إبحث عن موضوع

زوجتي الشرقية الفصل 12

#زوجتي_الشرقية

الفصل الثاني عشر
- لا أخاف من تلك النظرة
هتفت بها ببرود شديد رغم تخبطات داخلها .. إنه فى ذروة غضبه وانتِ تخبرينه إنكِ لا تخشينه !! رائع عزيزتي إجعليه يصب بغضبه عليكي الآن

- هيا اذهبي إلى غرفتك
صاح بها ببرود ثلجي ... لا تعلم من أين يأتي به ! إبتعد عنها ويتوجه نحو الأريكة مرة أخرى .. اتسعت حدقتيها ذهولاً وهي تراه يريح بجسده على الأريكة مغمضاً جفنيه .. هل أنهي الحوار ؟! الحوار لم ينتهي بعد ..

ضربت علي الأرض بقدمها بسخط وهي تخرج من الغرفة غالقة الباب بعنف خلفها ..

لم يلقي بالاً بما فعلته .. أغلق المصباح بجواره لينعم بالنوم
فغداً عليهم العودة إلى لندن .

......................................
جهزت الخادمة حقائبهم .. احتضنتها علياء بعاطفية
- سأشتاق لكٍ يا ليان .. سأقوم بزيارتك عندما أعود من السفر

بادلتها ليان بابتسامة هادئة وهتفت بشقاوة
- ستذهبين إلي إيطاليا إنك محظوظة حقاً .. ولكن أن تكوني عارضة أزياء أليس متعباً

- بالطبع متعب لكن شيق للغاية سيقام حفلة في لندن الشهر القادم سأرسل لكِ الدعوة لا تتحججي بالعمل مثل زوجك

- إن شاء الله
تمتمت بها فى خفوت .. إدارت بعيناها نحو المكان وهتفت بتعجب
- ولكن أين جدتي ؟

همت علياء بالرد ليستمعا إلي صوت يأتي من الدرج
- انا هنا يا عزيزتي

قالت علياء بتعجب وهي تري الخادمة خلفها تتمسك بحقيبة السفر
- جدتي لمن تلك الحقيبة ؟

ضربت بعصاها علي الارض وهي تقول بسعادة
- لي بالطبع

- ولكن إلي أين ستذهبين يا جدتي ؟
ذلك الصوت كان صوت زين تلك المرة .. لتلتفت ليان وهي تراه خرج من غرفة مكتبه ويتوجه نحو جدته بخطوات هادئة

- سأذهب معكم بالطبع

ظهرت علامات التعجب والدهشة على معالم علياء والجمود على زين .. لتهتف علياء بدهشة

- ولكنكِ قلتي لا تحبين ان تسكني فى زحام المدينة ما الذي تغير الآن ؟

توجهت الجدة نحو ليان التي كانت تحاول فهم ما يحدث

- تغير لأن زوجة حفيدي جاءت سنتسلي انا والفتاة كثيراً

ثم أشارت للخادمة بصوت متلهف
- أسرعي يا كريستين أعطي الحقيبة للسائق

انصاعت الخادمة لأمرها وهي تحمل الحقيبة متوجه بها نحو الخارج .. هتفت الجدة وهي تلكز ذراع ليان الشاردة

- يا فتاة لا وقت للشرود الآن هيا اصعدي السيارة لنصل للمدينة في أقرب وقت

وما كان عليها سوى الإذعان والقبول .. توجهت للخارج هي الأخرى .. ما إن إبتعدت عن ناظريهم حتى قال زين بمكر

- ما الذي تنوين على فعله يا جدتي ؟
ضربت بعصاها علي الأرض وهي تمتم بسخط

- أنوي ماذا ؟ هيا هيا لنصعد إلى السيارة الوقت سيتأخر

وجه زين ببصره إلي علياء التي كانت تحاول كتم ضحكتها
- جدتي الله يعلم ما الذي يدور برأسها

لاحت ابتسامة لم تصل لشفتيه .. إبتسامة تهكمية ساخرة ليهتف بجمود

- حينما تصلي إلي إيطاليا هاتفيني

هزت رأسها بإذعان

- بالطبع
توجه إلي الخارج بخطوات رشيقة .. تتبعته علياء بنظرها حتي اختفى عن مرمى نظريها لتفلت الضحكة التي حبستها بداخلها وتمتمت وهي تضرب بكفوفها

- ااه يا جدتي
................................
تشرب العصير باستماع تحت نظراتهم الساخطة لتمط شفتيها بتركيز
- يعني هي مش بترد على التليفون

ضم شهاب قبضه يديه وهو يحاول بأقصي قدر ألا يفتك بتلك المجنونة تبرم بسخط وهو يوجه ببصره نحو ورد
- انا قلت يا ورد ديه مش هتفيدنا سيبيني اخلص عليها
حاولت ورد أن تهدأ ذلك الذي سيقوم بأرتكاب جريمة الليلة
- اهدي بس يا شهاب

ثم تابعت وهي تلقي بنظرة معاتبة للأخري التي لم تكترث وهي تشرب العصير باستماع

- يا سارة اهدي اشويه احنا جايبينك لأنك إنتِ اكتر واحدة عارفة ندى

- ايوه بس كله بحسابه

هتفت بها سارة ببرود ليسحق شهاب أسنانه
- ويا تري الست سارة تحب نجبلها ايه

لمعت عين سارة وهي تصيح بحماس
- الكاميرا اللي هموت وأجيبها

قام شهاب من مجلسه صائحاً بانفعال
- لا ده انتي زودتيها اووي

قامت ورد من مجلسها هي الأخري وهي تسحبه للمقعد مرة أخرى

- اقعد بقي الناس بتتفرج علينا

زفر بحنق وهو يجلس على المقعد مرة أخري ..
هتفت سارة

- عيد ميلادي بعد بكره

بدا الأمر لم يعد الاحتمال صاح بعنف وعيناه موجهه الى ورد
- شوفي علشان انا لو قتلتها مش هدفع الجزية .. انا بفكر في ايه وهى فين

عبست سارة لتقول بسأم
- تصدق أنا غلطانه إني بفكر أجيبهالك إزاي

هتفت ورد بفضول يتآكلها
- قصدك إيه يا سارة ؟

أجابت سارة بخبث وقد اهتدت إلي خطة ناجحة
- عيد ميلادي بعد بكره وديه الحاجة الوحيدة اللي هقدر أجيبها للبيت و بكده يقدر شهاب يتكلم معاها لو قلقانين علي موضوع بابا وماما فمتقلقوش من الناحية ديه

هتف بأعجاب صريح
- الماظات دماغك ديه ألماظات

عدلت ساره ياقتها وهتفت بزهو
- اومال ايه يا حضرة المقدم

ضيقت عينيها وهتفت بتحذير مشيرة بأصبع السبابة نحوه
- الكاميرا يا شهاب لو ملقتهاش بعد بكره إنسى تشوف البت

ضحكت ورد وهي تستمع إلي الشد والجذب بينهما .. يشبهان القط والفار كثيراً زادت أعينها دهشة وهي تستمع إلي سارة

- بس خد بالك يا حضرة المقدم لا تعمل حركة كده ولا كده ها هقفشك .. بيت إبراهيم طاهر وهيفضل طول عمره طاهر

أمسك شهاب بعبوة المناديل ورماها فى وجهها لتتفادها بسهولة وهي تبين له طرف لسانها
- مجتش فيا

ازاحت بخصلاتها للخلف لتنظر إلي الهاتف وهتفت بعبوس
- إنتوا جايبني علشان العصير بس فين الأكل

تلك المرة ورد التي هي التي قامت من مجلسها وعلامات الحنق بادية علي معالم وجهها لتفر سارة هاربة من الذين سيقومون بقلتها اليوم وتصيح برعب

- انا ماشية

ضحكت ورد بملء فيها على تلك المجنونة التي ركضت خارج المطعم تحت نظرات أعين الجميع منهم المتهجم ومنه المستنكر والأخر متعجب .. لتجلس على مقعدها وهتفت بأبتسامة هادئة
- ها قررت تقولها إيه ؟

تنهد براحة لأنه يوجد فرصة لمحادثتها .. أسيخبرها أنه يعشقها ولا يستطيع الحياة بدونها أم يجبرها ؟! لن يقدم بخطوة سوي أن يعلم منها سبب النفور منه .. تتجنبه و ترفض الحديث معه .. لن يظل مكتوف الأيدي المقابلة القادمة لن يتركها ترحل .
...............................
ظن الزواج من ليان سيجعل جدته تهدأ .. لكنه كان مخطئاً
نقر بقلمه على سطح مكتبه الزجاجي وعيناه شاردتان نحو الفراغ .. الماضي يطرق بابه من جديد

كان في العاشرة من العمر عندما توفي والده ووالدته أثر حادث مؤلم .. جعله يفقد النطق لعدة أشهر .. رفض العيش مع عمه وانتقل للعيش مع جدته لعده أشهر ثم أخبرها أنه يرغب في الالتحاق بمدرسة داخلية .. رغم رفض الجدة وعمه إلا إنه كانت رأسه يابسة كما تقول جدته دائما ..

مرت السنوات ببطء حتى التحق بالجامعة .. حياته عابثة كمثل اى رجل غربي .. القيم والأخلاق التي غرسها أبيه وهو صغير قد دفنت ومُحيت منذ الأزل ..

تولي إداره شركة أبيه بمساعدة عمه الذي دائما واقفاً بجواره يدعمه ويساعده ..

إنه حتى الآن لا يصدق أنه تزوج .. وتزوج من ؟! .. فتاة شرقية .. يا لسخرية القدر !!

انتبه على صوت مساعده الخاص وهو يهتف بهدوء
- سيد زين

عاد ينقر بالقلم على سطحه الزجاجي .. ارجع بظهره للخلف
- ماذا ستيفن ؟

توترت معالم وجه ستيفن وهو يضع الصحف على مكتبه
- سيدي أظن أنك لم تقرأ الخبر بعد

إلتقط زين إحدي الصحف وهو ينظر بأعين فضولية .. اسودت عيناه مما بعث في قلب ستيفن الرعب .. يا إلهي ما الذي فعلته !!

ظل يقرأ العناوين بين الصحف ومعدل غضبه يزداد كأن وقوداً إقترب من شعلة نار جعلته يتوهج ويحدث حريقاً مهولاً " ما زالت علاقات رجل الأعمال مستمرة حتى بعد زواجه " .. "علاقة حميمة تربط بين رجل أعمال شهير و صحفية " .. " هل زواج رجل الأعمال زين الحديدي مجرد ستار لأستكمال علاقاته "

إزدر ريق ستيفن بتوتر وهو يلاحظ تشنج جسد سيده .. إنتفض بهلع عندما أزاح زين كل شيء على المكتب مصدراً ضجيجاً قويا
- اللعنة
همس بها زين وهو يرجع بخصلات شعره للخلف .. الصحفيون مستمرون في إزعاجه .. لن يتركوه وشأنه .. قال ستيفن بتردد
- سيدي هل نفعل مثل المرة السابقة ؟

هز برأسه نافياً .. استعاد هدوءه بعض الشيء وهو يذرع الأرض ذهاباً وإيابا هتف زين وهو يستعيد هدوءه بعض الشيء

- ليلة غد توجد حفلة للسيد ديفيد بمناسبة مرور مؤسسته عشرون عاما لقد بعث لي بطاقة دعوة منذ أسبوع هل زلت محتفظاً بها ؟

أومأ ستيفن برأسه إيجاباً
- نعم يا سيدي إنها معي

لاحت شبه إبتسامه لم تصل لثغره وهو يفكر كيفية التخلص من الصحفيين للأبد .. استند زين بجزعه على مكتبه الزجاجي .. سيضرب عصفورين بحجر واحد من جهة جدته التي لا تكف عن التذمر بجعل ليان تتعرف على الوسط المحيط ومن جهة أخرى الصحافة ..
..........................................
ضحكت بملء فِيها وهي تستمع إلي موقف مضحك حدث مع زين عندما كان صغيراً .. لتبتسم الجدة وهتفت بصدق
- ضحكتك جميلة مثلك

غمزت ليان بشقاوة
- لكنكِ الأجمل جدتي

ثم تابعت بحماس وهي تصفق يديها
- لقد رأيت لعبة الشطرنج في مكتب زين .. ستلعبين معي وسأهزمك

مطت الجدة شفتيها بعبوس
- كلا لا لست محترفة في لعبها

- تخشين الخسارة يا جدتي

لاحت ذكرى قديمة جعلتها تبتسم
- نعم أخشى الخسارة .. حفيدي زياد كان يهزمني في كل مرة ألعب معه

التصقت بجانب الجدة وهي تتسائل بفضول
- لكن لما جدتي ؟ تنادونه بزياد !

تنهدت الجدة بحزن
- لا اعلم حقا عندما توفي والده وإبنتي أثر حادث فظيع سبب له فقد النطق لعدة أشهر جعلني أصاب بالحزن والخوف والهلع من أن أفقد حفيدي وانا اراه كل يوم يذبل .. أتذكر في يوم كنت اناديه بزين لأجده يرد بعنف ويخبرني قولي لي زياد وليس زين

سعادتي وقتها وأنا أراه يتحدث معي بعد أن أصابني اليأس والإحباط جعلني أذعن لطلبه ولم أسأله لما ؟ خمنت إنه عندما أذكر أسم أبيه سيجعله ذلك يتذكر والداه لا أعلم هذا تخمين فقط

تجمعت الدموع متحجرة عند مقلتيها وهي تجد الجدة في اليومين عندما عادا إلى الشقة الفاهرة في لندن تخبرها عن حياة زين فى طفولته التي تعلمها قبل التحاقه بمدرسة داخلية ..

تشعر بالأجواء التي غيم فيها الحزن والطاقة السلبية ترتفع كمعدل الأدرينالين في الجسم حينما يواجه الأنسان موقف يتعرض له لأول مره

اكتفت جمعت بعض المعلومات عنه وعن طفولته ولكن ما زالت ترغب فى المزيد .. الجدة أخبرتها كل ما تعلمه في طفولته السعيدة حتى ذلك اليوم المشؤوم .. تبدلت فيه ملامح طفل سعيد بقلب يصرخ بالحيوية بأخرى حزينة و قلب متآلم ..

شعور اليتم لن يشعر به آحداً سوي الذي فقد شخص عزيز علي قلبه ..

عادت بذاكرتها إلي شهاب عندما توفت والدته .. كانت ما زالت طفلة صغيرة بالنسبة له .. كانت تخبره بوقاحة أن يتوقف عن المجىء لبيتهم .. كانت حمقاء ساذجة وقتها .. تنهدت وهي تطلق كل ما يعتمل فى مكنونها لتصيح فجأه وهي تتذكر شىء هام

- يا إلهي إن اليوم عيد ميلاد أختي كيف نسيت ذلك

ضربت بكفها علي جبهتها لتقوم من مجلسها علي الفور صاعده للطابق العلوي .. نظرت للساعة لتجدها السابعة مساءاً وبفرق التوقيت هناك الرابعة عصراً ..

أخذت الحاسوب الخاص بها من الغرفة لتهبط إلي الدرج بخطوات تسابق الزمن لتهتف الجدة برزانة
- علي رسلك يا فتاه

فتحت الحاسوب وهي تجلس على الأريكة مرة آخري .. عقلها لا يشغلها سوى زوجها .. زوجها بنبرة مستنكرة و تهكمية أصبحت الكلمة كتعبير ساخر

- كل سنه وإنتي طيبه يا حبيبتي وعقبال ميه سنه
قالتها بها عندما وجدت سارة ترد علي مكالمة الفيديو عبر تطبيق سكايب ... سمعت تذمر سارة

- لا كتر خيرك إنك لسه فاكره

استرسلت بعيون مشاكسة
- ايه ده هو الجواز حلو كده يخليكي تنسي عيد ميلادي ولا القمر أبو عيون زرقا واكل الجو

تصاعدت حمرة وجنتي ليان مما جعل الجدة تهتف بتساؤل

- ماذا حدث يا جميلتي ليحمر وجهك مثل الطماطم الطازجة

هنا تساءلت سارة
- إيه ده ديه جده زين ؟

- ايوة

هتفت بها بهدوء لتصفق سارة يديها بمرح
- ايوه خلينا اشوفها

التصقت بجوار الجدة صاحت ساره باعجاب
- مين المزه دي ؟

أطلقت بعدها عدة ضحكات رنانة عندما زجرتها ليان بحدة لتتطالع الجده عبر الشاشة صورة فتاة النشاط والحيوية يملأ وجهها ... ملامحها تبدو قريبة نوعا ما لـ ليان
بخصلاتها الغجرية وبشرتها البرونزية المناقضة لبشرة ليان الخمرية

لكن الشخصيتان متناقضتان تماما .. الأولى خجولة والثانية تبدو نوعا ما جريئة وهي تتحدث مع ليان بلغة لا تفهمها وبالمقابل الأخري التي بجوارها أصبحت وجنتيها تشتعلان من الحمرة

تبرمت الجدة بسخط
- توقفي يا فتاة لقد جعلتي زوجه حفيدي مثل حبتي الطماطم

تمتمت سارة

- هل جعلتيها في صفك يا ليان

إبتسمت ليان .. لتقوم سارة من الفراش وهتفت بغمز
- يوجد مفاجأه يا ليان

خرجت من الغرفة وسلطت بالكاميرا علي الأفراد الموجودين .. عائلتها موجودة .. والداتها و والدها و ورد وشهاب وندي وبعض صديقات سارة

- جميعكم هنا .. منذ متى يا شقية تجعليه في وقت مبكر للغاية

ردت سارة وهي تسلط الكاميرا علي وجهها وتلتصق بـ ندي

- اصل ندي هتسافر علي بليل علشان خاطر عيونها قدمته وخليته في العصر

نست أن الجدة تتابعها لتعدل لسانها وهي تهتف بالانجليزية
- إفتقدتك جداً يا ليان

لمعت عيناها فرحة وهي ترى الجميع سعيد ويضحك ويمرح بسعادة .. لا تعلم متى الدموع انحدرت نحو خديها .. قالت الجدة بمزاح وحزناً على تلك المسكينة

- لقد جعلتي الفتاة تبكي يا شريرة

اتسعت سارة عيناها صدمة و هتفت باستنكار
- أنا شريرة

ثم استرسلت بمزاح
- بل أنا زعيمة عصابة

أطلقت ضحكة مدوية بمرح جعلت الجدة تضحك وتزرف الدموع بسبب ضحكتها وشاركتها ليان
- توقفي يا فتاة عن تلك الضحكة .. سأموت بسببك

كانا يتحدثان بمرح لم ينتبهوا لقدومه .. بل هي تجاهلت ذلك الأمر .. علمت بوجوده بسبب عبق رائحته التي دغدغت أنوثتها العذرية .. أغلقت الحاسوب وهي تضعه جانباً

وجدته واقفاً بشموخ يليق به هتفت الجدة بتعجب
- زياد لقد أتيت مبكراً اليوم

نظر للساكنة التي بجواره تفحص ملابسها بسخرية بداية من فستان منزلي فضفاض وخصلات شعرها الذى جمعته على هيئة كعكة ليرد بجمود
- نعم سأكون في غرفة المكتب حتى موعد العشاء

تابعته الجدة بأعينها حتى غاب عن مرمى بصرها لتلكز التي بجوارها

- هل هذه ملابس ترتديها وانتِ أمام زوجك

تفحصت ملابسها برضي وهتفت ببلاهه
- ما به يا جدتي

- لا تغضبيني يا فتاة حرري شعرك الذي تخبئينه وملابس الجدة التي لا تتناسب مع عمرك

همست بتوتر وهي تفرك بيديها
- ولكن الحراس و الخا..

قاطعتها الجده
- الحراس لا يتجرؤن ويدخلوا المنزل وجميع من تعمل هنا نساء كما في منزل القرية

فضلت الصمت حتى لا تغضب الجدة .. هل تريديها أن تتزين وتصبح عروسا لذلك الجلف البارد .. ابداً لن ترتدي تلك الملابس التي خبئتها فى حقيبتها ..

عندما عادا إلى لندن إتجها إلي شقة فاهرة مكونة من طابقين .. الطابق الاول يوجد بها غرفة إستقبال و حجرة مكتبه العظيمة الضخمة المليئة بالكتب
ومطبخ بحجم شقه منزلهم عكس ذلك القصر فى القاهرة و المنزل فى القرية .. والطابق العلوي يحتوي على خمس غرف بحمام ملحق ..

أصبحت فى ذلك اليومين تراه صباحاً ومساءاً .. يكتفي بعبارات مقتضبة وحديث رسمي كأنهم أغراب .. لا تعلم أين يقضي ليلته

غرفة المكتب تقريباً أو غرفة نوم آخري .. تشعر به عندما يأخذ ملابسه فى ساعة مبكرة جداً ثم يغلق الباب بهدوء خلفه ..

الجدة تحاول جعلهم مقربين .. تسعي جاهداً في ذلك لكن لا فائدة .. تذكرت كل لحظة عندما يقترب منها بطريقة مباشرة أو ملتوية .. إذاً لم ابتعد عنها لم ينفرها بعدما أصبحت زوجته كأنه يهجرها .. هل هجرها ؟ هل هذا هو الهجر ؟! .. إنه لم يقترب منها حتي يهجرها .. الجدة تمزح معها لن تفعلها .. لن تتودد إليه .. لن تتزين ..لن ترتدى ملابس مغرية وإن أقيمت حرب العالمية الثالثة .
..............................
لم تتوقع أن والداها عاش قصة حب عالمية كما تقرأها فى الروايات .. قضي والداها معظم طفولته ومراهقته وشبابه فى القرية ..

ترك القرية لاستكمال تعليمه في مصر وإلتحق بكلية الشرطة .. عائلة والداها من أهم عائلات فى القرية

قابل والدها والدتها بالصدفة. .. نظره .. لقاء .. حب .. زواج

ذلك الترتيب كأي قصة حب تقرأها لكن كبير العائلة رفض بالزواج فتاة من القاهرة .. و أمره بالزواج من ابنة عمه

ثار والداها ورفض لكن كبير العائلة لم يتزحزح عن قراره .. حاول أن يستميل معه بالعقل والهدوء ولكن كبير العائلة رأسه عنيده ..

ووقتها ترك القرية وذهب إلى القاهرة وتزوج من والدتها .. وتزوجت ابنة عمه بعمها توفيق لينجبا ذلك السمج مروان

قصة حب مكتملة من الخارج عائلة سعيدة رزقهم بطفلة ولكن والدتها تركته في منتصف الطريق ورحلت .. وبعد خمس وعشرون عاما أخبرها أنهم سيعودون القرية مرة أخري

- ندى

أفاقت من شرودها على صوت سارة وهي تهتف بحماس حاملة في يديها الكاميرا

- يا بنتي تعالي اخدلك صورة من الكاميرا الجديدة اللي جبهالي شهاب

شهاب ااه .. تود أن تقتلع عيناه بسبب نظراته الماكرة التي يرسلها إليها وسط أعين الجمع .. نفت برأسها

- لا يا سارة مش عايزة

نظرت إلي الصالة التي وجدتها فارغة .. هل شردت لتلك الدرجة لعدم شعورها بالوسط المحيط !
- هما كلهم مشيوا

غمزت سارة بعيناها
- مشيوا يا جميل من زمان انتي اللي سرحانة .. ها حب اقتحم الباب وخلع الشبابيك

ابتسمت ندى علي مزاح سارة
- الله يكون في عونه اللي هياخدك

ارجعت سارة خصلاتها للخلف
- ومتقوليش ليه هيكون من بخته انه هيتجوزني وبعدين مفيش جواز غير بعد ما اخلص الكلية

- لا ده انتي مخططة بقي

هزت برأسها إيجاباً

- طبعا اومال
قامت من مقعدها وهتفت بوداع محضتنه إياها
- طب انا هبقي نمشي بقي علشان متأخرش علي بابا سلام

بعثت سارة بقبلة في الهواء وهي تراها تتمسك بمقبض الباب

- مع السلامة يا حلوة
أغلقت ندي الباب لتخرج سارة هاتفها من جيبها تعبث برسالة قصيرة ثم تضع بهاتفها مرة أخري في موضعه وظلت تصفر بسعادة متوجهه نحو غرفتها .
.....................................
نظرت إلي ملابسها في الخزانة وهي تنتقي ما يلائم الطقس .. لقد أخبرتها الجدة بعد العشاء أنها تريد أن تتجول
حاولت أن تؤجلها الصباح لكنها رفضت وصممت على رأيها .. إرتدت ملابسها وهبطت الدرج لتقول للجدة التي انتظرتها منذ نصف ساعة بدون اي علامات الضيق او الملل

- هيا جدتي

- معذرة إلي أين تذهبان
صاح بها زين وهو يجدهم متجهين نحو الخارج ، ردت الجدة بهدوء

-سنتجول انا وليان قليلا فى الخارج

هتف ببرود
- في الصباح جدتي الساعة الآن التاسعة مساءاً

أغمضت ليان جفنيها .. هل سيتحكم الآن متي يخرجون ومتى لا

- هي نصف ساعة فقط لا أكثر ولن نبتعد عن البناية كثيراً.. هيا جدتي

صاحت بها بجمود وقامت بفتح الباب الخارجي .. استندت الجدة بيديها على مرفق ليان ..

كان الهواء منعشاً في الخارج بالرغم من جلوسهم في الحديقة المقابلة للبناية على أوامر السيد زين أن يجلسوا هناك ويجعل حارسان يراقبوهم عن كثب ..

- ما الذي تفكرين به جدتي ؟

- اريد ان ارى طفلا لكما يا جميلتي

شهقت ليان واضعة يديها على ثغرها
- جدتي ما زال الوقت مبكراً

ضربت بعصاها على الأرض مزمجرة بحنق
- الوقت مبكر بالنسبة لكما ولكن انا لا وقتي شارف على الأنتهاء

ربتت على كف الجدة بحنو
- ادامك الله العمر جدتي

ظلت تتمتم الجدة ببعض العبارات الحانقة بصوت منخفض .. إبتسمت ليان في خفوت بالتأكيد موجهه لها ..فضلت الصمت وهي تستمتع بذلك السكون الذي يغلف المكان .
..................................
- ندي من فضلك إسمعيني
توقفت عن السير عاقدة يديها على صدرها
- اتفضل قول

- مش هينفع وإحنا واقفين تعالي نقعد في مكان هادي

هزت رأسها نافية
- اسفه بس انا ورايا سفر بعد إذنك
أمسكها من عضدها مانعا إياها من الهروب
- ندى

نبرته وهو يناديها ذبذبتها .. لا تعلم كيف وافقت وأذعنت علي طلبه وهي تهز برأسها كالمسحورة بالموافقة
......................

كان صباحاً مملاً نوعا ما .. صعدت لغرفتها وهي تختلي بعض الوقت .. الجدة نائمة منذ الظهيرة .. حتى بعد مهاتفه عائلتها تشعر بالملل ..

أغلقت باب الغرفة وهي تزفر بحرارة .. تسمرت قدماها وهي تري علبة ضخمة تتوسط الفراش

إلتقطت ورقة صغيرة مكتوب بها خمس كلمات فقط " أريدك جاهزة في الساعة الثامنة "
جزت علي أسنانها بغيظ وهي تود أن تراه لتلكم وجهه الوسيم ذلك الذي يؤثر على سلامة قلبها

رمت الورقة بلا مبالاة على الارض وفتحت العلبة .. لتشهق بصدمة .. فستان أسود هل يمزح معها الآن !!

الفستان قبيح للغاية .. هل إمتلىء جسدها بعض الشىء

هتفت بها وهي تنظر إلى المرآه .. الفستان محتشم لكنه لا يخفي تفاصيل جسدها .. فستان قبيح والتي ترتديه أقبح

سخطت بجزع .. لن تذهب معه بذلك المنظر ابداً
لن يجبرها على الذهاب معه ..

فتحت الجدة الباب وهي تتمتم بسخط
- يا فتاة منذ ربع ساعة اناديكى

توقفت لبرهة وهي تنظر إليها اتسعت عيناها و شفتيها إبتسامة راضية

- ما ذلك الجمال يا فتاة
إلتفت ليان يمينا ويسارا وكأنها تقيم جسدها

- اين الجمال التي تتحدثين عنه جدتي ذلك الفستان إما قبيح أو أنه لا يليق بي

هتفت الجده بابتسامه
- لا جميل للغاية يبدو زين هو من أهداه لكِ

- ولما ؟

- زين يحب الألوان الداكنة ولون الأحمر والأزرق

إرتفعت حاجبيها بدهشة

- أحمر وأزرق ولما هما بالتحديد ؟

تمتمت الجدة ببساطة
- الأحمر لأنه لون أنثوي صارخ والازرق لأنها تشبه حدقتي عيناه هزت رأسها بلا مبالاة وهتفت بتساؤل وهي تبتعد عن أي محور خاص به لانها إن رأته تريد أن تزهق روحه بسبب ذلك الفستان

- إذا ما لون الحجاب الذي سأرتديه ؟

عقدت حواجبها بتفكير
- هل معك لون خزامي او وردي ؟ اتعلمين الخزامى يليق ببشرتك أكثر

- نعم عندي

تهللت أسارير الجدة
- رائع سأهاتف ليلي لكي تضع بعض المساحيق التجميل لتبدي فاتنة

- كلا جدتي لا يوجد داعي
ضربت بالعصا علي قدميها وهتفت بنبرة لا تقبل النقاش
- هيا جهزى أشيائك وسأهاتف ليلي

غادرت الجدة من الغرفة غالقة الباب خلفها .. لتشهق واضعة يديها على ثغرها .. يا إلهي ماذا تفكر الجدة ..هل تظن انه موعد ؟ تريديها أن تتزين له وترتدي ذلك الفستان القبيح !

كلا لن تذهب معه ليست هي كالبهيمة التي يجرها الراعي أينما شاء ووقتما شاء .

......................................
إنتهت ليلي من وضع اللمسات الأخيرة على وجه ليان لتهتف
- لقد إنتهينا .. سأقوم بتصوريك

تمتمت ليان بتساؤل

- ولما ؟

- لأنني أصور كل فتاه بعدما أنتهي من لمساتي وبما أن يوجد العديد من الفتيات المحجبات تأتي إلي صالوني ربما أعرض عليهم الستايل الخاص بك من يعلم ربما تصبحين موديل للمحجبات

هزت رأسها بتفهم ..لتهتف بتذمر ليان فهى منذ حوالي ثلاث ساعات رفضت ليلي ان تتطلع بوجهها إلي المرآه

- والآن هل لي أن أرى ماذا وضعتي علي وجهي

نفت برأسها نافية وهي تبحث بهاتفها عن طريقة حديثة للف الحجاب

- إنتظري تبقي فقط الحجاب سأحاول أن أفعل كما في الفيديو

امتنعت ليان وهي تشير بكفها
- دعيني أنا سأفعل والان هيا دعيني أنظر للمرآه

تأففت ليلى بضيق وهي تديرها إلي المرآة
- حسنا يا ايتها المزعجة

اتسعت أعين ليان صدمة وهي تنظر هيئتها الجديدة .. حقا مستحضرات التجميل غيرتها .. جعلتها فاتنة .. خصلاتها الفحمية المصفوفة بعناية ووجهها ! هل أصبحت جميلة لذلك الحد ؟ أم انها لا تعلم بذلك ؟!

هتفت ليلي غامزة بعيناها
- ما رأيك ؟

- رائع يا ليلي شكراً لكي

زفرت ليلي براحة وهي تغلق العلبة الخاصة بها ..نظرت إلى الساعة المعلقة على رسغها وهتفت
- يوجد نصف ساعة باقية على الموعد هيا اجهزي بسرعة حتى اقوم بتصويرك

هزت راسها بسرعة وهي تضع الحجاب علي رأسها بطريقة هادئة ولكن جذابة ..
- حسنا ما رأيك
هتفت بها عندما إنتهت وهي تنظر إلي ليلي التي كانت تتفحصها عن قرب
- رائع عزيزتي قفي عندك سأتي بالكاميرا

إلتقطت ليلي عدة صور لها .. هتفت ليان وهي تجد ألبوماً صور مفتوح موضعاً علي الفراش

- ما تلك الصور ؟

- اه إنه صور لأعمالي الجديدة ألقي نظرة

إلتقطت الالبوم بفضول وهي تقلبها بأعين مبتسمة لتشهق فجأه وهي تبعد الالبوم عنها
- يا إلهي أخبريني أن هذا ليس حقيقي

ضحكت ليلى بأستماع
- ماذا هل تخافين من الدم

انزعجت ليان وهي ترى ليلي لم تتوقف عن الضحك
- يا فتاه قلبي كان سيقف من الرعب .. ماذا سيكون رده فعلي وانا ارى شخص مقلع عيناه والآخر أحشائه تخرج من جوفه

ثم اشارت بصورة أخري
- وهذا الآخر الذي يشبه الزومبي

كانت ملامحها مقززة وهي تشعر علي وشك التقيؤ لتغلق الالبوم وتعطيها لها

هتفت ليلي
- ألم تسمعي عن الخدع السينمائية هذا هو يبدو حقيقياً أليس كذلك

- لكنك لم تخبريني من قبل عن ذلك الأمر

ردت بهدوء وهي ترجع خصلات شعرها الشقراء للخلف
- كنت أقوم به قبل زواجي ولكن كنوع من التسلية

انقطع حديث الفتاتان على صوت طرقات الباب .. دلفت الخادمة للداخل فور سماعها إلي صوت سيدتها
- سيدتي .. السيد زين ينتظرك بالأسفل

إرتفع معدل نبضات قلبها .. وهي تخشى الهبوط للأسفل ماذا ستكون ردة فعله .. هل سترى علامات السخط .. الإعجاب .. ام الجمود ؟!
- هيا يا فتاة إهبطي للأسفل وأنا متأكده أنه سيطير بعقله
............................................
ظل يزرع الأرض مجيئا وذهاباً .. يكره التأخير وخصوصاً تأخير النساء
هتفت الجدة برزانة

- ما بك ؟

هتف بجمود به يشوبه الغضب وهو ينظر إلي الدرج
- لقد تأخرت ربع ساعة حتى بعد أن صعدت الخادمة لا أعلم ما داعي لكل ذ...

قطع عبارته وهو يراها تهبط من الدرج .. يتفحصها بهدوء وتمعن

حتى نزلت الدرج وأصبحت في مواجهته

إنتظرته أن يتحدث أو يبادر بشىء يفعله .. لكنه لم يفعل سوي !!

ليست هناك تعليقات