إبحث عن موضوع

الفصل الثامن من " ويشاء القدر"💜

الفصل الثامن من "و يشاء القدر"..💙🌍

يا هذه الدنيا ما بكِ؟!
يا القدر ماذا تريد مني؟!!!
ألم يكفيك ما أنا عليه الآن..؟!
أليس ما مررت به طوال محياي كافيًا؟!
حجم الألم الذي يضمه قلبي الآن لن أستطيع وصفه بأي حرف أنطقه..
هناك ما يشتعل داخل قلبي و لا أستطيع إخماد حريقه
تعبت،تأذيت و دُمرت و لكني كنت أرى ما يكفي من التفاؤل لمثلي مرت بهذا كله..
من الآن فصاعدًا سأُسلم حياتي لك يا الله  أعلم أنني لن أضل طريقي لأنك أنت من ستخططه..
....
كانت ندى تناجي ربها في صلاة القيام و تبكي بحرقة على ما فعله الزمن بها و على كل ما مرت به في حياتها .... بالفعل الزمن مَر و لكنه مر عليّ ... مَر على قلبي و هشمه...لذلك لجأت إليك رباه لأنك وحدك بيدك صلاحه..
انتهت من صلاتها و جلست تقرأ القرآن و بعادتها الدائمة فتحت مصحفها على صفحة عشوائية ثم وضعت اصبعها على أحد الآيات ثم نظرت فكانت هذه الآية ..﴿فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُون﴾َ..
ظلت ناظرة لهذه الآية التي شعرت أنها جاءت بموعد محدد...بلى فنعم الموعد موعد مع الله..
ظلت تبكي و تبكي و هي لا تعلم هل تبكي على جبر الله لها؟!
أم تبكي على حالها و عدم حسن ظنها بربها؟!
لا تعلم..
كل ما تعلمه الآن هو أنها بخير...بخير فقط..
***********************
كان ياسين يتحدث مع إيمان عبر الهاتف و يقول لها بحُب:وحشتيني يا إيمان والله و وحشتني اللمة معاكي يا أختي
ربنا يجمعنا على خير يا حبيبتي
قالت إيمان من بين دموعها باشتياق:يا حبيب قلبي يا ياسين والله في أقرب وقت هتلاقيني عندك و كمان هجيب معايا محمد و بلال
صمت محمد لبرهة و ذُهل أيضًا في نفس الوقت فلاحظت إيمان صمته فقالت من الجانب الآخر مستفهمة:في ايه يا محمد؟!
إنت سامعني و لا لاء؟!
قال محمد بتعجب محاولًا ضبط أعصابه:بلال مين؟!
قالت إيمان بتعجب هي الأخرى:بلال ابني يا ياسين في ايه؟!
تصنع ياسين الضحك و قال مداعبًا:مش تقولي يا أخت إيمان ان ابنك اسمه بلال أصل أنا بحب الاسم ده أوي
قهقهت إيمان بصوت عالٍ و قالت من بين ضحكاتها:والله يا ياسين إنت صعب و عادتك دي مش هتبطلها توقفلي قلبي و في الآخر تقول حاجة هبلة
ضحك ياسين بكسرة و قال في محاولة منه أن يواري حزنه:طب تعالي بقا بسرعة و هتشوفي الدويتو اللي أنا و سمية بنعمله
ضحكت إيمان مرة أخرى و قالت:هاجي بإذن الله على يوم السبت أنا أصلًا كنت مكلماك علشان أقولك
قال ياسين بابتسامة عريضة:بتتكلمي بجد والله يا إيمان هتيجى يوم السبت الجاي ده الجاي؟!!
ضحكت إيمان و قالت بسعادة:أيوة والله السبت الجاي
قال ياسين بفرحة كبيرة و الابتسامة فازت بالحصول على معظم وجهه:فرحتيني يا إيمان والله ربنا يكرمك
قالت إيمان و قد اغرورقت عيونها بالدموع:يا حبيبي يا ياسين بإذن الله هانت أهو بقالنا أكتر من عشرين مشوفناش بعض و من يوم ما سافرت أنا و أهلي القاهرة و سيبنا اسكندرية و كمان اتجوزت هنا و اتلهيت بعد الجواز في حوار إني مبخـ.....
توترت للحظة ثم قالت بعدما تنهدت بوجع:بجد واحشاني اسكندرية أوي
لم يلاحظ ياسين كل هذا لأنه كان يسترجع ذكرياتهما معًا
يسترجع كيف كانا مقربين من بعضهما البعض،كيف كانت تتحمله حتى في أتفه مشاكله
و يتذكر كيف كانت تستمع لأوجاعه حتى و لو هذا التوجع يصدر من إصبعه الصغير..
و نعم الأخت أنتِ يا إيمان
تذكر كل هذا ثم قال لها بحنين و شوق:والله يا إيمان وحشتيني يا أجمل أخت في الدنيا
حظي حلو إن إحنا نرضع سوا علشان تكوني أختي و ربنا مَن عليا بيكي يا حبيبتي
قالت إيمان و قد استشعرت كمّ الحزن الذي يحتضن قلبه كسابق عهدها:مالك يا ياسين؟!
ضحك ياسين و قال بألم:تعباااان جدًا يا إيمان والله
لما تيجي بقا و ندردش كتير بإذن الله
إيمان بنصف إبتسامة:إن شاء الله
*********************
كانت سهير تتحدث مع هذا الرجل الذي يهددها بفضح فعلتها المشينة من السنين الكثيرة التي مضت..
فقد قللت من الأموال التي تعطيها له عن السنوات الماضية فهددها بـفضحها..
إنت يعني بتهددني يا سامي؟!
كانت هذه سهير تتحدث بنبرة عالية و متوترة لهذا الرجل حتى أنها فتحت الصوت الخارجي للهاتف لأنها لم تعد قادرة على التحكم في أعصابها
فقال سامي مهددًا بكل ثقة:بصي يا مدام سهير إحنا متفقناش على كده والله
في الأول خالص يوم الخطف منكرش إن إنتِ كرمتيني آخر كرم بس العيال كبرت و المصاريف زادت عليا أوي و إنتِ...حضرتك يعني بقيتي بتقللي مرة بعد مرة وكنت بسكت علشان خاطرك بس زودتيها والله
كانت سهير متوترة لأبعد حد فقالت بصوت مهزوز:ماشي يا سامي هقابلك بكرة أعطيلك المبلغ اللي طلبته بس متتصلش على البيت تاني
ضحك سامي بانتصار و قال:ما إنتِ يا مدام اللي اضطرتيني أعمل كده بس يلا سماح المرة دي
أغلق سامي الهاتف و هي ظلت تتحدث مع نفسها و تقول بصوت عالٍ بعدما تنفست الصعداء:كانت فكرة إيه الهباب دي اللي خلتني أرتكب جريمة تفضل معيشاني في القلق ده كله؟!
كانت تتحدث و لا تعلم بأن هناك من يسمعها من أول حديثها
نظرت لها تلك العيون المراقبة باشمئزاز ثم رحلت
**********************
و هل يكفيك صوت دمي و قد نادى عليكي أنا؟!
و هل يكفيك دمع الشوق في الخلوات ما سكن!!
تعبت من النوى المُزرق في قلبي الذي احتقن
و أنتِ هناك لا تقوي على إخفائك الحزن
كلانا عاش غربته و أرسل دمعه شجنًا
كلانا ذاب في حرفين من تعبين ثم ونا
كلانا يعرف الرجفات في الأضلاع و الوهنا
كلانا اشتاق فوق الجمر كي يعبا اللقاء لنا...
كلانا ضل موطنه و لاقى في "الأنا" وطنًا
فيا حبي الذي أشتاق عُد قلبي الطريح هنا
..
كان بلال يدندن هذه الأنشودة و هو غارق في بحور من الألم و الاشتياق و الدموع أيضًا..
ظل يردد الجملة الأخيرة و هو مجهش بالبكاء "فيا حبي الذي أشتاق عد قلبي الطريح هنا"!!
كانت إيمان تسمع أنين ولدها و قلبها يبكي عنه..
هل ترك ماضيك هذا الأثر بك يا ولدي؟!!
تتذكر يوم ما وجدته على الطريق يمشي وحيدًا و يبكي......
*فلاش باك*
محمد بحزن شديد:مش هتبطلي عياط بقا يا إيمان؟!
ده إحنا من ساعة ما خرجنا من عند الدكتورة و إنتِ بتعيطي
قالت إيمان من بين دموعها:كنت مفكرة إن الإحساس الحلو ده معناه إن ربنا هيكرمني خلاص و كمـ...
قاطعها محمد بحدة و قال بنبرة معاتبة:ما هو فعلًا ربنا كارمنا يا إيمان و أنا معاكي و إنتي معايا
ربنا مش بيعمل أي حاجة وحشة ربنا عارف فين المصلحة لعباده
يا إيمان إنتِ متعرفيش الخير فين و لا ميعاده إيه و غير كده إحنـ.....
صرخت إيمان مقاطعة:حاسب يا محمد هتخبط طفل....
توقف محمد بسرعة حتى لا يؤذيه ثم نزلا من السيارة و ذهبا له فقالت إيمان بلهفة و خوف:حصلك حاجة يا حبيبي؟!
نظر لها بلال بحزن كبير ثم انفجر بالبكاء
احتضنته إيمان و قالت بخوف:مالك يا ابني إنت كويس؟!
قال بلال بحزن طفولي:أنا مش كويس أنا زعلان أوي
الملجأ اللي كنت فيه اتحرق و كان ليا صاحبتي هناك سمعتهم قالوا إنها ماتت بس أنا مش مصدق أبدًا إن ندى ماتت و سابتني ندى صاحبتي و أختي
هربت لما سمعتهم قالوا كده لإني مش هعرف أقعد هناك من غيرها
اغرورقت عيون محمد و إيمان بالدموع فأى طفل هذا يتحدث بهذا الأسى؟!
قال محمد بعد تفكير دام لدقائق:طب تيجي معانا البيت عندنا و نبقى إحنا باباك و مامتك و صدقني مش هنسيبك أبدًا
و إحنا صدقني هنعاملك كويس و كمان مش عندنا أولاد يعني هتكون ابننا الأول و الأخير
حملقت إيمان به و قالت بعدم تصديق لما سمعته الآن:بتتكلم بجد والله يا محمد؟!
قال محمد بابتسامة:أومال بهزر ياختي
و بعدين ما يمكن ده كرم ربنا هنزيحه إحنا من طريقنا يعني؟!!!!
ضحكت إيمان بشدة و قالت لبلال و هي تحتضنه:من النهاردة أنا ماما قولي يا ماما
مامااااا يا أميييييي
أفاقت إيمان من شرودها على صوت بلال يناديها و يقول أيضًا:بقالي ساعة بنادي يا حاجة ماما إنتِ كويسة؟!
واقفة عندك كده ليه تعالي ادخلي هنا
ضحكت له إيمان و دلفت لغرفته بعدما كانت واقفة عند الباب فقال لها بابتسامة و لكنها لاحظت أنها ابتسامة مزيفة يشوبها الحزن العميق الذي يضر ولدها و لا ينفعه
قالت بتفهم له:لو نصيبك هي هتلاقيها يا بلال حتى لو كانت في آخر بلاد المسلمين
ابتسم بلال و هو يحاول إخفاء حزنه:صدقيني يا ماما أنا خرجت الموضوع من دماغي خالص أنا خلاص خدت قراري يا حبيبتي
ضحكت إيمان و قالت مداعبة:يا ولا يا بلال ده أنا اللي ربيتك آه مش أمك اللي ولدتك بس أنـ...
قاطعها بسرعة و قال معاتبًا:الله يصلح حالك يا أمي هو ايه الكلام ده؟!
الأم اللي تربي مش اللي تولد يا ماما
و إنتِ أمي اللي بجد ماليش غيرها و بابا كمان
ربنا اللي يعلم إنتِ مكانتك إزاي في قلبي
ربنا يحفظكوا و يحميكوا ليا و يديمكوا نعمة في حياتي
ابتسمت إيمان بشدة و قالت بفرحة:ربنا ما يحرمنا منك يا حبيبي
عندي ليك خبر بس بصراحة مش عارفة هيعجبك و لا لاء
قال لها بلال بابتسامته الصافية:اتفضلي يا ماما و أي حاجة منك أكيد هتعجبني
ردت إيمان له نفس الإبتسامة و قالت:ربنا يعزك يا ابني
أنا لما كنت صغيرة كان ليا أخ في الرضاعة و اتربينا سوا و كنا بنذاكر سوا و كل حاجة و كنا جيران و بنروح و نيجي سوا كمان عوضني عن الأخ الحقيقي كمان بس أول ما خلصت ثانوي نقلت أنا و أهلي للقاهرة و اتجوزت هنا و مسافرتش اسكندرية تاني خالص
بالصدفة من فترة لمحت عربية نقل شركة مكتوب عليها اسمه و اسم أخوه و رقم موبايله فكلمته و أنا مش متأكدة هو و لا لاء
بس طلع هو و بقالنا فترة رجعنا اتكلمنا تاني و أنا و باباك اتفقنا نروح نزوره هو و أهله يوم السبت بإذن الله و نقعد معاه كام يوم و عاوزينك معايا يا حبيبي و متقلقش أنا عرفتهم إنك هتروح معايا كمان
ابتسم بلال و قال بعدم أريحية:والله أنا فرحان إنك هتقابلي أخوكِ بس أنا مش عارف ينفع أجي معاكوا و لا ايه؟!
لاحقت عليه بالرد و قالت:أكيد يا حبيبي ينفع طبعًا
ابتسم بلال و قال بحنان:بس كده؟!
من عينيا ده أنا أعمل علشانك الحلو كله يا جميل
سمعا صوت محمد يقول مازحًا:اديني حنان م اللي أنا مش حاسُه بقالي زمان
ضحكوا معًا بشدة ثم قالت إيمان بحُب:ربنا ما يحرمني من لمتكوا ياااا رب

ريهام_يحيى

ليست هناك تعليقات