج عن حرق جثمان طفل من قبيلة قديمة أوي في العالم الآخر، من ضمن مميزات القبيلة دي هي التشكل، أنهم بيقدروا يتشكلوا على هيئة أي كائن بس لما بيتشكلو على هيئة كائن بيكتسبوا الخصائص بتاعته، اللي مات ده كان طفل منهم ولسة بيتعلم أول مرحلة في التشكل، وأعتقد أن التلاتة اللي ماتوا دول أذوه أو ضروه.

رديت عليه وقولتله:
-زود بس على معلوماتك يا حلمي أننا لقينا نفس الرماد ده في وكر العمليات بتاع الأعضاء بتاعهم.

سكت حلمي وبص في الأرض شوية، بعدها اتنهد وقال لي:
-يبقى كدا أنا بدأت أجمع، العيال دي خطفت الطفل ده لما لقيوه لوحده ولما وخم يأخدوا منه أعضاءه اتحولت لرماد.

-أزاي يعني.

-هقولك، الطفل ده لما تشكل اكتسب خصائص البشر، بس لما أعضاءه انفصلت عن جسمه رجعت لأصلها، ولكن الأصل بيتحرق.

حسيت أني غبي وسط الكلام ده كله فحبيت أسأله:
-طب يا حلمي ليه، ومين برضه مين اللي قتله.

-ما أنا جايلك في الكلام، أهل الطفل دول تشكيلهم بيبقى في هيئة نصف بشرية ونصف من طبيعيتهم وهم اللي عملوا فيهم كدا، وعشان عملية التشكل بتأخد وقت طويل ما عرفوش يعملوا حاجة لما الشباب دي خطفت الطفل لكن لما رجعوا للمكان تاني كانت عملية التشكل تمت وحصل اللي حصل، وده هو التفسير ياصديقي وما أنصحكش تدور على قاتل عشان مش هتوصل لحاجة.
.
.
محمد عبد القادر

ليست هناك تعليقات